الملشنة وخيارات الدولة المتاحة

تستخدم البكتيريا جسد الإنسان كحاضنةٍ تقيم فيه؛ وتنشأ عليه مستعمراتها ، وتتغذى منه ، بينما توفر حرارته المافوق 38 دْ بيئة مثالية لبقائها على قيد الحياة. وهذا يشبه إلى حد ما حال الحوثي والدولة . فالحوثي اخترق الدولة الضعيفة وحولّها إلى حاضنةٍ مثالية لنمو وازدهار مشروعه التسلطي ، والمعرفة الطبية الخالدة تقول : (كلّما أزدهر الجرثوم البكتيري أزدادت معاناة الجسد ، وأنخفضت مقاومته ، وتناقص عمره الافتراضي) . والعلاج المتوفر الوحيد بحسب إمكانات العلم المتاحة تكمن بمد الجسد بالمضادات الحيوية التي تعمل كمحفّز للجهاز المناعي المناط به مقاومة الأجسام الغريبة ، ومهاجمتها ، والقضاء عليها.  فالدولة هي الخيار المتاح اليوم والممكن الوحيد للانتصار على الملشنة والتطييف؛ وما لم يتم حقن اوردتها بالأدوية الفعّالة وبشكل منتظم فإن فنائها حتمية لا مفر منها . فالدولة مؤسسات مدنية وعسكرية نظامية ، واقتصاد نظامي ، ومجتمع منظم ، وعلاقات بالخارج الاقليمي والدولي محكومة بالنظامية.. بينما الحوثية حشودٌ ومجاميع غير منظمة ، واقتصاد عشوائي تديره مافويات عنفية وانتهازية ، ومجتمع محتقن مفكك الوصال ، وعلاقات خارجية تندرج في اطار التبعية . وللبدء عملياً بهزيمة الحوثيين يجب تعزيز النظامية والانتظام داخل مؤسسات الدولة ، وتعزيز كفائتها وأداء العاملين فيها من خلال إعمال معايير الكفائة والنزاهة في التوظيف والتعيينات ، وتفعيل مبادئ المراقبة والمسائلة والشفافية ، والتدريب والتأهيل المستمر لتحسين اداء كوادرها الوظيفية وصقل قدراتهم . فالانتظام مقابل الفوضى ، والمؤسسية مقابل الملشنة ، والكفائة مقابل التحاصص ، والشفافية مقابل الخداع ، والمسائلة مقابل الاعتساف القسري. وهكذا يمكن للدولة ان تضع قدما اولى في الطريق الصحيح نحو النصر، وتضييق الخناق على المليشيات يوما بعد اخر حتى تستعيد الدولة عافيتها ،وتستأنف الحياة من جديد.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص