تعز .. بين وهم المشروع الوطني وحقيقة نفير العصبويات القاتلة

كان الإنسان التعزي كتلة حقيقية للمشروع الوطني المتجسد على الأرض ، وكان يمثل انتماء لا تحده جغرافية ، ولا تتجذر فيه العصبويات الصغيرة ، كان نموذجاً راقياً للوحدة الوطنية ، وسفيراً مفوضاً للمدنية ، ووجهاً حضارياً لثقافة التعايش والسلم .

بينما كانت عصبويات الشمال بوجهيها القبلي والطائفي تتضح وتبسط نفوذها على حساب هذا التعزي المخدر بوهم الوطنية والدولة الجامعة والشراكة التي كانت تتجاوزه وتختزل ذاتها في قالبها العصبوي ، لم يكن التعزي يومها يتحسس من تراكم مظلومياته ، ولا يتخندق في مواجهة الخنادق المستحوذة على السلطة والثروة ، وكان دائماً -كعادته في التضحية- يقبل الموت في الهوامش بصمت .

وعندما تحسس التعزي أوجاعه ، وحاول الرفض كمدني ، شاهراً صدره العاري في وجه سلطة العصابات ، وفاتحاً نار حنجرته في وجوه أفواه النار ، كان يسقط مضرجاً بدمه وسلميته ، بينما تزداد تركة الحقد العصبوي عليه ، وتوغل في توحشها تجاهه .

وها هو التعزي المخدوع بوهم الدولة الزائفة ، والمنكوب بالوطنية التي لم تخرج خطابات الخدر ومرابع النفير القبلي ، يجد نفسه محاطاً بتركة كبيرة من الحقد ، ومحاصر في هويته التي كان يعتقد التخلص منها من أجل الوطن الأكبر تضيق عليه ، وتفتح عليه عدادها العصبوي القاتل لتصفيته ، لم يعد لديه من خيار غير مواجهة كل هذا النزق القاتل المتربص به عند باب بيته المفتوح دائماً للحب والحرية والحرية ، أو الموت تحت عجلات عصبوياتهم.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص