تعز الفرصة التائهة!
   حتى الآن، لا توجد أي مؤشرات عملية، باتجاه تحرير تعز، ولا يبدو أن لدى الشرعية والتحالف خطة واضحة بشأن تحريرها، وما يحدث أن هناك تردد كبير فيما يتعلق بتخليص المدينة من وضعها المأساوي، وهذا التردد هو ما يجعل مسألة "تحرير تعز"،  ترواح مكانها.
  هذا التردد ليس بسبب أن الشرعية والتحالف لا يدركان أهمية تعز الاستراتيجية، وأنها سياسيا وعسكريا هي نقطة حسم المعركة مع الانقلابيين، ولكن للأمر علاقة بحسابات سياسية معقدة، داخلية وإقليمية ودولية، ويمكن القول أن العامل السياسي هو العائق الأبرز أمام تنفيذ الرغبة بتحرير نهائي للمدينة.
  الضغوطات الدولية على التحالف العربي، واضحة، وتعتقد القوى الدولية أن تحرير تعز معناه انتصار كبير للشرعية على الانقلابيين، والسياسة الدولية تتحرك باتجاه تسوية مبنية على "توازن الضعف"، بمعنى أن تخرج جميع الأطراف متساوية في ضعفها العسكري، لتقبل بعد ذلك خطة المساواة في أي تسوية سياسية، ولذا نلحظ أن التسوية السياسية الأخيرة التي يتجول من أجلها ولد الشيخ، مبنية على هذه الفكرة.
  للقوى الدولية حساباتها، لكن هذه الحسابات تضر في النهاية ليس فقط وحدة اليمن، ولكن أيضا استقرار الخليج وفي المقدمة السعودية والامارات، وتدرك السعودية والامارات هذا الأمر، ولكن في تقديري تحاولتان تفادى تلك الضغوط الدولية، بالتعاطي المرن مع رغبات المجتمع الدولي، وفي ذات الوقت التحرك العسكري البطيء لتحرير تعز، لكن ما يجب أن يدركه التحالف والشرعية معا، أن هذا التحرك البطيء أضحى أمر مقلق وخطير.
  لقد أثبتت كل الأحداث الجارية في العالم، أن المجتمع الدولي لا يؤمن إلا بقوة ما يجري على الارض، وهو يتعامل مع من ينتصر في أي مع معركة، وعلى الشرعية والتحالف إدراك هذه الحقيقة، وأن حسم تحرير تعز، هو العامل الوحيد الذي يضمن قوة التفاوض السياسي، ويحقق تبدلات في المعركة الدبلوماسية مع ايران.
 معركتنا الرئيسية مع إيران، وأول انتصار ضدها لوقف تدخلاتها في العمق العربي، هو تحرير تعز، فتحريرها يعني حماية للأمن المائي العربي في البحر الاحمر، وفي ذات الوقت يشكل انهيار معنوي كبير لحلفائها  الانقلابيين، وهذا الانتصار سيضمن ضعف الموقف الإيراني، في كل ملفات الصراع معها في الوطن العربي.
  هناك مثل عربي شهير، مفاده "طولها تطول قصرها تقصر"، وأعتقد أن على القيادات السياسية في الشرعية والتحالف،  إدراك أن التعجيل بتحرير بقية أطراف المدينة، نقطة قوة لا يستهان بها، كما أن التأخير نقطة ضعف لن ينفع الندم بعد ضياعها، وليس لصالح الأمن القومي الخليجي أن تكون الشرعية في موقف ضعيف سياسيا، لكونها تمثل سيادة اليمن، ومعنية بالمساهمة في حماية الأمن الخليجي،  ولكون الطرف الانقلابي جزء من السياسة الإيرانية، التي هددت وما تزال، الأمن العربي.
  كل ما يمكن قوله، أن تحرير تعز، هو الطريق إلى أي حل يضمن أمن اليمن وسلامة الخليج، وكل الطرق السياسية والعسكرية تبدأ من تعز، وتعز كانت ومازالت هي الفرصة الحقيقية لبدء تحرك عملي لتحرير اليمن والوطن العربي من النفوذ الإيراني، وهو نفوذ يتم حاليا عبر وكلائها، ولكنه غدا سيتم بيدها المباشرة، إذا لم يتم العمل على هزيمة وكلائها، وفي مقدمتهم الحوثيين وصالح. نعم، تعز هي الفرصة، ولكنها حتى الآن فرصة تائهة.
 
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص