مركز الأطراف في تعز الإرادة والتحدي في مواجهة الحرب (تقرير )

في أخر تقرير لها عن معاقين الحرب في اليمن قالت منظمة الصليب الأحمر الدولية أن الالاف فقدوا أطرافهم منذ بدء النزاع منذ بداية النزاع في عام 2015وحتى مايو/ آيار 2016 ،  حيث  تفيد التقارير في واقع الأمر أن عدد الأشخاص المصابين بإعاقة قد بلغ 6,000  شخص أغلبهم بسبب انفجار أو لغم أو طلقة نارية.

وتظل الحكاية مستمرة مع زيادة استهداف المدنيين من قبل المليشيات الإنقلابية التي تقصف الأحياء والمنازل السكنية بشكل عشوائي ومن لم يمت بالقذائف كان له نصيب من الإعاقة .

لكن القذائف الموجهة لم تكن وحدها الفاعل الحقيقي بل تبقى مشكلة الألغام هي المشكلة الحقيقية التي باتت تؤرق الكثيرين وهو ما يعني استمرارها لما بعد الحرب ، حيث عملت المليشيات الانقلابية على زرع الألغام الفردية في كثير من المناطق التي تقع تجت سيطرتها وبمجرد انسحابها منها أو تحريرها يجد المدنيون مشكلة كبيرة في العودة إلى مناطقهم التي هجروها أو هجروا منها .

يظل لتعز نسبة كبيرة من الإعاقات التي خلفتها الحرب والتي لا تزال في أوج اشتعالها  بما ينبئ بقادم مخيف وهو ما استدعى عدد من الناشطين والناشطات في مدينة تعز لتبني مبادرة" لن نقهر "لدعم إعادة تشغيل مركز الأطراف الصناعية في مستشفى الثورة لمساعدة ذوي الإعاقات حيث أطلقت المبادرة حملة عبر مختلف الوسائل الإعلامية وصفحات التواصل الاجتماعي وحظيت بإسناد مجتمعي رغم أنه لم يصل للمستوى المأمول بسبب الظروف الاقتصادية بالإضافة إلى الحصار المفروض على المدينة منذ ما يقارب العامين من قبل المليشيات الإنقلابية .

موقع المركز وإعادة تشغيله :

يقع مركز الأطراف الصناعية في هيئة مستشفى الثورة، حيث يتألف المركز من جزئيين  أساسيين جزء مختص بالأطراف الصناعية وجزء لإعادة التأهيل الطبيعي.

توقف المركز عن العمل منذ سنتين مع بداية الحرب التي شنها الإنقلابيون على المدينة وإن كان قبلها يعمل إلا أن عمله لم يكن بالمستوى المأمول بسبب إهمال الجانب الحكومي للمركز رغم أهميته .

وكشفت الحرب الأخيرة أهمية إعادة تشغيل المركز مع بروز ظاهرة الإعاقة لأسباب ناجمة عن الحرب وهو ما أستدعى قيام مبادرة " لن نقهر " المخصصة لإعادة تشغيل المركز بعد حملة إعلامية لجمع تبرعات تساعدهم في تشغيله بعد أن دمرت القذائف التي أطلقتها مليشيات ( صالح / الحوثي ) أجزاء كبيرة منه وساهم عدد من الأفراد من داخل وخارج الوطن في دعم تلك المبادرة التي بدأت بترميم المركز وافتتاحه في العاشر من مايو / أيار منتصف العام الجاري .

الحالات التي استقبلها المركز :

بلغ عدد الحالات المستفيدة من خدمات المركز منذ إعادة تشغيله حتى اللحظة حسب الاحصائيات التي حصلنا عليها 2000 حالة حيث بلغ عدد المستفيدين من خدمات الورشة الخاصة بقسم الأطراف الصناعية  بإجمالي 948 حالة توزعت على أطراف صناعية فوق الركبة بعدد 35 لجرحى الجبهات و13 حالة أخرى ، وأطراف صناعية تحت الركبة بعدد 28 لجرحى الجبهات و2 حالات من غير الجبهات ، فيما كانت عدد الحالات التي استفادت من الأجهزة الساندة من الجبهات 13 حالة و20 حالة لمواطنين أخرين ، فيما بلغ عدد الحشوات المتنوعة 36 حالة للمواطنين ، وكانت عدد الجبائر بأنواعها 125 حالة للجبهات و90 حالة أخرى للمواطنين ، دينيس براون 20 حالة للجبهات و15 حالة للمواطنين ، أما السمو (smo) فقد بلغ المستفيدين منها 88 مصاب في الجبهات و24 حالة من المواطنين ، فيما بلغ عدد الحالات المستفيدة من العكاكيز 190 حالة للجبهات و 23 حالة للمواطنين ، وتم توزيع 16 حالة قدم للمواطنين وترميم 210 حالة .

أما قسم العلاج الطبيعي فقد لغت عدد الجلسات 6300 جلسة علاج طبيعي لعدد 4000 رجل  بنسبة 64% و 820 امرأة بنسبة 13% و 1480 طفل بنسبة 23 % .

 

إمكانيات المركز :

ويشمل القسم الأول من المركز قسم  الأطراف الصناعية والذي يحتوي  على المعدات اللازمة للقياس والقولبة وصنع الطرف وتركيبه، كما يوفر لصاحب الطرف التدريبات اللازمة للحركة وإعادة مزاولة حياتهم بشكل طبيعي جداً وبدون أي مشاكل.

كما يقوم القسم  أيضاً بعمل جبائر داعمة لمساعدة الأشخاص الذين لديهم قصور في عمل العضلات.

 تقول أم تناهيد بهذا الصدد (وهي فتاة ذات الـ 15 ربيعاً، مصابة بقصور العضلات" أشكر الله على إعادة فتح هذا المركز فلقد تمكنت ابنتي مبدئياً من الحركة بعدما كانت طريحة الفراش "

أما القسم  الآخر من المركز وهو قسم إعادة التأهيل الطبيعي للمرضى لذوي الإعاقات الجسدية طبيعياً أو بسبب حادث أدى إلى أعاقته، ولمرضى الضمور وغيرهم ويقوم بعمل جلسات علاج طبيعي تمكنهم من تحريك أطرافهم بعد أن فقدوا الأمل نهائياً بذلك.

لكن تظل مسألة الأطراف التي يقوم المركز بتصنيعها أو يقدمها للمريض ذات إمكانيات بدائية ولم تعد ذات استخدام في العديد من الدول وهي مشكلة يواجهها المركز حيث تسمى الأطراف التي يقدمها المركز ما يعرف بأطراف الدول النامية في حين صارت الأطراف الحديثة  (هيدروليك أو ذاتية الحركة)، حيث يقول الدكتور منصور الوازعي قائلاً "تعتبر هذه الأطراف بدائية ولا تستخدم في بعض الدول، حيث أنها ثقيلة الحجم وغير عملية كما أن مفصل الركبة الصناعية لهذا الطرف يحتاج إلى تأمين عند الوقوف وإلى جهد لثنيه عند الجلوس وبزاوية محدودة كما أن القدم المتصلة به ثابتة وغير حركية بينما الطرف الحديث يحاكي الطرف الحقيقي من ناحية الخفة والحركة والانثناء بالدرجة الطبيعية عند الجلوس".

ويضيف أنه قد تم توفير أربعة أطراف حديثة لأربعة أطفال بدعم من بعض الأشخاص ونأمل وصول 20 طرف آخر خلال الفترة القادمة كما توعد مدير شركة أوتوبوك الألمانية في السعودية بإيصالها عن طريق مركز الملك سلمان الخيري.

ويلتمس بذلك عصام البتراء أحد رؤساء المبادرة، حاجة المرضى لأطراف حديثة وخصوصاً الأطفال الذين من الصعب عليهم أن يركضوا ويمارسوا حياتهم كبقية الأطفال الطبيعيين بهذه الأطراف التي تعادل ضعف وزن أجسادهم، ويقول أيضاً "نحن لا نطالب بتسفير مبتوري الأطراف إلى خارج البلد لتقام لهم العملية ويصنع لهم الطرف ثم يعودوا دون إجراء بقية الخطوات اللازمة، فالمريض بحاجة للقيام بالتمارين اللازمة لتسهيل عملية التعامل مع الطرف كما يحتاج لصيانة الطرف كل 6 أشهر، ويعتبر من غير الممكن سفر المريض كل 6 أشهر لخارج البلد للقيام بذلك، خصوصاً للأعداد المتزايدة يومياً بسبب الحرب".

ويوضح البتراء بأن المركز معد تماماً لمرحلة ما بعد الطرف الصناعي وكل ما يحتاجه المركز هو الدعم بأطراف صناعية حديثة من النوع الألماني (هيدروليك) من قبل منظمات دولية أو محلية، كما يطالب هو وأطباء المركز من إعادة صرف الميزانية التشغيلية للمركز كحق لضمان بقاء المركز مفتوحاً لإعادة رسم البسمة على مبتوري الأطراف وعلى فاقدي الحركة مجدداً.

ورغم الإمكانيات البسيطة التي يقوم عليها المركز إلا أنه مثل بادرة أمل طيبة في محافظة تشكو ويلات الحرب والحصار  لكنه ما زال  بحاجة ماسة إلى حملة دعم ومساندة شعبية وحكومية وأيضا بحاجة إلى دعم المنظمات الدولية العاملة في هذا المجال وهو ما يستدعي تضافر الجهود للوصول إلى ذلك .

 

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص