المحويت.. دهشةٌ شاردة في حضرة الغيم!

 توحَّد بها: صدام الزيدي   نتيجة بحث الصور عن صدام الزيدي

           

من فيض اللهفة كل الطرق تؤدي إلى معالي شهقتها، عناقها الطويل لا يتعثر حتى وإن تكسحت الدروب. يشيرون إليها صلاة نسائم حانية، يقولون: (محويت) عشقاً، فتحنو على سعيهم برقصٍ ضبابيٍ أنيق يغازل، مغرورة من (سبأ) في الأعالي، انخطافة دهشة ولمّا يراودها (البساط أخضر) تطل سحاباً من الزرع والغيم، لها ألف سحر ولغز وحصن الخرافة ينثر ألوانها في الفضاء حيث ارتحال الحضارات.

نتيجة بحث الصور عن مدينة  المحويت

نهاراتها مذاق الحنايا معفرة بالرجاء.. عروس ذاهلة تحت أهدابها، أما الأماسي سماواتها، فتلك نشوة عشاقها والأغاريد مأخوذة بالخفقان، إذا التمعت لعناق ذراها القلوب.

يجيئونها من كل صوبٍ زيارة فوج حبيب وملتاع، وفي مقلتيها ارتحالات (مصنعة) ومرأى التباريح مجتثة من دم الود، سافرة الوجنات، فاتنة الحيد والشعاب المعاريج.

 

هوسٌ من هناك:

من هناك، من تماسات النيل، تبعث صديقتي الشاعرة ابنة الجيزة: عبير يوسف، فيض أمنية أن تعانق يوماً نسائم تلك البلاد البعيدة في خاصرات أقاصي الجزيرة ضمن خارطةٍ للعروبة والحب. تقول: بودي أزور السعيدة وتلك الجبال / المحويت. أقول لها: فاتك النصف من عمر شاعرةٍ.. تعالي فراعين عشقٍ وودٍّ، هنا غيمة القلب وارفة، وفي معطيات السهوب بقايا دويلات " أقيان", وصايا اليمانين تحصيناتهم والبراعة باقية, ثم يذهب كلانا إلى صفحة "الفيس بوك" منهمكاً وتبقى الأماني مشاريع ارتحالٍ تجيء..

كثيرون شدَّوا متاع القريحة على رحلها اللحظات وديعة، في أفقهم متعة الغيب تجري بأروقة للجماجم موعودة بعناق مع الغيم والقرية التي طلعها "يعفري" وفي صخرها نحْت "مقبرة" حنّطت أهلها بعض شكرٍ ومكنوزة للسنين.

منذ "باسمةٍ" وأغنيةٍ "عدنية" في الصباح المثير، يطل الأثير ليلقي على الناس تحايا الهتافات ألقاً وسياحة وطن كبير، والخطاب: برنامج في الصباح اليماني: "يسعد صباحك يا وطني" يكون الموعد " أربعاء" المودة، حين يرسل ثلاثتهم: (منصور سيف سعيد- أيمن أمين- لولا محفوظ) محبتهم والحبائل صوت مخضرم ومذيع .. يلقون تحيتهم هياماً إلى مطلعٍ في البلاد العجيبة، يصُبُّون كؤوس اشتياقاتهم على أن تكون التفاصيل أهزوجة تتجول وتروج للباذخة "المحويت"، لهم ودّ هذي المِراح/الذرى، لهم عشق هذي العشيقة "محويت"، المدهش في حكاية شوق الأثير الذي من هناك يغني لمعشوقة في الرذاذ الضبابي, أنهم, أصدقائي، ما احتضنتهم بعد " محويتهم".. سيأتون يوماً لإشباع شوقهم الشعائري ضمن " رحلة الصيف"  إليها. 

نتيجة بحث الصور عن المحويت الزكاتين

 

قبلة الأدباء والسائحين

على بُعد محبرةٍ من رؤى الفيض، تحتفظ محافظة المحويت -بوصفها المكان الاستثنائي الحميم-  بعلاقة مفصلية مع العشرات من كبار الأدباء والكتاب عرباً وعالميين وتكتب في مدونتها الجبلية التناغمية الزرقاء انطباعات ما يلتمع في النواصي، وفي البدء: "مدونة الضوء", هكذا أتهجى أيقونتها, من وحي تفاعلية الذاكرة العظمى لشاعر اليمني الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح أول عشاقها وآخرهم بانفعال.

 وليس بالعشق العادي والعابر ذاك الذي تدفقت لنهمه شاعرية السوري العربي الكبير الراحل: " سليمان العيسى" حين تواصل معها محبة وقصائد فصار واحداً من مجانينها ومن بدائعه فيها مطولة شعرية تبدأ عند " على الذرى المحويت هائمة تبيتُ" ولا تنتهي في الفؤاد الشريد!

نتيجة بحث الصور عن مدينة  المحويت

مناخ ومسافات

" المحويت ": المدينة العاصمة لتسع مديرياتٍ تترامى ترافة وجمال ملحمي أخضر، تتكأ زمناً شمال غرب العاصمة (صنعاء) على بعد (111) كيلو متراً فيما عن سطح البحر تعلو إلى ذروةٍ مسافاتها (2100) متر تقريباً..

وهي المحافظة اليمنية المسافرة أصالة ونزهة لا يملّها الآتي, تتناثر معلقاتها والحصون البديعة على مساحة مجموعها (ألفان) و (330) كيلومتراً مربعاً يتعايش على مراتعها البهلوانية أكثر من نصف مليون نسمة، بنسبة نمو سكاني تقول مؤشرات الإحصاء التعدادي للعام 2004 إنها (83، 2%) , ويشتغل الأهالي في مديريات محافظة الضباب والسلام اليمني في نسبة كبيرة منهم تراوح الـ(80%) في الزراعة والرعي كنشاطين رئيسين وكأنهم يتطوعون منذ أجيال غابرة في مبادلة الطبيعة البكر اشتغالات الود وانعتاقية الوفاء للمدرجات والمعطيات الطبيعية الآخذة في اليفاعة إلى شهقةٍ في السديم.

نتيجة بحث الصور عن مدينة  المحويت

 درجات الحرارة هناك لا تعمل بنظرية المعطى القياسي الواحد، وعليه: لابد لهذه المحويت وهي الراهبة والوارفة والساحرة أن يتنوع طقس يومياتها بفعل تباينات مساحة مفتوحة على صومعات البهاء وفي المحصلة: متوسط سنوي يصل إلى (18) درجة مئوية.

 

جذور وينابيع بكر

تتحدث مدونات المؤرخين عن بلادٍ استثنائيةٍ تتنامى طلائع إشراقتها حد الصباحات البكر، منذ انبزاغة الرسالة المحمدية ولما تتابعت الدويلات السبئية أخذت (المحويت) ضمن منظومة الراهن آنذاك تنهض ثقافة وتفاعلات تروض للحياة مفاعيل طلعتها الواعدة، ارتفعت المآذن حد الخشوع على امتداد المدن وفي تجوالات القرى المستفيقة صوب التعافي، مساجد وأضرحة وقباب ومزارات وحصون وقلاع ومتاريس للحرب وأسواق تفيض عبيراً في الغد المتلفع أرجوحة الدأب والملهمات.

نتيجة بحث الصور عن مدينة  المحويت

العثمانيون منذ (1538م) إلى (1635م) أرسوا مداميك ستبقى شاهدة على منتجع في الأعالي. نهضت أبراج ومدن محصنة من بينها ما تداعى على أطلال مهارة وعمارة طوعتها السواعد السمراء اليمنية بين العامين (1552م و 1570م) وقيل إن "المطهر بن شرف الدين" نجح في التحصن ابتداءً من "كوكبان" وقيل إن الحاكم العثماني "سنان بشا" استعصت عليه تحصينات "المطهر" والأقيال المتداعية إلى صفه, وتأتي سلسلة غارات وحروب كان لابد أن يخوضها طرفان لا متكافئان عتاداً, وهكذا تمنطقت السواعد الثائرة أسلحتها وابتكارات العقل الحربي وكثيرة هي الأدوات والاستخدامات التي عرفها اليمنيون في تلك الحقبة وعلى بساطتها إلا أنها قاومت وعدّت لهذا الدخيل الوبال.

 

دويلات ومخاليف

 عند البوابات التاريخية الممهدة لولوج القرن السابع قبل الميلادي، ثمة مراكز للاستيطان البشري برزت في بدائية الطالع إلى منوالات التشكل المجتمعي.. فيبدأ اليمني في ذلك الزمن الأغبر تفاعله الحذر باتجاه ما يراه منعتقاً للبلاد المنهكة على أن تتداعى مناطق وتشكيلات الأفخاذ التي صارت تنادى اليوم بمدن ومراكز محافظة المحويت ضمن سياقية حضارية تسندها متاحات أودية غناء وينابيع دافقة وإصرار بشري على تطويع الصخر وامتطاء الشرفات وكان للأرض حقها من التشذيب والمعايشة الدؤوبة الناصحة، إذ أين يذهب الذي لا زرع له أو شعاب مدرجات؟ بالتأكيد إلى مقبرةٍ في العيان.

نتيجة بحث الصور عن شبام كوكبان المحويت

ثم انسحبت إلى المتناول تمركزات المنوال الحضاري وصارت تصنع سطوعاً استثنائيا تباركه الآلهة ذات التماعةٍ ضاربة في النشوء لما انبثقت السنين الخوالي بدأ القرن السابع قبل الميلاد يحفر في يومياته البازغة انعتاقاً، رجال سبئيون أعادوا للشوارد نبضها اليقيني وثمة تصويبات أصابت عناقيد الوجهة عبر النفوذ والاستيطان والإعمار.

مدينة " شبام " المركز الإداري الراهن لشبام كوكبان، صارت في تلك الحقبة البعيدة مدينة سبئية فيما بقية مدن ومناطق " المحويت " صار لكل منها تكوينها الواحد, وباتت تعرف بمسميات -تتعدد- لمخاليف تشرق على أغوارها شمس دولة واحدة هي " سبأ " وإبان الدولة الحميرية البازغة ألويتها على امتداد المسافات المتاخمة لنهايات القرن الخامس الميلادي تنامت تفاعلية الإزدهار الحضاري في أجواء وإشراقات أكثر..

في أثناء هذه الإطلالة، طلعت قرى ومدن " المحويت " منذ " شبام وكوكبان" الضاربتين، مروراً بوادي وتحصينات " الأهجِر" وقلاع " الطويلة " وبلاد "الرُّجُم" وذرى "المحويت" المدينة اليوم، وصولاً إلى تفاصيل الحدود الداخلية للهضاب وسلسلة جبال السراة المتداعية باتجاه شعاب مديرية "بني سعد" وأوديتها وإلى انبساقة الشواهق في بلاد " ملحان" وشماريخ " حفاش" الطائرة، التي تمرأت في حضورها الحتمي خصائص وملامح الحضارة الحميرية الآتية من بعد ذهول طويل جداًَ في غوابر الأزمنة لكن إلحاقاً بحضارة " سبأ".

 

قطوف حلم وترافة مكان

نتيجة بحث الصور عن شبام كوكبان المحويت

 تمضي "المحويت" غيداء تحيي زائريها وتلوي سحائب معطفها الأزرق؛ قطوف حُلم يماني يحج إليه الحيارى ومن في المتاهة ذابوا.. إليها القوافل تسري وهجس يراودها، أن: تعالي أهاتفك اليوم مفاتيح خرافتي والأساطير.

وها أتقنت " تين" رقصتها " المحويت" فصار لها كل قلب يغني اشتياقاً إليها والمدرجات التي بايعتها الهتافات ولا مثلها مُلهِمات.

 

المحويت بأقلام الأدباء

يكتب الأديب العربي" علي عقله عرسان" ذات مقالةٍ له بُعيد تجوال خاطف في منعطفات الوجهة المحويتية الساحرة وكأنما تستحيل السطور تهاويم أعزوفة لا سواها, بينما تسافر الروائية الكويتية " ليلى العثمان " إلى شفقٍ زاهية ألوانه وتقضي سويعات رحلتها في الجنبات الضليعة في الأخذ حين كان النهار حكايات عمرٍ شفيفٍ وجاءت تفاصيل تلك العناقات؛ مواويل صوغٍ ودهش حكايا ضمّنتها " العثمان " تدشين رحلتها المطبوعة " أيام في اليمن"  ذروة النحت و عذوق كتابةٍ مسافتها منزل شاعري أعاد للذات مناخات لهفتها ولا بد يوماً تجيء " ليلى" للقيا الفيوض الحبيبة, ذلك إن " أحلى الرحلات إلى المحويت" وكفى!..

طوابير زوارها لا النهاية آخرها ولا المبتدأ، ويلفي الأدباء مساحاتها موعداً لاقتناص الذهول نصاً.

 كثيرون أفضوا إلى باب مهجعها؛ كتبوا، كثيرون أتوها يباباً ولمّا غادرتهم رضاب سريرتها انبلجوا سابحين إليها خيالاً.

أجئ إليكم بهذي السطور مضمخة بارتباكي، اغفروا وثبتى القاصرة، ستتموه في القلب أنشودة العمر إذا ما أتيتم, متى بايعت أغنيات الشعوب آلهة اللحن والرعد والمطر والمواويل والخرافة ترعى أبابيل شرفتها الذاوية!.خارج الزمن..

من تلقفته الهواجس شهباء وينحت مثلي هكذا كتابة استطلاعية منهوسة، له أن يعلن بدءاً انهزامية الحبر في أن يطل ملتمعاً في انسكاب الوديعة عطراً ووحياً إلى آخر الآخرين!

كيف سأختم تدوينة الومض، هذه؟ لا مناص من الدهشِ هنا في شرود الذي يكتب الآن!

عن أي متحفٍ مفتوح يكتب الكاتبون ومتحفها " المحويت" من مرمرٍ ومطر وانجذابةٍ وقصيدةٍ وعناقيد بنيانٍ تطل من الصخر، إلى قبلة الروح!

سأبدأ رحلات صيف طويل وبودي أرمم محيا القصور هنا.

أيها الناس: أبايعكم نزهة إلى أمكنةٍ في الغواية شريطة أن تذهبوا رحلة واحدة مبتدأها " شبام أقيان"، منتجعها " الخلتبي " أكبر شلالات " الأهجر" ومنتهاها اللابداية، شهقة الله لما " الريادي" تراود أدرانكم أن: هلموا لأغسلها بالرذاذ يقيناً.

نتيجة بحث الصور عن المحويت

أطلال "بني يعفر"

 

تنطلق الرحلة من العاصمة صنعاء ووجهتها شماًلاً إلى الغرب قليلاً بلاد الأحجيات وآكام  " بني يعفر" والحنين ثم -في أقل من ساعة تقريبا- أنتم الآن بمفتتح للأزاهير، افتحوا البوابة الشرقية الأم، ادخلوا "شباماً" يخاتلكم رقص أنشودة من أعالي الـ" كوكبان"، القوا التحية رعشاً على صومعات المساجد عند الكهوف/ الجبال, مقابر صخرٍ بها ألف "مومياء" ومليون تحنيطةٍ لاستباق السنين!

كانت مدينة" شبام كوكبان" في القرن الثالث الهجري مقراً للدولة اليعفرية وعرفت بـ" شبام أقيان" وفي المسند النقش:" شبام يحبُس"!

ترتفع " شبام" عن سطح البحر (2300) متراً عند قمتها في " ذُخار" وثمة  مساجد ومنابر وأضرحة وقبب وسوق قديم عصامي وسمسرة ودار للحكومة وآخر للجمرك وحمّام البخار العتيق وأبراج تحصينة عند قصرٍ هنا، خلف حصنٍ هناك, وسور لمّا يزل شاهداً على الوطن النابه وثمة أيضاً الجامع الكبير وبوابات المدينة الأربع توثق ملمحاً من تاريخ الدولة اليعفرية التي اتخذت من المدينة عاصمة لها ذات طلعةٍ لبلدة يعفرية (829م – 1001م),ثم الطريق صعوداً إلى " كوكبان" حيث أسوار مدينة حصنتها الطبيعة والحيد , عدا سور مدخلها الشمالي عند البوابة التي لا سواها: " بوابة القشلة", ادخلوها إلى العرصات البهية, سوقا كان هنا وضريح باقٍ للإمام "شمس الدين " ومدرسة باسم الإمام شرف الدين، تأسست سنة (940م). و"الحارثي" الكان عزفاً بأمسٍ يهيم.. ليرحمك الله يا " محمد حمود الحارثي"، منذ رحيلك صار لأماسي الـ "كوكبان" وهذي البلاد الفسيحة وجعاً، توشيحة الحزن   وحضورك يطغى ولحن المغنين أثقل من غيمة في " ذخار".

نتيجة بحث الصور عن شبام كوكبان المحويت

 

" الزكاتين  و الخلتبي"

أن تنهي تجوالاً شائقاً في معالم وموروثات " شبام كوكبان", تستأنف الرحلة غرباً، مرور يتهطل غيمات قلاعٍ ودهشة، "حصن الزكاتين" المعلق لغزاً في وجه الآدمية وحصن (بُكُر) بضم الباء والكاف، ضمن عزلة الضلاع الأعلى التابعة لكوكبان، ثم أودية الأهجر وشلالها " الخلتبي" الأكبر والأشهر في محافظة المحويت، يصُبّ من ارتفاع (500) متر موزعاً خيراته ذات اليمين وحين مسيرهٍ في " الزبيرات" ليمضي مترحلاً إلى مصبّاتٍ تتحد مشكلة رافداً يغذي أنسيابية  " سردد" أحد أكبر أودية اليمن الغربية الذي ينحدر غرباً معرجاً على أشلاء من مديرية " بني سعد" باتجاه تهامة والبحر الأحمر.

 

حصون طويلة و" قرانع"

في مدينة الطويلة (المركز الرئيس لمديرية الطويلة)، لابد أن تقف النواصي المارة على خط السير لبضعة دقائق، ضمن شعائر مصافحة تفاعلية في الملمح البديع وثمة "القرانع", ذلك الجبل الواثب كنسر جائع الذي يسمى ب "القرانع" من قبيل الإكبار وإيماءةٍ إلى طلعته الجهوية المرتبكة.. جبل وتحصينات توجه راداراتها صوب البلاد المترامية كيما تحرس القرى ومكونات المدينة من فلول الصقيع ضمن سلسلة جبال السراة.

نتيجة بحث الصور عن حصون الطويلة المحويت

  تتمترس " الطويلة" بشكلٍ طوليٍ تحتضن مرئياته تنويعات في المعمار وفي الجبل، والمدينة ترتفع عن سطح البحر بنحو (2000) مترا وكان اسمها قديما مدينة "الظاهر" كما أن تسميتها إشارة إلى فوتوغرافية المرأى العام لقصورها ومبانيها المتراصة بشكل طولي وكأنما أعيان قبيلة يسيرون في " غُرمٍ" أمام بوابة عتيقة لقبيلة منافسة.

ومن بين عشرات القلاع والحصون في مديرية الطويلة حصونها المتربعة على الشرفات الجبلية الخمس، جميعها تبايع غفلة من نهاراتها القارسة الجبل الكبير " القرانع" والحصون هي (الطويلة - شمسان- القرانع- السيد- المونقر) من أهمها حصن الطويلة الشامخ المعروف أيضا ب "حصن يفوز" وكلها تحصينات دفاعية كما هو الحال عند حصون (المخُيّر وذهبان والجاهلي).

 

وما أدراك ما " قيدان"!

صورة ذات صلة

للوصول إلى عاصمة المحافظة لابد أن تمر الرحلة بمديرية الرجم التي لا تقل أهمية عن جاراتها من المديريات في ما يتعلق بالتحصينات والقلاع وأنماط العمارة الدينية والمزارات، وعاصمتها مدينة الرجم، إليها ينسب العالم اليمني الجليل "صالح بن مهدي المقبلي" وثمة معالم أثرية ودينية أبرزها " جامع قيدان" بقرية بني الطيار المتميز بزخارفه النادرة ومعماره البديع وهناك في جنوب المديرية قرية هجرة الشاحذية بمخلاف الشاحذية التي تحتضن رفاة العلامة "الحمزة محمد بن إبراهيم بن سليمان".

 

ضباب و" قرن تيس"

كل هذه المزارات والمدن والمعالم المعفرة بالتباريح العاشقة لا تكفي لإتمام التجوال والعودة، بقدر ما هي محفزات تحض على الهرولة عبر الخط الاسفلتي الذي يصل صنعاء العاصمة بمركز محافظة المحويت.

بمجرد دخولك مدينة المحويت عليك أن تشحذ التفاعلية الذاهبة إلى فضاءات المتعة والسياحة المجانية، هنا التجوال مفتوح إلى صقيع النشوة, ثمة فندق المحويت السياحي، أوصد أبوابه منذ أكثر من عام تقريباً، تقول الإدارة المستثمرة إن تبعات الأعمال الإجرامية ضد سياح قدموا إلى اليمن – والتي أفضت إلى تراجع مؤشرات التدفق السياحي إلى الوطن المنهك- ثم إلى أن يغلق الفندق الوحيد في محافظة لا بديل للإقامة بها أو الحصول على الخدمة السياحية إلا من فندق كان هنا..

السلطة المحلية بالمحافظة عليها أن تعمل على معالجة المشكل والأمر كذلك بالنسبة للحكومة والفعاليات والجهات ذات العلاقة.

تتعرج مكونات مدينة المحويت كأفعى عجوز استهواها المنام على تلة معبأة بالحجارة و"قرن تيس" يقدم "المصنعة": ذات المتراصات المعمارية القديمة هندسية حصون وقصور وزخارف تتشكل منها إطلالة المدينة الأم.

و" قرن تيس" اسم يطلق على مصنعة المحويت قديماً فيما " المصنعة" منذ زمنٍ تشذب أطراف الغيم صباح مساء وإذا ما أشتد بها الوجع بفعل وثبتها القرفصاء منذ القرن التاسع الميلادي الموافق للثالث بعد الهجرة ستتمرأى في الملمح العام للمدينة فوتوغرافية حية تتزاوج مبانيها الحديثة مع مكونها القديم كاشفة عن لوحة عابقة بالأصالة ومهارة المعمار والطلعة الشاردة.

نتيجة بحث الصور عن قرن تيس المحويت

اقتناصاتُ مودةٍ عاشقة

يكتب الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح عن المحويت وإليها والحال كذلك عند عشرات الأقلام والتفاعلات المبدعة منها تفاعلية وزير الثقافة الأسبق خالد الرويشان وثمة كتابات ونصوص للشاعر محيي الدين جرمه والشاعر علي هلال والزميل جميل مفرح الذي كتب ذات مرة معزوفة في التحنان والمراشقة العشقية من وحي زيارة أفضت به متجولاً في ربوع المحويت, كانت الصفحة الأخيرة من ملحق تنموي وسياحي كرسته صحيفة الثورة قبل أعوام  متنزهات لا تنتهي وسطور من هذه التراتيل  سكبها الجميل عسى أن يبرّ بفاتنة اسمها  "الريادي" والبلاد الخرافية, ولمّا أزل ثملاً منذ قراءتي تلك.

وقبل بضعة أعوام أطلت مجلة شهرية متخصصة باستطلاع عن الطويلة في المحويت ومدن أخرى في المحافظة البديعة كانت قريحة الأديب المتميز محمد عبد الوكيل جازم تقدم مادة أدبية وسياحية ما إن تنهي سطرها الأخير تحلق بك الذات المتفاعلة عشرين ألف سماء وتمضي بك الأغنيات ملاذاً إليك.

كثيرون من كتبوا لهذه (المحويت) ولما تجيء إليها القرائح مصقولة من رؤى النشوة والحب ستعود محملة بتعشقات أهل الأرض، لرشق النسائم في المحبرات!

عرفت مدينة المحويت بوصفها محطة لتجميع منتج البن اليمني الذي كان يجد طريقه للتصدير خارجاً عند ذروة الازدهار التجاري والزراعي ذات تفاعلات منذ مشارف القرن الخامس عشر إلى القرن الميلادي الثامن عشر.

وإبان الحكم العثماني لليمن (1538 – 1635م) لعبت مدينة المحويت دوراً مهما حين اتخذت مركزاً للحكم من قبل العثمانيين. وكثيرة معالم المدينة ومواقعها الطبيعية المفتوحة على فضاء القادمين وفي البعيد " ببني سعد" بقايا مقتنيات شاهدة على طلائع البشرية الأولى حسب مقتنيات أثرية اكتشفت لاحقاً عبر أعمال للتنقيب الأثري تنفذها هيئة الآثار اليمنية وبالعودة إلى مدينة المحويت, هناك المعلم الديني الأبرز في المدينة "جامع ماسية" الشاهد على فن المعمار والتطويع الحاذق منذ تشييده في العام الألف للهجرة وليس ببعيد عن المسجد, تجثم  بصمت شديد "سمسرة الصافي" التي تمضى بكبرياء إلى الاندثار ما لم تسارع الجهات المعنية  بإعادة الألق التجاري إليها..

بين المسجد والسمسرة يقع السوق القديم الذي يجهد على البقاء محتفظاً بنمطية معروضاته والموروثات وفيه تباع الأدوات التقليدية المستخدمة في الفلاحة ومتوالية الحياة البسيطة للمواطن اليمني في هذه المحافظة.

 لكن حين تتجه الأنظار إلى "الريادي" أسطورة الجبل الاستثنائي الساحر شمالاً من مدينة المحويت، عليك أن تعيد اكتشاف الذات موقناً بأن شهقة الأجواء تفضي إلى الله مباشرةً.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نشرت بمجلة الثقافة الصادرة عن وزارة الثقافة اليمنية، في عددها المئوي الأول العدد 100 ديسمبر 2010.

وتصدّر عنوانها غلاف المجلة الرئيس، ثم أعادها نشرها، تالياً، موقع "توباز برس" الإلكتروني..وينشر المستقبل أونلاين هذا الاستطلاع المميز والإستثنائي جداً، بالاتفاق مع الكاتب.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص