طالب اللواء حسين العواضي محافظ الجوف الأسبق، مصر بتكثيف دورها في اليمن على غرار حضورها اللافت في الأزمة الليبية، بالنظر إلى اعتبارات الأمن القومي المشترك، فضلا عن درايتها الجيدة بالحالة اليمنية، وكون باب المندب لا يقل أهمية عن قناة السويس.
وقال "العواضي" في حوار مع صحيفة "الدستور" المصرية، إن تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة يمثل فرصة ثمينة يجب البناء عليها وتقديم مزيد من التنازلات بين أطراف الحكومة الشرعية لحدوث اصطفاف في مواجهة الحوثيين، بيد أن التحدي الأكبر الآن أمام الحكومة الجديدة ألا تكون ضحية الخلافات البينية.
وعن أولية العمل أمام الحكومة، أضاف أنه من الضروري في هذا التوقيت، أن تمارس الحكومة صلاحياتها كاملة وأن تتولى جميع الملفات بما في ذلك الملف العسكري والأمني، ومن ثم الاهتمام بحل أزمة العملة والأمور المعيشية.
أما عن الجهود الأممية، قال إن المبادرات التي يتبناها المبعوث الأممي لا تخدم السلام في اليمن، وإنما تخدم الحركة الحوثي، لافتة أيضًا إلى أن أي تسوية مع الحوثي والشرعية بوضعها المهترئ حاليا يخدم الحوثي وإيران.
وإلى نص الحوار:-
كيف ترى التشكيل الحكومي الجديد؟
تشكيل الحكومة الجديدة الذي ارتكز على اتفاق الرياض بدعم عربي ودولي كامل، فضلا عن التحالف العربي وبرعاية من قيادة المملكة العربية السعودية، يعتبر فرصة ثمينة نلتقطها نحن اليمنيين الذين ضيعنا كثير من الوقت خلال الفترة الماضية للمضي قدما في طريق تقوية الصف في مواجهة الحوثي.
مرت الآن على الحرب أكثر من 5 سنوات، في ظل وجود اصطفاف شعبي خلف الشرعية لمواجهة الحوثيين والمد الإيراني، مع الدعم العربي الكبير من دول التحالف وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية ومصر، فضلا عن التأييد الدولي، وجغرافية مسيطرة عليها الحكومة عسكريا وفق ما تم تحريره من الحوثي في السنة الأولى إلا أننا عانينا من فشل وإخفاقات كثيرة في الجوانب العسكرية وفي مسألة بناء الدولة وخلق نموذج أفضل وتقديم الخدمات للمواطنين، وفشلنا كذلك في إدارة الصراعات التي بيننا كقوى مناهضة للحوثي.
برأيك ما أبرز القرارات المتوقع صدورها من الحكومة الجديدة؟
الحكومة مطالبة بالعمل على كافة الملفات، لكن الأهم هو مركزية القرار من خلال جعل كافة الملفات في يد الحكومة بدعم من كل الأطراف وفي المقدمة الرئيس عبد ربه منصور، لأن إحدى الإشكاليات التي أضعفت الشرعية خلال الفترة الماضية هو تشتت صناعة القرار وعدم السيطرة على الأرض، والأولية أن تهتم الحكومة بالعملة ومعيشة الناس بعد حالة الانهيار الكبير في العملة وأن يتم الدفع بالقوات العسكرية التي كانت تتصارع فيما بينها إلى جبهات القتال ضد العدو المشترك، ومن المهم ترتيب الأوضاع في العاصمة الانتقالية عدن وفرض هيبة الدولة في جميع المناطق المسيطرة عليها الشرعية.
وكيف يتحقق ذلك؟
يتحقق ذلك بذهاب الحكومة إلى عدن وممارسة مهامها، وأن تعمل على معالجة أي خلافات باعتبارها ممثله لكل الأطراف الموقعة على اتفاق الرياض.
ماذا عن باقي بنود اتفاق الرياض؟
من المهم أن يتم تنفيذ باقي بنود الاتفاق حسب الأولويات والآليات المتفق عليها، لكون هذا الاتفاق أعاد ترتيب وضع الشرعية في اتجاه التوافق بين اليمنيين وبناء الدولة ومعالجة قضايا المواطنين المعيشية والملفات العالقة، مثل ملف الجرحى والرواتب وإنهاء المأساة الإنسانية.
برأيك كيف استطاع التحالف العربي دعم تشكيل الحكومة الجديدة؟
دول التحالف العربي ظلت ولا زالت داعمة للشرعية وقدمت الدعم العسكري والسياسي والمالي لليمن، لكن المعركة أكبر واليمن بحاجة لدعم أكبر لكي تنجز الحكومة مهامها، نحن ننشد الدور المصري أن يكن أكثر فعالية، فمصر بالنسبة لليمن هي جزء من أمنها القومي وهناك دول بدأت تعبث بالبحر الأحمر والبحر العربي، وأنا اعتبر أن باب المندب لا يقل أهمية عن قناة السويس ومصر لديها خبرة في الملف اليمني وحضورها بشكل فعال يرشد كثير من القضايا ويعالج بعض الاختلالات والاختلافات ولأن مصر ليس طرف في الاختلافات ولا يوجد طرف معادي لمصر داخل اليمن أو في دول التحالف.
كيف تبلور مصر هذا الدور؟
من الملاحظ أن القيادة المصرية تعمل على ترميم كثير من الاختلاط التي حدثت في الأمن القومي العربي، لأن مصر بقيادة الرئيس السيسي تجيد إعادة ترتيب أمنها القومي، لأن أمنها البحري في باب المندب مثل أمنها المائي في مياه النيل، ونحن نري الجهد المصري الذي يبذل في ليبيا لذلك نقول لمصر نظرة واحدة إلى اليمن تبين أنها ليست أقل أهمية من ليبيا.
بالانتقال إلى الحالة الأممية في اليمن، هل ثمة اختراق دولي يكمل اتفاق الرياض؟
اتفاق الرياض مدعوم أمميا والمبادرات السياسية مطروحة منذ البداية وقرار مجلس الأمن واضح، لذلك يطرح المبعوث الأممي بشكل مستمر مقاربات للحل، لكن في تقدري أي تسوية مع الحوثي والشرعية بوضعها المهترئ هذا يخدم الحوثي وإيران، لذلك فإن أي تفاوض مع الحوثي دون كسره عسكريا غير مجدٍ، لأن الميليشيات تتملص دائما من التزاماتها، ونحن لسنا ضد الحوثيين كأشخاص لأنهم أبناء الوطن، لكن ضد مشروعهم السياسي المبني على مسألة التفرقة والتمييز بين اليمنيين، فضلا عن أنهم مخلب إيراني للعبث باليمن والأمن القومي العربي.
لكن إلى أين وصلت جهود الوساطة الأممية؟
المبادرات التي يتبناها المبعوث الأممي لا تخدم السلام في اليمن وإنما تخدم الحوثيين، وأبرز شاهد على ذلك اتفاقية استكهولم، وعلى المبعوث الأممي وفريقه أن ينطلقوا من مصالح اليمن وليس مصالح دول أخرى ولا يظلوا يتقاضوا رواتب فقط، وأن يوقفوا التراخي مع الحوثي، وتسمية الأشياء بمسمياتها فعلى سبيل المثال الميليشيات تزرع الألغام أمام أعين العالم وهم يعترفون بذلك والغريب أن بعض المنظمات تقدم لهم الدعم باسم نزع الألغام.
فيما يتعلق بالجانب الخدمي، كيف يتم الدعم المناطق المحاصرة والمنكوبة؟
الحكومة مطالبة بمراجعة الآليات السابقة، وأنا عندما كنت محافظا وضعت الآليات لدعم المناطق المنكوبة في المحافظة، لكن كانت تأتي المساعدات بطرق مختلفة، وفوجئت باستبعاد مركز المحافظة والمديريات التابعة للشرعية، وفي المقابل يصل الدعم للمناطق المسيطر عليها من الميليشيات بطريقة مباشرة دون الرجوع إلى المحافظ.
من الناحية الاقتصادية، لماذا انهارت العملة ومن المسؤول عن ذلك؟
انهيار العملة نتيجة للانقلاب والحرب والوضع السياسي وعدم إدارة الأزمة بشكل جيد من طرف الشرعية والتأخير الذي حدث في نقل البنك المركزي إلى عدن، فكل الاحتياطات التي كانت موجودة استولى عليها الحوثي وللأسف الشديد شكلت اتفاقية ستوكهولم ضربة كبير للشرعية والتحالف وخدمت الحوثي، وكذلك السياسة المالية غير الرشيدة ومن المهم بل يجيب أن تكون كل الموارد تحت تصرف الحكومة الشرعية كما أن الوضع يحتاج دعم اقتصادي ومالي من قبل الأشقاء والأصدقاء وفي المقدمة منهم المملكة العربية السعودية ودول التحالف.