انطلاقاً من مبادرتها لتوطين العمل الإنساني وسعيها الدؤوب لتعزيز جهود السلام في اليمن، نظمت مؤسسة تمدين شباب، على مدى يومين متتاليين، ورشة عمل مع مجموعة من المنظمات المحلية الفاعلة، لاستعراض نتائج المبادرة، ومناقشة الآليات المقترحة، والتحديات الفعلية والمحتملة.
وجرى خلال الورشة التي عُقدت في مقر مؤسسة تمدين شباب في صنعاء، بحضور سبع منظمات إنسانية محلية، استعراض جهود تمدين في لقاءاتها المتعددة مع الفاعلين المحليين وأصحاب القرار الدوليين، بالإضافة إلى عرض المبادرة ورؤيتها المستقبلية لإنجاحها.
واستهل المدير التنفيذي لمؤسسة تمدين شباب، الدكتور تمام الهتاري، افتتاح الورشة بالترحيب بالحاضرين، معتبراً أن متابعة مستجدات المبادرة والاستماع لآراء الفاعلين المحليين يأتي ضمن أولويات تمدين، كون توطين العمل الإنساني عملية جمعية تشاركية في المقام الأول، وتخص جميع المنظمات المحلية.
ودعا الهتاري جميع المنظمات المشاركة في الورشة، إلى الانضمام إلى المبادرة، كون توطين العمل الإنساني حق من حقوق المجتمع اليمني، والمطالبة به تقع بدرجة رئيسية على عاتق منظمات المجتمع المدني، باعتبارها تعبّر عن تطلعات المجتمع وتتحدث باسمه، مشيراً إلى أهمية وضع آليات ومعايير لتنظيم عمل وخطوات هذه المبادرة، فضلاً عن تشكيل لجنة فنية مشتركة، منوهاً في ذات السياق إلى أن الباب مفتوح أمام الجميع، ليس للانضمام إلى المبادرة فحسب، إنما إلى لعب دور ريادي وقيادي أيضاً، وفقاً للمعايير والآليات التي سيتم وضعها والاتفاق عليها من قبل جميع المشاركين.
بدوره استعرض رئيس مؤسسة تمدين شباب، الأستاذ حسين السهيلي، مجموعة من الخطوات العملية التي قامت بها تمدين شباب في إطار مبادرتها لتوطين العمل الإنساني وتعزيز جهود السلام.
وقال السهيلي "لقد عقدنا (15) لقاء مع منظمات محلية وفاعلين محليين ودوليين، بينهم مبعوث الإتحاد الأوروبي إلى اليمن قبل تعيينه مبعوثاً للأمم المتحدة، كذلك المبعوث الأمريكي إلى اليمن"، موضحاً "لقد أكدنا خلال لقائنا مع ليندركينغ على أهمية أن يكون لمنظمات المجتمع المدني دور فاعل في تعزيز جهود السلام، وطالبنا بضرورة الفصل بين الأجندة السياسية والإنسانية، وأهمية تطبيق الرابطة الثلاثية (الإنسانية والتنمية والسلام)".
وأشار السهيلي، إلى أن "اللقاءات التي رعتها تمدين شباب، تنوعت بين الشخصية والرسمية والجماعية، من بينها لقاءات جمعت (15) منظمة شبابية، وأخرى شملت (15) منظمة نسوية، و لقاءات أخرى مع العديد من المنظمات الإنسانية"، مبرراً إطلاق هذه المبادرة بالقول: "لأننا في منظمات المجتمع المدني لنا دور فاعل في الميدان ويجب أن نكون مشاركين في صنع السياسات واتخاذ القرارات".
ورأى أنه "يجب أن تكون هناك منهجية لتوطين العمل الإنساني"، لافتاً إلى أن "عملية التوطين عملية طويلة المدى، لذلك عملت تمدين على الاطلاع والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذا الجانب، للموائمة بينها وبين ما يمكن عمله في اليمن لتوطين العمل الإنساني".
وأضاف أنه "لا يمكن أن نُغيّب ونحن في اليمن وفي المناطق الأكثر عددا من حيث السكان، في الوقت الذي يأتي المجتمع الدولي بممثلين مقيمين خارج البلاد أو يختار ممثلات عن النساء مقيمات خارج البلاد وليس لديهن معرفة كافية بما يدور في الداخل، ولا فهم عميق بديناميكية الصراع"، مستطرداً "نحن من يجب أن نعمل في مسارات السلام، لأننا مرتبطين بالمجتمع".
وتابع: "نريد شراكة مباشرة مع المانحين الملتزمين بتوطين العمل الإنساني، والحصول على ما نسبته (25%) من التمويل، وليس من الأمم المتحدة أو عبرها"، معتبراً أن "المبررات الدولية المتمثلة بضعف قدرات المنظمات المحلية على استلام تمويل كبير، أو ضعف أنظمتها لإدارة منح كهذه، مبررات غير مقبولة، كون بناء قدرات المنظمات المحلية يقع بدرجة رئيسية على عاتق المانحين".
ونوه السهيلي إلى "أهمية الشراكة الاستراتيجية بين المنظمات المحلية والدولية، ويجب أن تُترجم في مشاريع طويلة المدى تمتد إلى عشر سنوات"، متابعاً: "يجب أن نضغط لتوطين العمل الإنساني، ونسعى للوصول إلى المانحين مثل البنك الدولي، وغيره".
ورأى أنه "يجب أن يكون هناك صندوق لتوطين العمل الإنساني بما نسبته (50%) للمنظمات المحلية"، محذراً في ذات الوقت من أن "هناك منظمات دولية بدأت تعمل على توطين العمل الإنساني وفق رؤيتها الخاصة وليس وفق المعاهدات والمواثيق الدولية، بهدف الالتفاف على المنظمات المحلية".
واختتم رئيس مؤسسة تمدين شباب، حديثه أمام المنظمات المحلية المشاركة في الورشة، بالقول: "رغم كل هذه التحديات إلا أن ما يحدث، للأسف، هو أن هناك تنافس بيننا كمنظمات محلية"، مستدركاً: "لكنه لا يوجد أمامنا من خيار إلا بتكاتف جهودنا والوقوف صفاً واحداً أمام كل هذه التعقيدات".
بدوره، استعرض مستشار مؤسسة تمدين في مجال توطين العمل الإنساني، الدكتور عبدالكريم قاسم، مقدمة حول "الميثاق من أجل التغيير" و "الصفقة الكبرى"، حيث أشار إلى أن "الفرق بينهما يتمثّل في أن الصفقة الكبرى وقّعت عليها دول مانحة وهيئات دولية، بينما انبثق الميثاق من أجل التغيير من منظمات دولية ومحلية غير حكومية"، لافتاً إلى أن "تمدين شباب سبق ووقعت على الميثاق"، داعياً في ذات الوقت "المنظمات المحلية إلى التوقيع عليه".
وأوضح قاسم أن "توطين العمل الإنساني مهم جداً لكنه يشكل جزئية بسيطة من معايير والتزامات دولية تشمل كل النواحي الإنسانية، غير أنها تأتي في المرحلة الثانية من ناحية الإلزام الدولي"، مشيراً إلى أن "هناك فشل في إيجاد آلية لمتابعة تطبيق ميثاق التغيير والصفقة الكبرى".
ورأى أنه "يجب تغيير حياة الناس من تقديم المعونة إلا إنهاء العوز، والعمل على الاستثمار في الإنسانية".
واختتم مستشار تمدين شباب، باستعراض المبادرة، بينما تم تعديل المخرج الأول وبعض الأنشطة بناءً على طلب من المنظمات/المؤسسات المشاركة بالورشة.
واتفق المشاركين في الورشة على ضرورة أن يتم تشكيل شبكة محوكمة بناءً على معايير محددة وواضحة، يتم تحديدها من قبل كافة المنظمات المشاركة بالمبادرة.
واختتمت الورشة بالاتفاق على تشكيل فريق لتوطين العمل الإنساني، وخرجت، بالإضافة إلى ذلك، بعدد من التوصيات، وهي:
- التشبيك مع الشبكات العالمية المساندة لتوطين العمل الإنساني، مثل "نير" و "أكفا".
- إيجاد آلية للتنسيق بين المنظمات المعنية بتوطين العمل الإنساني، تتسم بالحيادية والاستقلال.
- تطبيق وتطوير المؤشر الخاص بتوطين العمل الإنساني.
- أن تكون المبادة وطنية بعيداً عن أي تسييس.
- الاتفاق على لقاء آخر يتم تحديد موعده في وقت لاحق، لمناقشة الأفكار والمقترحات الجديدة التي تصب في صالح مبادرة توطين العمل الإنساني في اليمن.
وشارك في الورشة التي عٌقدت في مقر مؤسسة تمدين شباب، في صنعاء، كلُ من منظمة سول للتنمية، والمؤسسة الطبية الميدانية، وملتقى صنّاع الحياة، مؤسسة عبس للمرأة والطفل، وشبكة نما، ومؤسسة تراحم الطبية.
ويأتي ضمن مبادرة مؤسسة #تمدين_شباب لتوطين العمل الانساني في اليمن، إطلاقها الهاشتاج أدناه، داعية كل الزملاء في منظمات المجتمع المدني والناشطين إلى التفاعل مع المبادرة، وتعميم الهاشتاج.
إضافة تعليق