2016/11/05
د/ أحمد أنعم رئيس هيئة مستشفى الثورة بتعز :المعونات لا تصل كلها ولا تغطي نصف الميزانية التشغيلية

تعد مستشفى الثورة العام بتعز  من أهم المستشفيات الحكومية وأكبرها في محافظة تعز وهو المستشفى الذي حوله نظام  المخلوع صالح إبان الثورة الشبابية إلى ثكنة عسكرية تم منها استهداف الأحياء السكنية قبل أن تعاود مليشيات الحوثي والمخلوع التمركز فيه بعد الإنقلاب على الشرعية حتى تم تحريره منهم فما كان من تلك المليشيات الإنقلابية الا استهداف المستشفى ما بين لحظة وأخرى بقذائف الهاون التي دمرت أجزاء منه وأدت إلى تعطيل أقسام حيوية فيه غير أبهة بكل القوانين  الإنسانية التي  تمنع أن تكون المستشفيات أو الجهات ذات الأعمال الإنسانية عرضة لأي استهداف من أي طرف كان من أطراف الصراع ، أقسام أخرى توقفت أو تكاد تكون شبه متوقفة بسبب قلة الدعم ونقص الأدوية ونقص المحروقات لتشغيل الأجهزة الخاصة بالمستشفى في مختلف الأقسام في ظل الحصار الجائر الذي تفرضه المليشيات الانقلابية على المدينة منذ ما يقارب العامين حتى الأن .

ما زال مستشفى الثورة يعمل وفق الإمكانيات المتاحة في ظل إرادة حديدية لقيادة المستشفى وكوادرها الذين لم يألوا جهدا في القيام بواجباتهم الإنسانية تجاه المرضى وتجاه هذه المدينة العظيمة التي أراد لها القدر أن تواجه كل هذا الكم من التدمير من قبل قوى لا تعرف طريقا للإنسانية سوى القتل .

موقع المستقبل اونلاين التقى بالدكتور أحمد أنعم رئيس هيئة مستشفى الثورة العام وأجرى معه هذا الحوار في إطار تحقيق واستطلاع شامل عن المستشفى وما يعانيه سوف ينشر لاحقا  :

حاوره / نهى سعيد 

* في البداية دكتور أهلا وسهلا بك هل لنا أن نعرف كيفية تحول مستشفى الثورة إلى هيئة مستقلة  ؟  

 في عام 2008 م وجد قرار بترقية مستشفى الثورة العام من مستشفى عادي إلى هيئة لها دعمها السيادي المستقل من وزارة المالية وتعتبر مؤسسة صحية مركزية. غير بقية المستشفيات التي يعتبر دعمها محلي تابع لمكتب الصحة، أي أنها مستقلة إدارياً ومالياً وتتبع بذلك وزارة الصحة رأساً ولها مجلس إدارة خاص. مثلاً أنا كرئيس  للهيئة لا أستطيع اتخاذ أي قرار إلا بتواجد مجلس الإدارة المكون من: رئيس مجلس الإدارة (المتمثل ب د. أحمد أنعم) والمجلس المحلي (المتمثل ب المحافظ) ومدير مكتب الصحة وعميد كلية الطب ومدير المالية ومدير التخطيط ورؤساء الأقسام. لذا أي قرار يجب أن يمر على مجلس الإدارة ثم يتم اعتماد القرار من وزير الصحة.

وعندما تم تأسيس هيئة مستشفى الثورة تم تأسيسها على هيئة مراكز جراحية: جراحة أطفال- جراحة نساء وولادة – جراحة الحروق والعظام – جراحة عامة – جراحة الصدر وغير ذلك....

*ما الإشكاليات أو الصعوبات التي تهدد استمرارية عمل هيئة المستشفى؟

المشكلة الأولى والرئيسية تكمن بقطع الميزانية التشغيلية للهيئة. لقد تم فعلاً المعاملة للتعزيز المالي ووصل للبنك ولكن لم يتم صرفه، أما عن الربع الرابع سوف نقوم بالمعاملة للتقرير المالي ولكن لا يوجد سيولة في البنك من الأساس.هذه الميزانية التشغيلية يتم توزيعها على عدة بنود وكل بند يختص بعمل ما، بند للأجور (الإدارة، الكادر الطبي، الحراسة ...) وبند للأدوية وبند للصيانة وغير ذلك.

إذا مثلنا الكارثة بقطع التعزيز المالي عن بند الأدوية الذي بدأ فعلا بالنفاذ من جميع مخازن الأدوية التابعة للهيئة، هذا البند وحده يستهلك 400 مليون دولار موزعة على الأربعة أرباع وكل ربع يستهلك حوالي 100 مليون دولار. أما عن بند مستحقات الكادر الطبي الذي يعمل فوق احتماله "مجاناً" حتى بدون بدل مواصلات سيصل به الأمر بعد ذلك إلى أن يتوقف عن المجيء للعمل ونحن لا نستطيع إجباره على المجيء فلكل عامل بالمستشفى أسرة يقوم بإعالتها.

*هل من الممكن استعراض الميزانية التشغيلية للهيئة وكيف يتم صرفها بالضبط؟

 بدايةً يجب على الجميع فهم أنه لا يتم صرف الميزانية بشكل مباشر ولكن يتم تحرير شيكات بالمبالغ المطلوبة للوزارة ثم يتم تحويلها للبنك المركزي، مثلاً كانت توجد عملية استثمار لأجهزة رئيسية تعتبر المحرك الرئيسي للمستشفى مثل (جهاز الرنين ) city scan, digital x-ray)

والتي تبلغ قيمتها حوالي مليوني ونصف دولار وبعد ذلك انتهت المناقصة لهذه الأجهزة ففقدناها.

تبلغ الميزانية التشغيلية حوالي مليار وثلاثمائة ألف دولار، وبعد إقرار اعتماد المستشفى كهيئة إذا تتحول الهيئة إلى قطاع خاص يتم الاعتماد على ذاتها من خلال الإيرادات التي ستحققها على فترة 5 سنوات ولكن لم يحدث ذلك حيث أن المستشفى يعمل على خدمة المريض مجاناً.

 مثلاً تم استقطاع مبلغ 250 مليون دولار سلفاً من الميزانية كفرض إن إيرادات التذاكر والرسوم التي ستفرضها الهيئة على المريض ستصل لذلك المبلغ ورغم أن المبلغ لم يتجاوز 10 مليون دولار فقط إلا أنه تم اقتطاعها بالإضافة إلى قطع 50 مليون دولار قيمة فاتورتي ماء وكهرباء (للعلم أننا لا نستطيع التحكم بالمبلغ لأننا لا ندفع مباشرة كما قلنا سابقاً، فقط نقوم بتحرير شيك بالمبلغ) أي أن 300 مليون دولار ذهبت سدى، يتبقى مليار وبعد خصم الضرائب منها يتم صرف نصف المبلغ (أي ما يعادل نصف مليار) كرواتب وأجور والمتبقي يتم توزيعه على أربعة أرباع خلال السنة وعلى جميع أقسام الهيئة.

لنضرب مثال على المبلغ المستحق لبند الصيانة الذي يكلف 40 مليون دولار، يتم صرف 10 مليون دولار كل ثلاثة أشهر؛ حالياً تم استبعاد نصف المبلغ للثلاثة أشهر الأولى والثانية وما تبقى فقط هو النصف أي 20 مليون دولار وعند استبعاد نصف المبلغ أيضاً يتبقى 10 مليون دولار هي ما يعيش عليه مركز الصيانة من يناير إلى أكتوبر والتي قد تم استنفاذها فعلاً، وعلى ذلك يتم القياس للبنود الأخرى مثل بند الأدوية التي تبلغ قيمة الربع الأول والثاني 200 مليون الذي تم استبعاد النصف ثم النصف ولم يتبقى سوى ربع المبلغ الذي لم يكفي لشراء الأدوية بالكمية التي تغطي احتياج الهيئة، لذا قمنا بصرف قيمة الأدوية من ميزانيات أخرى كميزانية الصيانة وغيره المتوفرة بيد الهيئة ولكن كل ذلك أُستنزف تماماً.

*هل تم دعم المستشفى من قبل منظمات المجتمع المدني والمنظمات المدنية أو الدولية أو على هيئة أشخاص؟

 نعم هنالك العديد من المنظمات والأشخاص الذين قاموا بالدعم، من خلال الدعم بالمستلزمات الطبية والأدوية أو دفع أجور الكادر الطبي وغيره. ولكن كل المعونات التي تحصلنا عليها لا تصل ولا تغطي نصف الميزانية التشغيلية أي بنسبة 44-49% وهذه النسبة لا تتضمن الميزانية الكلية إنما نصف الميزانية التشغيلية التي تم قطعها من قبل الوزارة.

هناك ضجة إعلامية كبيرة حول الدعم الضخم المقدم لهيئة المستشفى؟ ما هي صحة ذلك؟

هنالك أشخاص مغيبين عن الواقع، وظيفتهم هي كيل الاتهامات للهيئة وتشبيهها بثقب الأوزون الذي يتلقى مبالغ ضخمة من قبل المنظمات وغيره. ولذلك يجب توضيح اللبس والاستعراض التفصيلي للدعم:

- منظمة أطباء بلا حدود دعمها لا يتجاوز الــــ 15 ألف دولار شهرياً لكادرقسم  الاسعاف ودعم ب 8 أطباء ونسبة قليلة من الديزل اضافة إلى دعمها في توفير بعض الأدوية، بينما أتحدث عن مليار و ثلاثمائة ريال موزعة بمبلغ 400 مليون لكل ثلاثة أشهر.

- مستشفى اليمن الدولي دعم بـــ 5 أطباء بالعناية المركزة، وبتوقف العناية المركزة يعني موت مرضى العناية لا محالة.

- الهلال الأحمر القطري قام بدعم  مستحقات الكادر الطبي خلال الفترة من سبتمبر 2015 وحتى منتصف أكتوبر 2016،  لكن فقثط  لـ 150 موظف من أصل 700 موظف في الهيئة وهم الكادر الجراحي بالاضافة إلى توفير جزءوالمستلزمات ساعدت في استمرار حالة الطوارئ في الهيئة .

- الشحنة التي وصلت من أمريكا وحدث حولها صخب إعلامي كبير وتحملت شخصياً نفقات النقل التي بلغت 200 ألف وتحمل جزء من قيمة الجمارك 600 ألف، وبعد فرز الشحنة وتشكيل لجنة خاصة تقييمية، والتي تتكون من أجهزة قديمة للغاية  وبعض الأدوات المستخدمة و6 كراتين محلول ملحي و4 كراتين ماء مقطر.

وهنالك بعض الجهات الأخرى التي دعمت وسيتم إنزال كشوفات بالمبالغ التفصيلية لكل جهة على الموقع  الخاص بالهيئة على شبكة الانترنت .

 

*هناك بعض المنظمات والجهات التي تقوم بدعم مستشفيات خاصة بمبالغ كبيرة، لماذا برأيك لا يتم دعم هيئة مستشفى الثورة، هل لا يعلموا بإمكانيات كادر مستشفى الثورة العالية التي تفوق إمكانيات المستشفيات الخاصة خبرة ؟

الجميع يعلم ما هي إمكانيات مستشفى الثورة، حتى المستشفيات الخاصة التي تتلقى الدعم بمبلغ 4000 دولار لكل مريض في العمليات سواء كانت هذه العملية صغرى أو كبرى. تتلقى هذه المستشفيات المبلغ المالي ثم تقوم بعد ذلك بإرسال بعض المرضى إلى هيئة مستشفى الثورة ليتم عمل العمليات الجراحية اللازمة للمريض مجاناً من قبل الهيئة وحتى صرف الأدوية له؛ لأنها تدرك تماماً ما هي إمكانياتنا، كما تقوم بعض من المستشفيات الحكومية الأخرى بإرسال المرضى من العيادات الخارجية التابعة لها إلى هيئة مستشفى الثورة ليتم صرف الأدوية لهم مجاناً بسبب عدم قدرة المرضى بشراء تلك الأدوية.

وكانت إجابة مركز الملك سلمان ببساطة أنه لا يتم التعامل مع المستشفيات الحكومية بل الخاصة، رغم معرفتهم بإمكانياتنا العالية.

*إذاً لماذا لا يتم فرض رسوم على الأقل على هذه المستشفيات الخاصة التي تقوم بإرسال مرضاها للهيئة بعد تقاضي مبالغ الدعم عليهم مسبقاً؟

هذه ليست من صلاحياتنا إنما من صلاحيات الوزير، وقد تم فعلاً طرح الموضوع عليه، بالمبالغ التي تتقاضاها هذه المستشفيات الخاصة بالإضافة إلى مبلغ الرقود لليلة الواحدة الذي يصل إلى 30 ألف ريال.

 *ما خطوات التغييب الممنهج التي تستهدف الوضع الصحي في تعز ابتداءً من هيئة مستشفى الثورة إلى نقل طلاب الطب في جامعة تعز للدراسة في إب؟

أولاً:  تم قطع الميزانية التشغيلية للهيئة وذلك يعني توقفها لا محالة.

ثانياً: تم سحب الاعتماد على طلبة البورد وطلبة الماجستير، وتم منعهم من إجراء الامتحانات وذلك لسبب غير منطقي أن تدريب البورد غير معترف فيه بتعز، وكأننا بدولتين مختلفتين؟! وتكمن الخطورة بذلك أنه سيتم سحب طلبة الطب تدريجياً إلى محافظات أخرى بسبب هذه العرقلة المصطنعة. حيث تعتبر كلية الطب الرديف الأساسي لتغذية مستشفيات تعز بالأطباء. وإذا فكرنا بإحضار أطباء أجانب لتغطية العجز الذي سيصيب الهيئة بسبب هذا القرار، فإنه لا يمكننا ذلك بسبب إغلاق الميزانية التي تتيح لنا بجلب أطباء أجانب. وإذا فكرنا بحل آخر وهو التعاقد مع أطباء يمنيين سيرفضوا بكل تأكيد لأن راتب الطبيب بالهيئة يبلغ 60 ألف ريال يمني أي ما يعادل 200 دولار فقط لا غير، مقارنة بأحد دول الجوار الذي يبلغ أقل راتب طبيب مبلغ 300 دولار.

أنا كرئيس للهيئة راتبي 48 ألف ريال يمني أي ما يعادل 150 دولار، وهذا أقل راتب قد يعتمد لأي موظف ولكنني مستمر بالعمل رغم ذلك، لا لشيء ولكن لأنني من أبناء تعز. وسأقف والجميع متكاتفين للحيلولة دون انهيار الوضع الصحي لهذه المدينة.

 *هل تعتقد أن توقف الدعم من قبل بعض المنظمات أنه بسبب عدم تسليط الضوء الإعلامي الكافي لأعمال هذه المنظمات؟

أولاً أنا أرفض التصوير الإعلامي الذي يستنقص من قيمة الإنسان، وإنه ليس من الأخلاق الطبية تسليط الضوء على دعم المرضى، فمثلاً أطباء بلا حدود ترفض التصوير مطلقاً رغم أنها أكثر جهة دعمت الهيئة، ولكن الفرق أنها تتعامل من جانب إنساني وليس تجاري.

*كهيئة إدارية للمستشفى ما الحلول الجزئية المقدمة لمحاولة إنقاذ هيئة المستشفى؟

قمنا بعمل خطة إنقاذية للمستشفى وللحيلولة دون توقف أعمالها وإقفال أبوابها وقدمناها للمحافظ ولأكثر من منظمة ومبادرة على حسب طلبهم ولكن دون جدوى، وكل ما حدث هو مجرد استعراض إعلامي لتنفيذ خطة العمل المقدمة ولكن للأسف لا يوجد أي تطبيق على أرض الواقع.

كما أصدرت أوامر لسد عجز ميزانية بنود مهمة في الهيئة من بنود أخرى ولكن أصبحت القرارات الآن دون أهمية بسبب نفاذ جميع الميزانيات التشغيلية لكل الأقسام والبنود الأخرى. كما تم استهلاك المبلغ المحفوظ كعهدة في صندوق المالية بسبب وصول حالات طوارئ تُلزمنا بذلك كصيانة للماطور أو نفاذ أنواع معينة من الأدوية أو المستلزمات الطبية المهمة للعملية مثلا: تبلغ فقط مستلزمات ومواد التخدير الخاصة بغرف العمليات 2-3 مليون ريال، وفحص الفيروسات اللازمة عملها قبل إدخال المريض لغرفة العمليات 7 مليون ريال.

إذا حاولت استقبال فقط الحالات الإسعافية الطارئة كتمديد لفترة عمل الهيئة، فإنه سيتم إقفال الهيئة تلقائياً لتواجد مخزون محدد فقط سيستنفذ بعد فترة بسيطة.

المحاولة باستمرار صرف الوجبة الغذائية التي تُكلف 5 مليون شهرياً (250 وجبة يومية بمبلغ 1000 ريال لكل وجبة) التي تُصرف للمرضى والكادر وحراسة المستشفى، والتي بدورها تؤجل مغادرة العاملين بجانب توقف صرف الرواتب.

كما قمنا بدورنا بمحاولة إيجاد حلول للمشاكل الأمنية التي كانت تُهدد أمن المستشفى وتعيق عمله.

* ما هو المطلب الأساسي لاستمرار عمل الهيئة؟ وهل فرض رسوم على المريض ولو كانت جزئية سيحل جزء من الإشكالية؟

أرفض تماماً فرض أي رسوم ولو كانت بسيطة من تذكرة الدخول أو رسوم على الأجهزة، فالهيئة تقوم بمعالجة جرحى المقاومة الذين يستميتون بالدفاع عن المدينة، وبمعالجة الجريح العادي الذي طاله القصف أو غيره أو حتى عن المواطن العادي الذي تأزم وضعه الاقتصادي نتيجة للحرب وللحصار الخانق الذي يطوق بالمدينة.

مطلبنا الأساسي هو صرف الموازنة التشغيلية على الأقل للربع الثالث لنقوم بصرف الرواتب وللصيانة وللمشتقات النفطية والمستلزمات الطبية والأدوية التي قد بدأت بالنفاذ.

تم طباعة هذه الخبر من موقع المستقبل أونلاين www.yen-news.com - رابط الخبر: http://almostakbalonline.com/news1059.html