2016/11/10
الدكتور الحناني : حياة المريض في القسم مرتبطة بالجهاز القائم وتوقفه يعني توقف حياة المريض

يتعتبر مركز  الغسيل الكلوي من أهم الأقسام والمراكز المنضوية تحت هيئة مستشفى الثورة العام بتعز  والذي عانى الكثير من الصعوبات نتيجة الحرب العبثية التي شنتها المليشيات الإنقلابية على تعز بالإضافة إلى الحصار الجائر منذ أكثر من عامين أدى إلى عدم توفر المحاليل الخاصة بالقسم وعدم توفر المحروقات لتشغيل المولدات والأجهزة الخاصة بالقسم وهو ما جعل حوالي أكثر من 450 مستفيد من خدمات المركز عرضة لموت محقق بل بعض الحالات تلك فعلا قد تعرضت له .

موقع المستقبل اونلاين كان قد زار القسم والتقى بمدير المركز الدكتور فهمي الحناني  لتسليط الضوء على هذه المشكلة والصعوبات التي تواجه هذا المركز المهم الذي يقدم خدماته لمحافظتي تعز وبعض مديريات اب القريبة  ضمن إقليم الجند فإلى الحوار :

حوار / نهى سعيد  

          *   كم  عدد المرضى المستهدفين بمركز الغسيل الكلوي، وهل لا زال العدد كما هو أو تناقص العدد مع الحرب؟

كان المركز عادةً يستقبل بحدود 450 مريض  ولكن بعد حدوث الأحداث الدامية في الوطن الحبيب تناقص عدد المرضى إلى 300 مريض وذلك بسبب عدم قدرة بعض المرضى من الوصول إلى المركز  فتم تحويلهم إلى مراكز أخرى والبعض الآخر توفي بسبب عدم توفر العلاجات الخاصة بهؤلاء المرضى أو عدم قدرتهم الوصول للمركز ليجروا عملية الغسل الكلوي بانتظام . ولكن هذا لا يصف الوضع الكارثي حقيقةً

حيث أن نسبة الزيادة سنوياً لحالات الفشل الكلوي تعادل 20% وذلك يعني مجيء حالات جديدة باستمرار.

* بالنسبة لعدد الحالات التي ذكرتها سابقاً هل تغير العدد أثناء الحرب، حيث سمعنا مسبقاً أنه تم النزوح من محافظات مجاورة خصوصاً نزوح مرضى الفشل الكلوي؟

 بالنسبة لمريض الفشل الكلوي فإنه لا يستطيع أن يذهب لتلقي الغسيل في محافظة أخرى غير محافظته التي أعتاد الغسيل بها وذلك لعدة أسباب بسبب تكلفة المعيشة والإقامة لأنه كما تعلمون يحتاج المريض إلى الغسيل مرتين أسبوعياً، والسبب الآخر أنه يتواجد عدد محدود لمراكز غسل الكلى في المحافظات ولكل محافظة عدد محدود من المرضى المثبتين مسبقاً ضمن القدرة الاستيعابية والمحدودة للأجهزة لمركز الغسيل الكلوي، لذا يتم رفض أي مريض يأتي من محافظة أخرى بسبب الضغط على كل مركز بالمحافظات الأخرى.

مثلاً: تستوعب محافظة تعز بمركز الغسيل الكلوي في هيئة مستشفى الثورة 22 جهاز لإستيعاب 330 مريض وفي مستشفى الجمهوري في نفس المحافظة فقط 30 مريض.

بينما في إب  لديهم 15 جهاز غسيل كلوي ل 220 لاستيعاب 220 مريض. أما في الحديدة فالنسبة تفوق ذلك حيث يبلغ عدد الحالات المسجلة لديهم ب 450 حالة. لذا كما أشرنا أنه من الصعب أن يتم استقبال حالات إضافية من محافظات أخرى. سوى الحالات الحرجة الواقعة في خط التماس والغير قادرين للوصول إلى المركز بالمحافظة الذي تم التواصل والتوسط لهم بعد شق الأنفس لقبولهم في محافظات أخرى ، أما غير ذلك للأسف توفوا بمنازلهم.

* ألم يخفف مركز الغسيل الصناعي بمستشفى الجمهوري من الضغط الحاصل على مركز هيئة مستشفى الثورة؟

على العكس تماماً يتم نفاذ المواد الضرورية اللازمة لعمل مركز مستشفى الجمهوري فيتم إرسال المرضى إلى مركز الهيئة ويتم تحمل ضغط 30 مريض بالإضافة إلى 300 مريض المسجلين في مركزنا وتم جدولة وعمل الغسيل للمرضى وتداركت هيئة أطباء بلا حدود إقفال المركز وقامت بشراء المواد اللازمة وتوصيلها لاستمرارية تشغيل مركز الغسيل الكلوي بمستشفى الجمهوري، بينما يتم التباطؤ لإيصال الأدوية لنا التي تم حفظها في مخازن بالحديدة رغم محاولاتنا المستمرة معهم من شهر 4 إلى اليوم.

* كيف تصف استمرارية عمل المركز ما قبل وبعد الحرب، وهل للدعم تأثير مباشر على ذلك؟

منذ بداية الأحداث تم توقف معظم مراكز الغسل الكلوي وكنا نحن المركز الوحيد الذي استمر في عملة 24 ساعة يومياً ولم يتوقف حتى بعد أن طال القصف المركز وتضررت أجزاء منه.

أما عن مسألة الدعم فلقد كان  دعم حكومي منذ البداية بحت وكانت الأدوية والمشتقات النفطية لتشغيل أجهزة المركز والمستلزمات الطبية متوفرة، وكنا حينها نعمل 4 ورديات في اليوم على مدار ال 24 ساعة يومياً ولكن بعد الأحداث ب 5 أشهر بدأت فترة العمل تتقلص وأصبحت 3 ورديات عمل. فكنا سابقاً نستقبل حوالي 120 حالة يومياً ولكن أصبحنا نستقبل فقط ما بين 88 إلى 100 حالة يومياً.

كنا نتمنى أن يتم الوقوف والدعم للمركز خلال هذه الفترة الحرجة ولكن للأسف معظم المنظمات الداعمة تدعم المركز فقط بمادة الماء فقط، رغم محاولاتنا المستمرة لحثهم لتنويع الدعم من حيث المستلزمات الطبية، الأدوية أو المواد الخاصة الأخرى ولكن دون جدوى.

فقط من تنوع بالدعم مبادرة عن طريق فريق الإغاثة الكويتية التي تكفلت بدعم المركز بتوفير لتغذية مرضى الفشل الكلوي وتوفير المياه الصحية للمركز وأيضاً توفير مولد خاص للمركز مما حل الكثير من المشاكل.

* ما هي الحلول التي قامت بها هيئة مستشفى الثورة للحيلولة دون إقفال مركز الغسيل الكلوي؟

تم شراء مواد للغسيل الكلوي  من مخصص الهيئة عبر الشركة الألمانية  المسئولة عن الأجهزة في المركز وتم إيصالها لميناء الحديدة  وذهبنا لتجهيز  المعاملات اللازمة واستخلاص الأوراق الضرورية وتخزينها بمخازن خاصة، ولم يتبقى لنا سوى نقل هذه المواد إلى المركز في محافظة تعز وهذا يعتبر بالنسبة لنا صعب للغاية في ظل الأوضاع الأمنية الحالية. لذا طرقنا أبواب المنظمات والجهات الأمنية ليتم التكفل و تسهيل نقل هذه المواد بأمان ولكن فوجئنا بالرفض وبحجة أن عملية تسهيل نقل المواد ليست من ضمن عملهم.

وأخيراً وافقت اللجنة الطبية للصليب الأحمر الدولي على التكفل بعملية النقل والتوصيل ولكنهم لا يستطيعوا إخراج تصاريح من وزارة الصحة أو التواصل مع قيادات التحالف لضمان عملية النقل بأمان. لذا أخبرونا أنه  يتوجب علينا أن نقوم تتكفلوا بذلك. وهذا يعتبر صعب للغاية في ظل عدم توفر أطباء آخرين للوقوف بالمركز لأتوجه لاستكمال معاملات النقل المطلوبة.

* ماذا يحتاج المركز لاستمرارية عمله؟

ألخص احتياج المركز بثلاثة مطالب:

1- مستلزمات الغسيل الكلوي                        2- العلاجات الخاصة بمرضى الفشل الكلوي

                          3- مستحقات الكادر الطبي

فمريض الفشل الكلوي يحتاج إلى علاجات مثل: علاجات الضغط وعلاجات الدم وعلاجات خاصة بالكالسيوم وما شابة ذلك. هذه العلاجات ضرورية يجب على مريض الفشل الكلوي أخذها باستمرار ومحاليل ومواد مانعة للتجلط لازم أخذها عند الغسيل، هذه الأمور أن لم تتوفر فلن نستطيع الاستمرار في عملية الخدمة للمريض فسيصبح الموضوع ما يشبه الموت البطيء (الموت بالتدريج).

مثلاً جزء من مواد غسيل الكلى انتهت وتبقى منها ما يكفي ليومين أو لثلاث أيام على الأكثر لذا سنقوم بعملية الضغط والتقليص وذلك باستقبال الحالات الحرجة فقط وسنعتذر عن استقبال الحالات الأخرى، وهذا بحد ذاته سيشكل عبء كبير لأن مريض الفشل الكلوي لا يستطيع البقاء دون إجراء عملية الغسل الكلوي لمدة لا تتجاوز يومين أو ثلاث، يعني أنه من الممكن أن يموت المريض ونحن ننظر له فقط ولا نستطيع تقديم أي مساعدة له.

لذا كما تم الذكر في السابق أنه قد تم فعلاً شراء المواد الضرورية واللازمة وفقط ما نحتاجه حالياً (لتغطية 3-4 أشهر فقط) هو نقل هذه المواد من محافظة الحديدة لمحافظة تعز لوقت لا يستغرق سوى 8- 10 ساعات.

لذا أناشد الجميع لسرعة التحرك بإنقاذ هذه الشريحة وتسليط الضوء عليها، فهذه الشريحة أيضاً تعتبر أحد ضحايا الحرب والأوضاع السيئة والحصار التي نمر بها حالياً، فالكل ميت سواء كان في ظل الاشتباكات أو توقف عمل كليتيه. بل يعتبر الموضوع أسوأ من ذلك حيث كما قلت أنه موت بطيء في ظل معاناة لألم لا يحتمل.

* في حالة توفر المواد والمستلزمات الطبية، هل سيضل الكادر يعمل رغم انقطاع الراتب للشهر الثالث على التوالي، رغم ضغط العمل 12 ساعة يومياً؟ وهل تم دعم هذا الكادر من جهة أخرى غير هيئة المستشفى؟

في بداية الأمر كان يتم صرف رواتب الكادر من قبل الهيئة بمبلغ 23 ألف ريال شهرياً مع الحوافز ليصل المبلغ إلى 80 ألف ريال، وبما أن لكل شيء حدود وتحمل فمن الخوف فعلاً أن يتوقف عمل الكادر لأنه أصبح يفتقد لتوفير مستلزمات الحياة اليومية من إيجار منزل وغذاء وحتى مواصلات أو مصاريف مدرسة لأبنائه وغير ذلك.

تحصل الكادر دعم لمدة شهرين من قبل هيئة الهلال الأحمر القطري وذلك بمبلغ 1000 ريال يومياً أي ما يبلغ 30 ألف ريال شهرياً، وهذه وحدها لا تكفي لأجور المواصلات. وفي الأخير تم قطع الدعم وأجابوا ببساطة أنه لا يوجد توجيهات من قطر لمواصلة عملية دعم المركز.

* هل فعلاً قام مرضى الفشل الكلوي بجمع تبرعات للكادر الطبي ليستمر بعمله؟

ما حدث فعلاً أن مرضى الفشل الكلوي قاموا ببداية الأمر بجمع معونات لتوفير بعض الأدوية التي بدأت تستنفذ فعلاً ، ورغم تصوير الأمر إعلامياً أنه يتم جمع تبرعات على الأقل لمواصلات الكادر إلا أن تلك المناشدات واللفتة الإعلامية لم تفي بالغرض وتم جمع مبلغ 15 ألف ريال فقط لا غير.

في ظل مناشداتكم لطلب الدعم هل تم الاستجابة من قبل منظمات للمساعدة؟

تم الاستجابة فعلا من بعض المنظمات كما أشرت سابقاً ولكن لم يحدث تنويع في الدعم إلا لمرة واحده من قبل الهلال الأحمر القطري لدعم الكادر الطبي ومن هيئة الإغاثة الكويتية بدعم وجبات الطعام للمرضى ومولد لتشغيل المركز. فلاحظنا جهة تريد أن تقوم بدعم المركز بالمياه الصحية فقط مثل منظمة الصحة العالمية والهيئة الطبية الدولية والهجرة الدولية و أخيراً الإغاثة الكويتية.

مع اننا طالبنا منهم لأكثر من مرة أن يقوموا بالتنويع بالدعم فجهة تدعم بأدوية ومستلزمات طبية وأخرى بالمشتقات النفطية وأخرى لدعم الكادر الطبي  وإرسال أحد مندوبيهم ليتم التنسيق معه وتوزيع احتياجات المركز على الجهات المختلفة والداعمة ولكن لا جدوى ولا استجابة.

لذا قمنا بعمل جدولة لاستيعاب الدعم بالمياه الصحية لهيئة ثم تليها هيئة أخرى وهكذا، للعلم أن استيعابنا للمياه فقط 30 ألف لتر يومياً.

يجب تلمس حاجة المركز ودعمه حيث أن تكلفة الدعم غير مكلفة، حيث تبلغ ميزانية تشغيل المركز فقط 30 ألف دولار شهرياً مقارنة بإنقاذ حياة مريض.

 

* ماذا سيحدث برأيك إذا تم فعلاً إقفال هيئة مستشفى الثورة بتعز وذلك بسبب توقف الدعم للهيئة؟ ما الذي سيحدث لأمراض الغسيل الكلوي؟

لا يمكن إقفال هيئة مستشفى الثورة مطلقاً، حتى لو تم إيقاف مراكز داخل الهيئة وتحويل المرضى إلى مستشفيات أخرى رغم صعوبة ذلك، لكن ليس مع مركز الغسيل الكلوي. إقفال المركز يعني الموت الحتمي لهؤلاء الأمراض؛ لا يجب مقارنة مريض الغسيل الكلوي بأي مريض آخر، فحياته مرتبطة بجهاز وبدون ذلك الجهاز يعني موت المريض لا محاله.

تم طباعة هذه الخبر من موقع المستقبل أونلاين www.yen-news.com - رابط الخبر: http://almostakbalonline.com/news1067.html