أظهرت اتجاهات اﻷحداث في اليمن أن الحكومة اليمنية وكذا الرئيس السابق علي صالح يسعون بخطى حثيثة نحو ترتيب أوضاعهم لفترة ما بعد الحرب، بعد انشغال الﻼعبين اﻹقليميين بقضاياهم ومشاكلهم البينية، عن القضية اليمنية التي لم تعد ذات اهتمام كبير لديهم كما كانت قبل اندﻻع اﻷزمة الخليجية الراهنة.
وقالت مصادر سياسية لـ»القدس العربي» زاد من تحركات الحكومة وصالح في هذا اﻻتجاه، الشعور السائد حاليا أنه قد يكون الموعد حان ﻷن تضع الحرب أوزارها في اليمن، وهو ما يسعى المبعوث الخاص لﻸمين العام لﻸمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ إلى الرمي بآخر ما في جعبته من خطط للسﻼم ﻻقتناص فرصة أخيرة ﻹنقاذ اليمن من ويﻼت هذه الحرب التي فاقمت اﻷزمة اﻹنسانية ولم توصل أي من الطرفين ﻷي نتيجة سياسية مرضية.
وأوضحت المصادر، أن صالح يتحرك بمسارات وخطط متسارعة ومنفردة، بمعزل عن شركائه اﻻنقﻼبيين الحوثيين، ربما للتنصل من التزاماته المستقبلية لهم بعد ما قضى بهم غرضه لتحقيق مشروعه في اﻻنقﻼب على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته
وكشفت، أن صالح استخدم المسلحين الحوثيين كـ" أدوات متمردة" لﻼنتقام من خصومه السياسيين، الذين أطاحوا به من قمة السلطة عبر ثورة الربيع العربي العام 2011 ولكن ذلك ﻻ يعني أنه سيفسح لهم المجال لمشاركته في كعكة السلطة المستقبلية بعد انتهاء الحرب، وهو ما يوحي بأنهم ربما وصلوا إلى مرحلة الطﻼق البائن، بعد أن عاش الطرفان مرحلة عﻼقة وطيدة خﻼل الفترة اﻻنقﻼبية وأثناء العمليات العسكرية في الحرب اليمنية
وطبقا لهذه المصادر، ﻻ تجمع صالح والحوثيين أي قواسم ايديولوجية مشتركة بقدر ما جمعتهم مصالح سياسية لﻼنقضاض على الخصوم المشتركين، ولذا بمجرد انتهاء الحرب واحتماﻻت بناء نظام سياسي جديد يضم جميع اﻷطراف المتحاربة في الوقت الراهن، قد يحشرهم في زاوية ضيقة تتقاطع فيها المصالح بينهما وبالتالي البدء في مرحلة جديدة من جولة الصراع بين صالح والحوثيين، ﻷسباب سياسية بعد أن حقق كل منهما مكاسب سياسية جراء الحرب الراهنة.
وبدا صالح من خﻼل هذه الحرب وما قبلها بأنه يشتغل (سياسة) بأدوات وواجهات متنوعة، بينما يشتغل الحوثيون (وكﻼء حرب) سواء ﻹيران أو لصالح خﻼل فترة الحرب، وتنقصهم الخبرة والحكمة السياسية، مع تشبعهم بالمناورات السياسية التي ورثوها من صالح والتي قد تدفع بهم نحو (مأزق السﻼم) قسرا بعكس طبيعتهم القائمة على (قضية الحرب) وهو ما قد يتسبب في إضاعتهم للفرص السياسية في زمن السلم.
وفي المقابل بدأت حكومة الرئيس هادي بالتحرك السياسي عبر عدة مسارات لترتيب وضعها الميداني بعيدا عن أدوات اﻹقليم، الذي أصبح مشغوﻻ بقضاياه الداخلية والبينية، والتي أسفرت بشكل كبير في دخول القضية اليمنية دائرة النسيان الخليجي.
وظهرت التحركات الحكومية مؤخرا من خﻼل استئناف عقد جلسات مجلس النواب (البرلمان) من اﻷعضاء الموالين للسلطة الشرعية والترتيب لعقد ذلك في العاصمة المؤقتة عدن أو في أي مكان آخر، ﻻستخدام ذلك ورقة ضغط على اﻻنقﻼبيين الحوثيين وصالح في مسارات المفاوضات المقبلة بين الطرفين الحكومي واﻻنقﻼبي لوقف الحرب وكذا في بقية المسارات.
وتسبب هذا التحرك الحكومي نحو عقد جلسة لمجلس النواب، في إزعاج بالغ للرئيس السابق علي صالح وهو ما دعاه إلى عقد لقاء حزبي بمن تبقى من الموالين له من أعضاء حزبه المؤتمر الشعبي العام مساء الخميس وإلقاء خطاب سياسي فيهم، ظهر فيه صالح شديد اﻻنزعاج من خﻼل الكم الهائل من الرسائل التي وجهها عبر ذلك الخطاب حول التوجه الحكومي لعقد مجلس النواب.
وهدد صالح برلمانيي حزبه الذين اختاروا اﻻنحياز للسلطة الشرعية بفصلهم من المجلس البرلماني عبر إعﻼن دوائرهم شاغرة والدعوة ﻻنتخاب أعضاء جدد بدﻻ عنهم.
وقال، ان يكون نهجهم عكس توجهات المؤتمر والتي ﻻ يمكن أن يستفيد منها اﻻ أعداء الوطن، أن يستغلوا هذه الفرصة السانحة لعودتهم إلى جادة الصواب حتى ﻻ يضطر مجلس النواب إلى إعﻼن دوائرهم شاغرة وتجرى فيها انتخابات بدﻻً عنهم، وهذا ما ﻻ نتمناه .
وأضاف انه، ﻻ يمكن أن يكون هناك مشرع مشارك مع دول ما يسمونه العدوان في اشارة إلى السعودية ودول التحالف، وخيّر أعضاء حزبه البرلمانيين الموالين للسلطة الشرعية، بين العودة إلى صنعاء لحضور اجتماعات مجلس النواب الخاضع لسيطرة صالح والحوثيين وبين تجميد نشاطهم السياسي، في خطوة استباقية لقطع الطريق أمام أي فرصة ﻻستئناف مجلس النواب نشاطه بأغلبية لصالح السلطة الشرعية وهو لو تم (سيقصم ظهر) صالح والحوثيين (سياسيا).