على نفسها جنت الغوغاء

يؤلم كثيراً هذا الحال المزري الذي وصل إليه بسطاء الناس من فقر وحاجة ويأس يرتسم على الوجوه قبل أن تبوح به الألسن, نعم هو حال تعجز الأقلام عن التوغل فيه احتراما لإنسانيتنا المتعففة وإرهاقا من كمّ البؤس الذي يحتويه .

لكن ونحن نرى هذا الإنسان البسيط ينهال باللعنات على الشرعية الغائبة وعلى كبش الفداء حزب الاصلاح كسببين رئيسيين لما آلت إليه أحوالنا، ونرى هذا الإنسان المعسر يهرع ليتبرع لبنك الدولة، نجد أنفسنا نقول على نفسها جنت الغوغاء..

جهل هذا الشعب مركب وعسير الفهم؛ وما نراه في مواقع التواصل من أقلام واعية لا تعد نسبتها إلا شيء يسير بجوار إنسان الشارع البسيط الذي ينقاد ذليلاً إلى حتفه قانعا بهذا المصير.

هذا وقد يذهب قسم كبير من هذه الأقلام لتزييف الحقائق وتدليسها بما يتوافق مع أهواء سادتهم بعيدا عن حقيقة ما يجري ومن السبب في خراب البلاد .

هي تناقضات تجعلنا في حيرة من أمرنا هل نبكي بحرقة ورثاء هذا الحال، أو نقرّ أن هذا الشعب استحق سجانه وسجنه واستحق عبوديته بجهله وغبائه ..

هي محارق الأزمات تصفي عقول الناس فتظهر إنسانية البعض وفهمه لما يدور في الواقع، في حين تعري لنا غالبية الغثاء من البشر الذين ذهبت شفقتهم ورحمتهم إلى جلاديهم فرفعوا أكفهم بالدعاء لهم بالنصر عليهم وتثبيت أقدامهم على رقاب الشعب ونفضوا جيوبهم لمساندة قاتلهم بالدعم والتبرع فاستحقوا الشراكة في الجرم ولعنة التاريخ والضعفاء .

إن كل أمة أو شعب آمن بالظلم والطاغوت وسانده أو تبرع له بخمسين كما هو الحال لدينا

فيستحق العذاب الذي حل بساحته .

ولا أجد عقاباً أشد بشاعة من اجتياح الجراد الذي أكل الأخضر والممزق في البنك المركزي ولم يكتفِ، بل لاحق جيوب البسطاء طلبا للتبرعات في كل ركن وشق .

فكما يكون الناس يولى عليهم ومن جهل حقوقه الإنسانية أتاه من يلغيها كاملة, ومن لم يرحم من هم أدنى منه علاه من هو أقسى وأشد.

ولا ترفع كفا نحو الله طالبا الرحمة وقدمك تدوس على من هم دونك ..

إننا قد نتحمل عسر الحال وضيق ذات اليد، ولكننا لا نتحمل جهد الجهل والغباء الذي مني به هذا الشعب, عجز أن يرى عدوه فكيف سيدرك صديقه.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص