خارطة الخروج البريطانية من الاتحاد الاوربي

بعد ستة أشهر من تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الاوربي حسم البريطانيون اليوم بقيادة حكومة حزب المحافظين ورئيسة وزرائها تيريزا ماي امر خروجهم بصورة نهائية لا تحتمل اي تفسير آخر سوى ان بريطانيا اصبحت خارج الاتحاد الاوربي . هذا ما جاء اليوم في الكلمة التي ألقتها رئيسة الوزراء في جمع غفير من الدبلوماسيين ورجال الدولة والإعلام في لانكستر سكوير .

 ظلت رئيسة الوزراء متحفظة بشأن رؤيتها لخارطة الخروج حتى ان الاعلام سرب رفضها التحدث مع الملكة بشأن هذه الخارطة عندما التقت معها في احدى اللقاءات الدورية ، وهو ما يعكس احترام المسئولية باعتبار ذلك من تقاليد هذه المملكة الدستورية التي رسخها دستور غير مكتوب وقوانين تنتظم في إطارها كل فعاليات الدولة .

 طوال الستة الأشهر الماضية والحكومة البريطانية والأحزاب السياسية بكافة اطيافها تبحث خطة الخروج فيما بدا أنها اصعب تحد يواجهه هذا البلد منذ الحرب العالمية الثانية ، أخذت التكهنات تتجه نحو ما سمي (بالخروج الصعب ) الذي تنهي فيه بريطانيا علاقتها نهائياً بمؤسسات الاتحاد الاوربي خاصة وان البقاء في أكثرها أهمية (السوق المشتركة single market) يشترط بقاء الحريات الأربع : حرية تنقل الأفراد ورأس المال والسلع والخدمات ، وهو الامر الذي لا تقبله بريطانيا ، فشعبها لم يصوت للخروج الا لأنه يريد ان يمنع الهجرة او يضبطها على الاقل بمعاييره القانونية . من هنا كان من الطبيعي ان يكون موضوع الخروج من السوق المشتركة مسألة بديهية كما جاء في الخطة التي اعلنتها رئيسة الوزراء اليوم .

 كان الاقتصاد هو القضية الاساسية التي تم التركيز عليها حيث اشارت الى قضية في غاية الأهمية وهي ان بريطانيا قد تلجأ الى تغيير كامل لسياساتها الاقتصادية economic model من خلال تعديل نظام الضرائب على الشركات والنشاط الاقتصادي لجذب الاستثمارات وتوسيع النشاط الاستثماري .

 وتحدثت عن ما اطلق عليه استعادة (السيادة الكاملة) لبريطانيا على قوانينها وهو ما يشير الى مغادرتها ايضاً لمحكمة العدل الأوربية.

تحدثت الخطة بوضوح عن ان بريطانيا لن تقبل اي سياسة انعزالية أو أي عقوبات قد تفرض عليها من بقية دول الاتحاد الاوربي .. واشارت الى ان إرادة الشعب البريطاني في اتخاذ قرار الخروج هو استعادة لقراره المستقل الذي كان دائما الصوت القوي لبريطانيا في اجتياز المحطات التاريخية لتصل الى ما وصلت اليه من تطور .

وفي إشارة واضحة الى ما يميزها عن ترامب ، الذي دعا منذ ايام الى تفكيك الاتحاد الاوربي ، أكدت (ماي) على أهمية بقاء الاتحاد الاوربي وان بريطانيا ستعزز علاقتها مع الاتحاد باتفاقات اقتصادية وتجارية وأمنية .

الخطوط العامة لخطة الخروج ستشكل الإطار العام للتفاوض  مع الاتحاد الاوربي والذي سيستمر لعامين تبدأ مع تفعيل المادة الخمسين في النظام الاوربي والذي مقرر ان يبدأ في مارس القادم .

ما هي الصفقة النهائية التي سيتم التوصل اليها من خلال المفاوضات وكيف سيتعامل معها البرلمان البريطاني الذي أكدت المحكمة الدستورية البريطاني على ضرورة ان يوافق عليها قبل ان تصبح سارية المفعول هي المسألة التي سيظل الشعب البريطاني يترقبها خلال السنتين القادمتين .. اما قضية الخرج من الاتحاد فقد حسمت .

بقي ان نرقب تطورات الامور في اسكوتلندا التي ترفض حكومتها مغادرة السوق المشترك على الاقل بعد ان صوتت مع البقاء ، وكان اول رد فعل لرئيسة وزرائها هو الحديث عن استفتاء قادم من اجل الاستقلال .

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص