عن الأزمة الخليجية الراهنة

من اغرب ما في المشهد السياسي العربي ان الخلافات ما إن تدب بين دولتين عربيتين حتى ينقسم السياسيون والانظمة الحاكمة ورجال الإعلام ومنابره بل والمواطنون العاديون إلى فريقين: إما مع هذه الدولة أو مع تلك، والأغرب هو ما تحمله المنابر الإعلامية التي تسعى لفتح ملفات وقضايا بعضها يصل إلى درجة الفضيحة للتشهير بهذا الطرف او ذاك من طرفي النزاع .
 هذا النوع من التفكير وهذا النمط من لسلوك لا يعكس إلا امراً واحداً وهو أن المنشغلين بهذا النزاع (من غير طرفيه) لا يحاولون استقصاء مسببات النزاع ولا البحث عن حلول ومعالجات له بل غالبا ما يتبنون مواقف سابقة لها علاقة إما بمحاولة استرضاء أحد الطرفين او الاستفادة من النزاع لتحقيق مصالح معينة او الثأر من هذا الطرف او ذاك من طرفي النزاع.
الأكثر غرابة من هذا أنه ما إن يتوفف النزاع ويتصالح المتنازعون حتى يكف  الشامتون والمتحاملون والمؤيدون والمعترضون  عن ممارسة التهكم والشماتة والتحريض والتشهير.
لست بصدد البحث في موضوع النزاع القطري الخليجي الذي اندلع نهاية الاسبوع الماضي، والذي لا شك ان له خلفياته وأسبابه، لأن هذا يتطلب بحثاً معمقاً يتناول الجذور والخلفيات والاسباب لهذه المشكلة التي نطت  فجأةً إلى صدارة المشهد (وهو أمر يمكن تناوله في وقفة لاحقة) لكن ما وددت الإشارة إليه في هذه التناولة هو يقيني أن الشقيقتين قطر والسعودية تمتلكان من أدوات التغلب على خلافاتهما ما يمكنهما من تجاوز هذه الازمة العابرة والمؤقتة دونما حاجة إلى الإيغال في نبش قاموس الاستعداء والخصومة أو الانسياق وراء أجهزة التحريض والإثارة التي لاتحقق ربحا إلا في أجواء استدعاء الخصومات واستجلاب الأحقاد والعداوات، لأن منطق الأشياء يقول أن مصلحة الشعبين والحكومتين تكمن في السلام والوئام وحسن الجوار وتحقيق المصالح المتبادلة، و لأن كلفة النزاع والتخاصم والعداوة هي أضعاف مضاعفة لكلفة التعايش والتنازل المتبادل كما إن السلام والوئام والتعايش وحسن الجوار تمثل مكاسب ليس فقط للدولتين والشعبين الشقيقين بل ولكل دول وشعوب المنطقة، وهذا طبعا لا يمنع من مراجعة السياسات التي كانت سببا في انبعاث هذه الازمة ومن ثم معالجتها على طاولة الحوار الأخوي وليس من على منابر الإعلام.
ولا بد هنا من تسجيل آيات التقدير والاحترام لجهود الأشقاء في دولة الكويت الهادفة الى تطويق الازمة الراهنة والحد من تبعاتها السلبية على العلاقة بين دول وشعوب المنطقة.
_______
*   من صحة الكاتب على فيس بوك

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص