شارك السفير الدكتور عادل محمد باحميد بالعاصمة كوالالمبور في ندوة سياسية بعنوان " الوقوف مع اليمن" نظمها تحالف منظمات المجتمع المدني الماليزي بمشاركة منظمات دولية أخرى للوقوف على الأزمة الانسانية في اليمن والوضع الانساني الذي يعاني منه الشعب اليمني.
وخلال الندوة التي تخللها معرضا للصور قدم عدد من المهتمين أوراق بحثية كانت في معظمها تتحدث عن السعودية ووسياستها وصراعاتها دون التطرق للأزمة اليمنية إلا هامشا وعلى استحياء.
وقد ألقى السفير باحميد كلمة شرح فيها الوضع السياسي في اليمن والحالة الانسانية التي يعاني منها اليمنيين مبديا امتعاضه من محاولة ايصال رسائل سياسية تحت يافطات انسانية حيث قال في اجزاء منها: "إنّني أقدّر عالياً أن تكون هناك ندوة سياسية وليس ندوة (إنسانية)، وأنا على استعداد للحضور في هكذا ندوة، لكن أن يُقال أنها ندوة إنسانيّة للوقوف مع اليمن بينما ما نسمعه كله حديث سياسي ضد السعودية فقط!! أنا هنا لست في معرض للدفاع عن السعودية فهم يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، ولكنني تأثرت جداً وشعرت بالإساءة البالغة، اقولها بكل صراحة، عندما أرى بعض الناس يمشون على دموعنا وآلامنا فقط ليهاجموا طرفاً سياسياً آخر .. هذا غير مقبول، حقاً أنا آسف لقول ذلك .. لقد تأثرت حقاً وشعرت بالإساءة".
وأضاف السفير باحميد "نحن نرحّب بايّ مساعدة من إخواننا وأصدقائنا من كل مكان في العالم .. والحمد لله هناك أناس كُثُر يتكلمون عن اليمن ويريدون المساعدة، إخواننا الماليزيين كانوا من أوائل من عملوا في اليمن عبر مؤسسات (GPM) و (MRA)، وكنت مستغرباً منهم عندما أقنعوني في مكتبي بالسفارة بذهابهم بأنفسهم إلى اليمن، فقد كنت قلقاً عليهم لخطورة الوضع هناك، لكنهم أصرّوا وذهبوا وقاموا ولا يزالون يقومون بأعمال عظيمة، فشكراً لهم، شكراً لـ (GPM) و(MRA)".
وتساءل باحميد في كلمته عن ضرورة الغوص في فهم المأساة اليمنية، وهو ما لم يفعله المنظمون والمشاركون في الندوة حيث قال "دعوني أتحدث هنا عن نقطة مهمة جداً، وهي هل تعمّقنا في بحثنا عن حقيقة ما يجري في اليمن؟ للأسف لم نفعل ذلك .. بما في ذلك الإعلام .. لهذا إخواننا في ماليزيا وكذلك الكثير غيرهم بحاجة لأن يتعمّقوا أكثر ليفهموا الحالة في اليمن، وليس فقط مجرد إظهار التعاطف الذي نقدره ونشكرهم جداً عليه، لكن أنتم بحاجة للتعمق أكثر".
واستطرد السفير باحميد في توضيحه لعمق المأساة اليمنية وجذورها التاريخية بالقول "نحن في اليمن نواجه مجموعة تدعي أن لها الحق الإلهي في الحكم، الأمر الذي تحدث عنه الوزير مجاهد (وزير الشؤون الدينية الماليزي)، فنحن دون شك ضد العنصرية العرقيّة، ولكن عندما تأتي مجموعة وتريد بالقوة تطبيق دعواها في الحق الإلهي بالحكم في اليمن .. فقط لأنهم يدّعون انهم يمتلكون الدم المقدّس في أجسادهم، بينما نحن والبقية مثل الأكياس الورقيّة (الزنابيل) بالنسبة لهم، هذا أمر مرفوض ولا أحد على الإطلاق يمكن أن يقبل ذلك".
وأردف باحميد بالقول "لذا هل تعتقدون إخوتي واخواتي أننا في اليمن حمقى لنقاتل بعضنا البعض بهذه الطريقة! هل نحن حمقى لدرجة أن مسلماً يقول الله أكبر يقتل آخر يقول الله أكبر ونحن نعتقد أن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قد قال : (الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية)! هل هذه هي الحكمة في أن نفعل ذلك.. لا بالتأكيد .. لقد أعجبتني طريقة معالي الوزير مجاهد التي يرجع فيها دائماً إلى مرجعيتنا العليا وهي القرآن، ولكن أيضاً في القرآن الله سبحانه وتعالى يقول: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما) إذا تقاتلت مجموعتان من المسلمين من المؤمنين فاصلحوا بينهم واجمعوهم بالطرق السلمية.. ونحن نفعل ذلك وفعلنا منذ زمنٍ طويل .. فمنذ ثورتنا التي بدأت في فبراير 2011 ..
وأنا لا أقول ذلك هنا دفاعاً عن السعودية .. في 2011 اليمن كانت على وشك الدخول في الحرب، ولكن بمساعدة اشقائنا العرب، وبالذات السعوديين الذين مارسوا الضغط على الرئيس السابق علي عبدالله صالح رحمه الله، والذي قتله الحوثيون فيما بعد، ضغطوا ليجلس إلى الطاولة ويوقع المبادرة الخليجية، والتي تحت مظلتها جلس اليمنيون لأكثر من عشرة أشهر في نقاش وحوار سلمي، وتوصلنا إلى مخرجات الحوار الوطني والذي نصت على أن تتحول اليمن إلى النظام الفيدرالي .. وضعنا الحلول للقضية الجنوبية .. ولقضية صعدة منطقة الحوثيين .. وضعنا الحلول للعديد من مشاكل اليمن التاريخية .. ولكن فجأةً حدث ما يحدث الآن .. لهذا أكملنا الآية القرآنية (فإن بغت إحداهما على الأخرى) لأنه ليس هناك من خيار .. وإلاّ لماذا نحن اليمنيين أهل الحكمة والإيمان بحسب قول الرسول نذهب للحرب .. لم يكن خيارنا وليس أمراً سهلاً".
وختم السفير عادل باحميد كلمته قائلاً "للوقوف مع اليمن هناك طرق كثيرة، ونحن حقاً ممتنين لماليزيا .. واعذروني لأقول مثلاً ماليزياً معروفاً أعطاني إياه أحد أصدقائي الماليزيين هو (كيف تطعمون الذي في الغابات بينما طفلكم الذي في البيت جائع!!)، لذا تستطيعون هنا في ماليزيا الوقوف مع اليمن بالوقوف مع اليمنيين المتواجدين هنا في ماليزيا، لدينا قرابة الـ17 الى الـ 18 ألف يمني هنا في ماليزيا، معظمهم نزحوا بسبب الأوضاع والحرب،
لذا وتطبيق المثل الماليزي (كيف تطعمون الذي في الغابات بينما طفلكم الذي في البيت جائع) تستطيعون فعل الكثير لهم، فقط نطلب بعض المرونة في إجراءات الهجرة والمرونة في خدمات التعليم والصحة وكذا العمالة، لأننا كيمنيين حتى وإن كان وطننا في حالة انكسار اليوم إلاّ أننا نقف بكل كرامة وعزّة .. نحن لسنا متسولين .. اليمنيون ليسوا متسولون .. هم مكافحون ويعملون بجد ويأكلون من عرق جبينهم. شكراً للمنظمين .. واعتذرلأنني أتكلم بهذه الطريقة فقط لسبب واحد، وهو لأن هذه التي تتحدثون عنها هنا هي اليمن هذا وطني .. فشكراً جزيلا".