إرتبط اسم الفنان اليمني أيوب طارش عبسي، بالنشيد الوطني اليمني الذي قام بتلحينه ليصبح صوتًا لأهل اليمن يتغنون به، ورمزا للوحدة، وأطربت ألحان "عبسي" وصوته العذب ونغمات عوده الفاتنة أجيالاً وأجيال، فهو فنان موهوب اجتمعت فيه صفات مكارم الاخلاق، وحب الوطن. "الأسبوع" حاورت الفنان الكبير لتكشف عن قصة تلحينه النشيد الوطني، وبدايات مشواره الفني ورأيه في الأغنية اليمنية.
** نريد أن نتعرف على بداياتك الفنية؟ ـ
أود في البداية أن أوجه الشكر لـ"الاسبوع" وأسرة تحريرها وعلى رأسها الكاتب الصحفي مصطفى بكري، والدكتور محمود بكري، وأنوه بأن هذا أول لقاء لي بعد انقطاع عن اللقاءات الصحفية والتلفزيونية، لكن "الأسبوع" لها مكانة خاصة في قلبي. ولدت في قرية (المحربي) في عزلة (الأعبوس) في محافظة تعز عام 1942، ثم رحلت إلى عدن عام 1953 حتى حصلت على الشهادة الثانوية من المعهد العلمي الإسلامي، وحصلت كذلك على وظيفة في إحدى الشركات الأجنبية براتب مرتفع وتركت التعليم وساعدني العمل على تقوية لغتي الإنجليزية، وأنا في العمل كان أحد جيراني يعرف مجموعة من الشعراء والعازفين وكنت أجلس معهم وأشاركهم واقتنيت عوداً للعزف ومن هنا كانت البداية. ** إذاً كيف تحولت هوايتك الفنية إلى مهنة وشهرة واسعة؟ ـ استمع لي أحد الفنانين الراحلين وكان وقتها في حالة اعتزال عن الفن، لكن أعجب بصوتي وعزفي وصار يعزف معي في البداية إلى أن جاء لي بأول أغنية من ألحانه اسمها "ارجع لحولك"، ثم عدة أغاني من ألحانه ودفعني إلى امتهان الفن وتركت العمل واتجهت لاحتراف الغناء.
** أين كانت انطلاقتك الأولى؟
ـ كانت أول أغنية غنيتها بعنوان: "بالله عليك وا مسافر" من ألحاني وكلمات أخي (محمد طارش) الذي كان يعمل مزارعا لكنه فجأة اتجه إلى التأليف وحققنا نجاحاً بأغانيه، وهذه الأغنية لاقت صدى كبيراً وحققت نجاحا باهرا وأرسلتها إلى إذاعة تعز وذاع صيتها في أرجاء اليمن بعد إذاعتها.
** هل كان لفنان معين تأثير عليك في بداية مشوراك الفني؟
ـ في البداية لم يكن مشوار فني لكن كانت هواية وكنت أسمع لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ولابد أكون في المنزل قبل بدء سهرته على الإذاعة، وكان لي طقوس معينة في سماع "عبد الوهاب" أغلق الأبواب وأطفئ الأنوار حتى لا يوجد سوى صوته وموسيقاه فقط .
** هل تأثرت بأي فنان أو تراث مدينة معينة في اليمن؟
ـ لا، غنيت جميع الألوان لكن أحببت الأغاني التراثية اليمنية ولا أحد يتخيل كم عشقت الموسيقار محمد عبد الوهاب فكنت أجمع صوره وأجلس أرسمه وأصبحت مهووسا به وعندما اشتريت العود كان صعب بالنسبة لي عزف ألحانه أستطيع فقط غناء أغنياته.
** لحنت النشيد الوطني اليمني .. فما قصته وكيف جاءت الفكرة؟
ـ كانت في الأساس هي أغنية وطنية بمناسبة ثورة 26 سبتمبر ثم جاءت المفاوضات السياسية بتغيير السلام الوطني حينها بغيره وقالوا، ليس هناك أفضل من "رددي نشيدي" لأيوب طارش ليصبح سلام وطني، واعتمد النشييد لأول مرة بالحكومة الديمقراطية في عدن ثم أصروا أن يصبح السلام الوطني لليمن. وكان من ضمن كلمات النشيد "عشت إيماني وحبي أمميا .. ومسيري فوق دربي عربيا .. وسيبقى نبض قلبي يمنيا"، وحدث اعتراض على كلمة (أمميا) لأنها شيوعية حسب رؤيتهم فغيروها لكلمة (سرمديا) دون علمي بهذا التغيير، إلى أن طالب البعض بعودتها كما كانت "أمميا" كما كتبها الشاعر وغناها الفنان وصدر قرار جمهوري بعودتها إلى النشيد.
** قمت بتلحين بعض أغانيك فهل درست التلحين؟
- نعم درست التلحين فقد سافرت إلى القاهرة سنة 1974، ومكثت فيها عامين للدراسة الحرة في معهد الموسيقى العربية.
** قدمت اللون الصوفي .. كيف ترى هذا اللون وهل أخذ مكانته التي يستحقها أم لا؟
ـ غنيت أغاني صوفية عديدة وليس لدي علم باللون الصوفي في الدول العربية لكن أعتقد أن الغناء الصوفي في جميع الدول وكل واحد يغني على طريقته فالطرق الصوفية متعددة، وطريقتنا الصوفية هي طريقة الشيخ أحمد بن علوان وغنيت له عدة قصائد سجلت بعض منها هنا في مصر. وأذكر وحدة من أهم هذه القصائد تقول: "أحبابنا بجيرون .. إني بكم لمفتون.. باكي العيون.. محزون مجنون غير مجنون".
** حصلت على العديد من الجوائز المحلية والعربية.. ما هي أهم جائزة بالنسبة لك؟
ـ أهم جائزة أنه أنشودة لي صارت السلام الوطني للجمهورية اليمنية.
** ما رأيك في الأغنية اليمنية اليوم؟
ـ الأغنية اليمنية مستمرة رغم ظروف الوطن وهناك موهوبين يقدمون إبداعا فنيا وقد لا تناسبهم تلك المرحلة لأنها مليئة بالمشاكل والحرب لكن الفنانين يحاولون ويشاركون في المحافل الدولية وقريباً فاز الفنان اليمني الشاب عمر ياسين بالمركز الأول في مسابقة الزمن الجميل بالإمارات، وهذه أشياء مبشرة وتدل على استمرار الفن اليمني وازدهاره.