توالت ردود الأفعال اليمنية الغاضبة من اللائحة الحوثية التي فرضتها الجماعة الانقلابية أخيرا لجباية 20 في المائة من ثروات اليمنيين لمصلحة عناصر سلالة زعميها الحوثي، وذلك عبر سيل من بيانات التنديد من الأحزاب والقوى والجهات الحكومية التي وصفت سلوك الجماعة بـ«العنصري».
وفيما هددت الجماعة الانقلابية أحد النواب الخاضعين لها في صنعاء بالتصفية الجسدية على خلفية مناهضته لـ«لائحة الخمس» دعا البرلمان اليمني المجتمع الدولي إلى تجريم الجماعة الحوثية بوصفها جماعة «عنصرية نازية».
وأفاد النائب في البرلمان اليمني الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء أحمد سيف حاشد في بلاغ بثه على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه تلقى عبر الهاتف تهديدا صريحا بالتصفية الجسدية من قبل أشخاص يرجح أنهم من المقربين من زعيم الجماعة الحوثية.
وكان حاشد ومعه حقوقيون وسياسيون ومثقفون في صنعاء نددوا في بيان بـ«اللائحة الحوثية» التي فرضت لمصلحة سلالة زعيم الجماعة خمس ثروات اليمنيين وعدوا ذلك نوعا من «التمييز العنصري» المخالف للعدالة والمساواة الإنسانية.
من جهتها وصفت هيئة رئاسة البرلمان اليمني كل ما يصدر عن الجماعة الحوثية «معدوما ولا قيمة له وعملاً مُجرماً تستحق العقاب عليه لأنه عمل عنصري بغيض وسلالي مقيت» بما في ذلك الوثيقة الأخيرة بشأن لائحة الخمس.
وأكد بيان هيئة البرلمان أن مجلس النواب سيناقش في أول اجتماع له بموجب صلاحياته الدستورية «مشروع قانون تجريم التمييز بكل أشكاله».
وكان سياسيون يمنيون شددوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» على ضرورة إصدار تشريع يمني يجرم الحركة الحوثية ويعتبرها «جماعة إرهابية».
وقال بيان هيئة النواب اليمنيين «إن ما أقدمت عليه ميليشيات الحوثي الانقلابية يُعد سلوكاً عنصرياً ممنهجاً وامتهاناً للشعب اليمني وخرقاً فاضحاً لكل المواثيق الدولية وقيم المساواة والعدالة الاجتماعية (...) ويعد من أبشع جرائم الفصل والتمييز العنصري في عصرنا الحديث، ويخالف مفاهيم وتعاليم جميع الديانات السماوية (...) ويعود بنا إلى عصور التخلف والظلام ويشكل وصمة عار في جبين البشرية في القرن الواحد والعشرين».
ودعا البرلمان اليمني في البيان «الأمم المتحدة ومبعوثها الخاص والدول دائمة العضوية وبقية الدول الفاعلة والمهتمة بالشأن اليمني وجميع المنظمات الحقوقية العالمية إلى العمل مع الشعب اليمني وشرعيته الدستورية لإنهاء الانقلاب، والممارسات العنصرية لهذه الجماعة التي بلغت بها الفجاجة حد تخويل نفسها إصدار وثائق لتقنين العبودية وترسيخ الفصل والتمييز العنصري».
كما دعا البيان المجتمع الدولي والاتحاد البرلماني الدولي والبرلمان العربي وبرلمانات العالم إلى اتخاذ موقف ضد «الجماعة الانقلابية الإرهابية وداعميها وضد ما ترتكبه من فظائع في حق اليمن واليمنيين».
في السياق نفسه عدت هيئة علماء اليمن ما يسمى لائحة قانون الزكاة الصادرة عن ميليشيا الحوثي الانقلابية، «باطلة لافتقادها الشرعية وصدورها عن جهة انقلابية مغتصبة للسلطة ومتمردة على المؤسسات الدستورية الشرعية للدولة اليمنية».
وقالت هيئة العلماء في بيان إن «اللائحة المزعومة تتصادم مع نصوص الدستور اليمني النافذ والقوانين اليمنية المنبثقة عن المؤسسات الدستورية ولا أصل لها في كتاب الله وسنة رسوله الكريم».
إلى ذلك عبر قادة حزب «المؤتمر الشعبي» الموجودون في الخارج عن رفضهم «لكل أنواع العنصريات والسلاليات والامتيازات بين أبناء الشعب اليمني الواحد، بما في ذلك ما سُمّي بوثيقة لائحة الخمس التي أقدمت عصابة الحوثي الانقلابية الإرهابية على افتعالها مؤخراً». بحسب ما جاء في بيان لهم.
وأكد قادة الحزب الموالون للرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح على «الافتخار بالهوية اليمنية وتجريم ما ينافيها أو يسيء إليها» داعين إلى «سن التشريعات اللازمة لحمايتها، وتعزيزها في الثقافة العامة وفي المناهج الدراسية وتنقية المناهج مما يخالف ذلك».
وكان التحالف الوطني للأحزاب الوطنية اليمنية الموالية للشرعية أكدوا في بيان سابق رفضهم لعنصرية الجماعة الحوثية ومساعيها لنهب ثروات اليمنيين وأموالهم تحت مسمى «الخمس».
وأقرّ قادة الجماعة الموالية لإيران أخيرا لائحة خاصة بما تسمى «هيئة الزكاة» التي أنشأوها قبل نحو عامين، ونصت على تخصيص 20 في المائة من ثروات البلاد للمنتمين إلى السلالة الحوثية، باعتبارهم فئة متميزة عن بقية الفئات اليمنية.
وأعطت اللائحة المنتمين إلى السلالة الحوثية الحق في الحصول على خمس مبيعات النفط والغاز والمعادن وصولا إلى بيض الدجاج وأسماك البحر ومواد البناء من حجارة ورمل وإسمنت وانتهاء بمياه الآبار وعسل النحل.
وإذ لم يستثن الاستياء في الشارع اليمني أحدا من مناهضي الجماعة، اعترف قادة موالون لها - من جهتهم – بأن «لائحة الخمس» تنظر إلى اليمنيين وكأنهم «غنيمة حرب».
يشار إلى أن الجماعة الحوثية منذ انقلابها على الشرعية أتاحت لأتباعها وكبار قادتها نهب كافة موارد المؤسسات بما في ذلك الضرائب ورسوم الجمارك والزكاة، وسخرت أغلب ذلك لمجهودها الحربي.
ويقوم خطاب الجماعة الفكري والعقائدي على فكر الاستعلاء والتميز، إذ تدعي في أدبياتها أن سلالة الحوثي هي المخولة بالحكم بأمر الله وأن لها حقا إلهيا كما تزعم في التسلط على اليمنيين.