أفادت مصادر يمنية عاملة في القطاع الطبي بأن الميليشيات الحوثية أقدمت على تنفيذ موجة تعسفية جديدة استهدفت في الأيام الماضية 240 منشأة صحية في 5 محافظات يمنية، حيث أقدمت على إغلاق بعضها وفرض إتاوات على بعضها الآخر، مما جعل رسوم الخدمات في هذا القطاع تقفز إلى أرقام غير مسبوقة.
وفي حين لم تكتف الجماعة بحملات الابتزاز التي أشرف عليها كبار قادتها في المحافظات الخمس، عادت مجدداً لتطلق تهديدات باستهداف القطاع الصحي في العاصمة صنعاء في الأيام المقبلة، حسبما ذكرته المصادر لـ«الشرق الأوسط».
وأكدت المصادر أن موجة التعسف الحوثية ضربت محافظات ريمة وذمار والبيضاء وتعز والضالع، بالتزامن مع تهديدات أطلقها القيادي في الجماعة طه المتوكل، المعين وزيراً للصحة في حكومة الميليشيات الانقلابية غير المعترف بها، لوح فيها بأن جماعته ستغلق عشرات المنشآت الطبية في العاصمة المخطوفة في قبضة الميليشيات.
وكشفت مصادر طبية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن حملات الاستهداف والابتزاز والجباية الحوثية الأخيرة طالت أكثر من 60 مستشفى حكومياً وخاصاً، و180 مستوصفاً ومختبراً ومركزاً طبياً خاصاً في تلك المحافظات الخمس.
وقالت المصادر إن من بين تلك المنشآت الصحية التي طالتها جرائم الابتزاز والتعسف الحوثي 25 مستشفى عاماً وخاصاً في البيضاء، ومثلها في ذمار، و5 مستشفيات في الضالع، و3 أخر في ريمة.
وأشارت إلى أن «ميليشيات الصحة الحوثية استهدفت في محافظة ذمار أكثر من 23 مستوصفاً و36 مركزاً طبياً و46 مختبراً و4 مراكز أسنان، في حين استهدفت في محافظة ريمة 4 مراكز صحية و10 مختبرات خاصة، واستهدفت في البيضاء 11 مستوصفاً و40 مركزاً ومختبراً طبياً خاصاً، كما طالت أعمال الإجرام والنهب الحوثية أكثر من 13 مستوصفاً ومختبراً ومركزاً صحياً بمنطقة دمت شمال محافظة الضالع».
وفي سياق استهداف الميليشيات المتواصل للقطاع الصحي بمناطق سيطرتها، كشف أطباء وعاملون بمنشآت طبية استهدفتها الجماعة في ريمة وذمار والبيضاء والضالع لـ«الشرق الأوسط»، عن «إغلاق مسلّحي الجماعة خلال حملة الميليشيات المسعورة 24 مستشفى خاصاً، و92 مستوصفاً ومركزاً ومختبراً طبياً وصحياً خاصاً، فيما أقصت الجماعة بحملتها تحو 12 مسؤولاً صحياً كانوا يديرون مستشفيات حكومية من مناصبهم وأحلت مكانهم آخرين موالين لها».
وفي الوقت الذي أكد فيه عدد من الأطباء والعاملين الصحيين في المدن التي استهدفت الميليشيات قطاعها الصحي، أن عناصر الجماعة اشترطوا لإعادة فتح منشآت ومراكز طبية كان أغلقوها، دفع جبايات وتكاليف الحملة الميدانية، أكدت المصادر رضوخ عدد من ملاك المشافي والمراكز الخاصة لضغوط الجماعة ودفع ما فرض عليهم من جبايات.
وأكد الأطباء والعاملون الصحيون أن مسلحي الجماعة فرضوا على كل مستشفى تم إغلاقه دفع مبالغ تتراوح بين 3 و5 ملايين ريال (الدولار نحو 600 ريال)، كما فرضوا على ملاك المستوصفات والمختبرات والمراكز الصحية التي تعرضت لعلمية الإغلاق دفع مبلغ 100 ألف ريال عن كل منشأة، حيث تذهب الأموال إلى جيوب قادة الجماعة.
وقدرت المصادر أن «الميليشيات الانقلابية جنت من خلال حملاتها غير القانونية الأخيرة بحق هذا القطاع في المحافظات سالفة الذكر ملايين الريالات»، الأمر الذي حفزها، بحسبهم، على تنفيذ حملات مماثلة مطلع الشهر المقبل بحق القطاع ذاته في صنعاء العاصمة ومدن يمنية أخرى.
وقالت المصادر إن «حملات الميليشيات المتكررة تهدف إلى استهداف ما تبقى من منتسبي قطاع الصحة بغية إجبارهم على دفع جبايات وإتاوات مالية جديدة لجيوب الجماعة»، كما أكدت أن «هذه الممارسات تأتي تتويجاً لسلسلة من الانتهاكات المتواصلة وغير المبررة التي تنفذها الجماعة منذ انقلابها، ضد المنشآت والمؤسسات الطبية والصحية، سواء الحكومية والخاصة في مناطق سيطرتها».
وكان الانقلابيون الحوثيون وبحجة مجابهة «كوفيد - 19» المتفشي في مناطق سيطرتهم، شنوا خلال الأيام القليلة الماضية حملات استهداف ممنهجة طالت مستشفيات خاصة وشركات ومخازن دواء وصيدليات في عدد من المديريات والمناطق في العاصمة صنعاء.
وأسفرت الحملات عن إغلاق أكثر من 4 مستشفيات خاصة، و170 صيدلية، و25 شركة دوائية، و8 مخازن للأدوية في صنعاء، بذرائع وحجج غير قانونية.
ومنذ الانقلاب؛ عملت الجماعة، المدعومة إيرانياً، ومن خلال سلسلة طويلة من التعسفات والانتهاكات على تدمير كامل للمنظومة الصحية في مناطق سيطرتها. وقادت تلك الممارسات بحق قطاع الصحة إلى حرمان ملايين اليمنيين من الرعاية الصحية.
وفي ظل مؤشرات انهيار النظام الصحي المستمر وانتشار وباء «كورونا» المستجد بشكل مخيف بمناطق سيطرة الحوثيين، شكا مواطنون وسكان محليون بصنعاء ومدن يمنية أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من استمرار حرمان الميليشيات لهم من الحصول على الرعاية الصحية في المشافي والمستوصفات والمراكز الصحية المملوكة للدولة.
كما شكوا في الوقت ذاته من ارتفاع جنوني وغير مسبوق لأسعار خدمات الرعاية والمعاينة الصحية التي تقدمها المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة.
وذكر سكان في صنعاء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن أسعار الفحوصات الطبية ارتفعت خلال اليومين الماضيين بصورة مفاجئة لتصل إلى 300 في المائة، في حين ارتفعت أسعار الأدوية وغيرها من المتطلبات والخدمات الصحية التي يحتاجها الناس إلى مستويات قياسية تفوق قدرتهم المالية وأوضاعهم المعيشية المتدهورة.