أكدت الحكومة اليمنية تأييدها للجهود التي تقوم بها السعودية تجاه دعم اليمن واستتباب الأمن به، من خلال دعمها المستمر لعقود، بما فيها «اتفاق الرياض».
وشددت الحكومة اليمنية على أن موقفها «واضح، ومع تنفيذ (اتفاق الرياض)، وكل جهود المملكة العربية السعودية هي محط تقدير وتثمين القيادة السياسية اليمنية، ولدى الحكومة والشعب اليمني».
وقال راجح بادي متحدث الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن حكومة بلاده «تثق تمام الثقة بحرص قيادة المملكة على أمن ووحدة واستقرار اليمن، كما أننا نؤكد أن (اتفاق الرياض) تم برعاية كريمة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهذا الاتفاق الذي وقعنا عليه نجزم بأنه الحل الوحيد لكل الاختلالات التي حدثت في الجنوب، كما أنه لا بد من تنفيذه ضمن منظومة متكاملة، وفق الترتيب الذي ورد في هذا الاتفاق، لكن (المجلس الانتقالي)، للأسف، هو مَن سعى لوضع العراقيل من خلال إعلان ما يسمى بـ(الإدارة الذاتية)، ونهب مليارات الريالات وهي في طريقها إلى البنك المركزي، وهي الأموال المخصصة لصرف رواتب المواطنين بالإضافة إلى مخصصات لمواجهة (كورونا)، في الوقت الذي نمر فيه بمرحلة صعبة، يقوم (الانتقالي) بمغامرات تكشف سوء نية لديه لعدم تنفيذ (اتفاق الرياض)»، مجدِّداً التأكيد على تمسُّك حكومة بلاده «باتفاق الرياض وتنفيذه بكامل بنوده».
من ناحيته، شدد الدكتور محمد عسكر وزير حقوق الإنسان على أن حقن الدماء ووقف الحرب في أبين وتوحيد الصف الشرعي، تحت قيادة الرئيس هادي، هو هدف أصيل من التحالف بقيادة السعودية.
وأشار عسكر في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أولويات تحكمها الظروف الموضوعية الجارية في اليمن، خصوصاً، مع موجات الهجوم التي تقودها ميليشيات الحوثي شمالاً من أبين في البيضاء ومأرب «ولا يمكن لذي عقل أو مسؤولية وطنية أن يسمح باستمرار معارك بين الإخوة جنوباً، في ظل اختلافات فرعية في وجهات النظر على حساب المعارك الرئيسية والمركزية محلياً وإقليمياً ضد ميليشيات الحوثي المدعومة إيرانياً».
جاء ذلك في إطار حديث مسؤولين من الحكومة الشرعية مع «الشرق الأوسط» بعد أنباء نقلتها «رويترز»، أمس، تفيد بأن مقترحاً سعودياً جرى عرضه على الحكومة والمجلس.
وكان الكثير من الخبراء اليمنيين وكذلك من الخبراء الدوليين، ضمن تحليلات متعددة حول الأزمة اليمنية، شددوا طوال استمرار الأزمة اليمنية على أن المملكة طرف رئيس في أي حلول في اليمن والمنطقة، وأن الرياض تعمل على إيجاد توافق بين جميع المكونات اليمينية لحقن دماء اليمنيين، والوصول لحل سلمي توافقي مبني على المرجعيات والمبادئ الرئيسية.
كما جاءت ردود الفعل عقب «اتفاق الرياض» الذي تم في العاصمة السعودية بحضور الطرفين، مؤيدة بنسبة كبيرة، إذ رأى عدد من اليمنين أن الاتفاق هو بمثابة طوق نجاة ولا يمكن حل الخلاف بين الحكومة اليمني الشرعية والمجلس الانتقالي (طرفا اتفاق الرياض) سوى بالحوار. وبدت ردود الفعل رافضة لأي محاولات للحسم العسكري لا تخدم مصلحة الشعب اليمني، ولا تحقق آمال أبناء اليمن الطامحين إلى استعادة الأمن والاستقرار، بعد سنوات من الصراعات والظروف المعيشية الصعبة.
ويظهر من بنود «اتفاق الرياض» السابق، وكذلك المقترحات الإضافية، أنه سيؤدِّي لتنفيذ مرحلة تطويرية جديدة تقودها حكومة كفاءات سياسية لا يتعدى عدد أعضائها 24 وزيراً مشهوداً لهم بالكفاءة والنزاهة والخبرة، مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، يعينها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، مهمتها توحيد الصف وتفعيل مؤسسات الدولة لخدمة المواطن اليمني بجميع مكوناته وتلبية احتياجاته المعيشية. ويدعم ذلك أن بنود الاتفاق تتضمن إجراءات مشددة لإدارة الموارد المالية للدولة اليمنية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي ورفع كفاءة الإنفاق، وإسهام خبراء ومختصين إقليميين ودوليين في تقديم المشورة اللازمة، وتفعيل دور البرلمان في التقويم والرقابة، بالإضافة إلى التأكيد على الالتزام بحقوق المواطنة الكاملة لجميع أبناء الشعب اليمني، ونبذ التمييز المناطقي والمذهبي والفرقة والانقسام، وإيقاف الحملات الإعلامية المسيئة بأنواعها كافة بين جميع الأطراف.
من جهته، شدد الدكتور نجيب غلاب وكيل وزارة الإعلام اليمنية على أن السعودية «تبذل جهوداً مضنية لإيقاف النزاع بين (الانتقالي) والشرعية، ومساعيَ حثيثةً لتمكين الأطراف من تفعيل دور المؤسسات والدفع بالشرعية من العمل في الفراغ والعشوائية والشتات إلى تركيز القوة عبر مأسستها لتصبح واقعاً عملياً ملموساً تعمل بجميع أجهزتها ومؤسساتها انطلاقا من العاصمة المؤقتة عدن».
وأضاف غلاب في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أمس، أن «هذا يقتضي بالضرورة إعادة بناء التحالفات بين الأطراف اليمنية، وتجسيدها عبر شراكة تمكن المؤسسات من القيام بمهامها وخدمة المواطن اليمني وتخفيف مأساته».
وأكد غلاب أن ما تقوم به الرياض يحقق أهداف المعركة والخروج من الصراعات العبثية ومكافحة الفساد وانتظام تحصيل الموارد وتحسين الأداء في هذا الجانب، وضرب الثقب الأسود لمراكز الفساد وأمراء الحرب الظاهرين والعاملين في الظل، موضحاً أن «المقترح الذي قدمته المملكة لا يختلف كثيراً عن (اتفاق الرياض)، والجديد أنه يحدد مسار التنفيذ عبر إيقاف إطلاق النار، وإنهاء إجراءات الانتقالي، والبدء في السير في تنفيذ (اتفاق الرياض)، وعبر مسارات واضحة بلا تحديد زمني، كما أنه مقترح من ناحية عملية أصبح إجبارياً، إن كانت الأطراف اليمنية المتنازعة تدرك مخاطر أعمالها وصراعاتها، وإعاقات (اتفاق الرياض) عليها أولاً وأخيراً».
ووصف غلاب ما يجري في اليمن الوقت الحالي بالاستنزاف لجميع الأطراف، وإنهاك قاتل لأهداف المعركة، واستهداف للتحالف في الوقت نفسه، والرابح الوحيد في المعركة الحوثية.