دخلت معظم مناطق وأحياء العاصمة اليمنية صنعاء، التي يعتمد سكانها بشكل شبه كلي بعد الألواح الشمسية على الكهرباء التجارية، في ظلام دامس عقب توقّف أكثر من 90 في المائة من محطات الكهرباء الخاصة عن الخدمة، احتجاجاً على استمرار انتهاكات وتعسفات الجماعة الحوثية.
وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن جميع ملاك محطات الكهرباء الخاصة بدأوا السبت الماضي تنفيذ إضراب جزئي تمثل بتوقيف جميع المحطات المزودة لمنازل المواطنين والسكان وكل المحال التجارية المختلفة في مديريات العاصمة بالتيار الكهربائي لساعات، احتجاجاً على توجيهات الحوثيين بوقف مد المحطات بمادة «الديزل».
وطبقاً للمصادر، فإن توجيهات الحوثيين استثنت العشرات من ملاك المحطات الموالين للجماعة، حيث يقوم عناصرها القائمون على شركة النفط بتزويدهم دون غيرهم بالديزل، ما أثار سخط ملاك المحطات الآخرين جراء تلك التفرقة والتمييز العنصري في توزيع وبيع المشتقات النفطية.
وأشارت المصادر إلى أن ملاك المحطات هددوا بالتصعيد بشكل تدريجي وزيادة مدة انقطاع الكهرباء خلال الفترة المقبلة، في حال عدم استجابة شركة النفط الخاضعة للميليشيات لمطالبهم ومضيها في تنفيذ التوجيهات التعسفية.
وعقب بدء ملاك المحطات التجارية تنفيذ الإضراب الجزئي في إيقاف التيار لساعات، شنت الميليشيات، المسنودة من طهران، على الفور حملة استهداف مسعورة أغلقت من خلالها عدداً من محطات توليد الطاقة الكهربائية المنتشرة في صنعاء العاصمة، وفق ما أفاد به لـ«الشرق الأوسط»، عدد من ملاك تلك المحطات.
وتحدث ملاك محطات استهدفها مسلحو الجماعة مؤخراً في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدين أنهم «ضاقوا ذرعاً من استمرار تعسف الحوثيين بحقهم في كل مرة». كما شكوا في الوقت ذاته من جور وبطش الانقلابيين على خلاف تعاملهم مع الموالين لهم ممن أنشأوا لهم محطات بصورة غير قانونية ومخالفة، ودون تراخيص رسمية.
واعتبر ملاك المحطات أن توجيهات وزارة الكهرباء الحوثية بعدم بيع مادة الديزل للمحطات إلا عن طريق قادتها وبأوامر مباشرة منهم، تعد أسلوباً مستفزاً، مجددين دعوتهم للجهات الحقوقية المحلية والدولية للتضامن معهم ضد الاستهداف الحوثي الممنهج.
وفي السياق نفسه، تحدّث مالك محطة في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً إن «الممارسات والانتهاكات الحوثية الأخيرة بحقهم جاءت عقب تشغيل الميليشيات مؤخراً محطة حزيز وسعيها الحثيث لتضييق الخناق على المستثمرين بقطاع الطاقة ليتسنى لها وحدها الاستثمار في هذا المجال».
يشار إلى أن الجماعة الحوثية عملت على مدى السنوات الماضية من عمر انقلابها المشؤوم على السلطة الشرعية على تنفيذ سلسلة طويلة من الاستهدافات والتعسفات بحق مختلف المجالات والقطاعات الحيوية والشرائح المجتمعية، ومن بين تلك القطاعات على سبيل الذكر، قطاع الكهرباء والطاقة الذي مارست بحقه الميليشيات ذاتها مختلف أنواع التعسف وأعمال النهب والابتزاز.
وفي منتصف مايو (أيار) الماضي، كانت الجماعة شنت حملة استهداف وجباية واسعة طالت العشرات إن لم يكن المئات من ملاك المولدات الكهربائية الخاصة في صنعاء.
وأكدت حينها مصادر محلية في العاصمة لـ«الشرق الأوسط» أن ميليشيات الحوثي وعبر وزارة الكهرباء الخاضعة لها، نفذت حملة ابتزاز وجباية ميدانية استهدفت عبرها أكثر من 12 محطة كهرباء خاصة، تتبع المنطقتين الأولى والثانية في العاصمة صنعاء.
وبينما أدت الحملة الحوثية إلى إغلاق المحطات بذريعة عدم التزام ملاكها بالتسعيرة المقررة، عادت الجماعة لتسمح بتشغيل عدد منها، بعد أن فرضت على الملاك دفع مبالغ ضخمة.
ومن بين المحطات التي طالها الابتزاز والنهب الحوثي في المنطقة الثانية فقط محطات «مساعد بحي ذهبان، ورابعة بحي شملان، وقمرين بشارع هائل، والجوهرة في شارع الرباط».
وأشارت المصادر إلى أن ثماني محطات أعيد تشغيلها عقب الإغلاق الحوثي لها بيومين، عقب دفع مالكيها، في حين لا تزال أربع محطات مغلقة، ولا يزال ملاكها معتقلين لدى الميليشيات، لرفضهم دفع الجبايات.
وكان عاملون بمحطات طالها الاستهداف الحوثي أكدوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، أن الميليشيات الانقلابية كثفت خلال يومين ماضيين فقط من حملاتها لاستهداف عدد واسع من المحطات الكهربائية التجارية، رغم التزام ملاكها حينها بسعر التعرفة، 205 ريالات للكيلوواط الواحد (الدولار نحو 600 ريال).
وتأتي تلك الجرائم والانتهاكات الحوثية المتواصلة بحق ملاك محطات توليد الطاقة الخاصة في وقت لا تزال فيه خدمة التيار الكهربائي الحكومية منعدمة في العاصمة صنعاء، والمناطق الأخرى الواقعة تحت السيطرة الحوثية منذ مارس (آذار) 2015.
ويعتمد اليمنيون في أغلب تلك المناطق، إما على الألواح الشمسية أو على الكهرباء التجارية المدفوعة، وأغلبها باهظة الثمن؛ خصوصاً المحطات المملوكة لقيادات حوثية.