بعد أكثر من عام على الخطة التي اعتقد الحوثيون أنهم من خلالها سيتمكنون من إغلاق الطرق الرئيسية للتجارة من ميناء عدن إلى مناطق سيطرتهم، وتحويلها إلى ميناء الحديدة الخاضع لانقلابهم، عادوا يكررون الخطة ذاتها في اتجاه مأرب، بهدف الضغط على الحكومة الشرعية للتراجع عن آلية استيراد المشتقات النفطية التي رعتها الأمم المتحدة، ونصت على توريد كافة الرسوم الجمركية والضريبة إلى حساب خاص برواتب الموظفين.
مصادر عسكرية وسياسية يمنية ذكرت لـ"الشرق الأوسط"، أن قيادات بارزة في ميليشيات الحوثي تحدثت عن أن الهجوم المتواصل على محافظة مأرب هدفه مقايضة الحكومة الشرعية بالتراجع عن التمسك بآلية استيراد المشتقات النفطية، وبالذات النص الخاص بتوريد كافة العوائد الضريبة والجمركية إلى حساب بنكي خاص برواتب الموظفين يشرف عليه مكتب مبعوث الأمم المتحدة، وكذا مطالبتها الميليشيات بإعادة أكثر من 60 مليار ريال استولت عليها من حساب العائدات (الدولار حوالي 600 ريال).
وذكرت هذه المصادر أن ميليشيا الحوثي سلمت المبعوث الأممي مارتن غريفيث، هذه المطالب، قبل الهجوم الأخير على محافظة مأرب، إلا أنه رفض مناقشتها مع الجانب الحكومي، واستمر في مناقشة خطته لإعلان وقف القتال والإجراءات الاقتصادية والإنسانية المصاحبة.
وقالت المصادر، إن «الحوثيين يعتقدون أن الضغط على مأرب الغنية بالنفط والغاز سيحقق لهم على الأقل هدفاً واحداً من جملة المطالب التي كانوا طرحوها، وهو السماح لتجارها باستيراد المشتقات النفطية وتوريد عائداتها لصالح الميليشيا».
المطالب التي كانت ميليشيات الحوثي وضعتها، ورفضت الحكومة الشرعية أي نقاش حولها، تشمل أيضاً إعادة تشغيل محطة الكهرباء الغازية في مأرب، وإمداد مناطق سيطرتها بالكهرباء، وفتح الطريق بين مأرب وصنعاء، وإعادة تصدير النفط من ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر شمال مدينة الحديدة، الذي لا يزال تحت سيطرة الميليشيات، وتقاسم عائدات بيعه.
ووفقاً لهذه المصادر، فإن حشد الميليشيات لأغلب قواتها إلى الجبهات المحيطة بمحافظة مأرب، أعاد التذكير بالهجوم الكبير الذي شنته الميليشيات، قبل ما يزيد على عام على محافظة الضالع، وبهدف إغلاق الطرق الرئيسة لنقل البضائع إلى المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وكانت تأمل أن يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة الإنسانية هناك، وتوقف حركة التجارة عبر ميناء عدن، مع إغلاق كل الطرق الرئيسية، وبذلك يمكن للمجتمع الدولي الضغط على الشرعية لتحويل حركة السفن نحو ميناء الحديدة، وبما يوفر لهذه الميليشيات مصادر دخل إضافية، ولكي تحقق من خلاله انتصاراً أمام أتباعها، لكن ذلك لم يتحقق.
مصادر عسكرية قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن ميليشيات الحوثي سحبت معظم قواتها من الجبهات إلى محيط محافظة مأرب، وأرسلت أبرز قادتها العسكريين إلى هذه الجبهات، وبالذات عبد الخالق الحوثي شقيق زعيم الميليشيات، وأبو علي الحاكم الذي عين رئيساً لدائرة الاستخبارات العسكرية في قوات الجماعة، والاثنان مدرجان على لائحة العقوبات الدولية منذ قيادتهما الميليشيات عند اقتحام صنعاء في النصف الثاني من عام 2014، إضافة إلى قادة الوحدات الخاصة وخبراء في تفخيخ وإطلاق الطيران المسير، الذين تلقوا تدريبات مكثفة على يد «الحرس الثوري الإيراني».
ومع انقضاء عدة شهور على هذا الهجوم، الذي لا يزال متواصلاً حتى اليوم، فقد منيت ميليشيات الحوثي بأكبر الخسائر في صفوفها، وبين قادة الصف الأول لجناحها العسكري، وفق تأكيدات مصادر عسكرية يمنية
وإفادات وسائل إعلامها التي تبث يومياً تسجيلات لمواكب تشييع مقاتليها، الذين اضطرها تصاعد أعدادهم إلى فتح مقابر جديدة في عدد من المحافظات، بعد أن امتلأت المقابر السابقة بجثث الآلاف منهم.
ومع تأكيد المصادر فشل خطة الميليشيات الحوثية لإغلاق طرق التجارة عبر ميناء عدن، رغم تقدمها في البداية، ووصولها إلى مشارف مدينة الضالع، عاصمة المحافظة، إلا أن القوات الحكومية استعادت كافة المواقع التي سقطت، وأعادت المواجهات إلى الخطوط السابقة، كما قامت بتأمين طريقين إضافيتين لمرور الناقلات الكبيرة عبر الساحل الغربي، ومن ثم الدخول إلى محافظة إب، وطريق أخرى عبر منطقة يافع في محافظة لحج وصولاً إلى محافظة البيضاء.
*عن الشرق الأوسط