المستقبل اونلاين ، صحيفة الشارع
الأسبوع الفائت، نزل مندوب “الشارع” إلى مخيم النزوح في مدينة الشعب- عدن، للاطلاع على أوضاع النازحين في هذا المخيم، ومعرفة المشاكل التي يعانون منها، فوجد ما هو أهم: 15 أسرة نازحة تم رميها خارج المخيم. أغلب أفراد هذه الأُسر نساء وأطفال وفتيات تم رميهم في الشارع. ومنذ أكثر من أسبوعين، وهذه الأُسر تعيش أوضاعاً مأساوية وظروفاً صعبة، حيث تقضي أيامها على هامش شارع عام مليء بالمخاطر. القصة مؤلمة ومأساوية، هنا تفاصيلها.
قبل أكثر من عام ونصف، نزحت هذه الأُسر، مع أُسر أخرى، من محافظتي تعز والحديدة، إلى عدن، هرباً من الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي على كل اليمنيين.
تم إيواء هذه الأُسر في مخيم نزوح أقيم على أرضية/ حوش مواطن في مدينة الشعب- عدن. وصل عدد الأُسر التي تم إيواؤها في هذا المخيم/ الحوش إلى 54 أُسرة، ينتمي أفرادها إلى تعز والحديدة. ظلت هذه الأُسر في المخيم لقرابة سنة وسبعة أشهر، وظلوا يحصلون على مساعدات من منظمة أكتد الفرنسية ومنظمات أخرى. مؤخراً، قرر مالك الأرضية/ الحوش إخراج هذه الأُسر النازحة من أرضيته/ حوشه، لأنه وجد شخصاً يُريد استئجاره منه؛ كما قِيل.
منظمة أكتد الفرنسية، أقامت، بالتنسيق مع السلطة المحلية ومنظمات أخرى، مخيم نزوح آخر لهذه الأُسر، في المنطقة ذاتها. وقبل نحو 17 يوماً، تم نقل جميع 39 أُسرة إلى المخيم الجديد، ورمي بقية الأُسر الأخرى (15 اُسرة) إلى الشارع! لم يُسمح لها الانتقال إلى المخيم الجديد، بمبرر أنها ليست أُسر نازحة! ولاتزال هذه الأُسر تعيش في الشارع؛ بالقرب من “الفكة” المؤدية من الشارع الرئيسي العام (طريق البريقة) إلى “بئر أحمد”. ما إن تبدأ السير لأمتار في هذه “الفَكَّة”، حتى تجد، على اليسار، خمية متهالكة الأطراف يسكنها عدد غير قليل من الأشخاص، أغلبهم أطفال. تسألهم عن حالهم، فيردون بأصوات حزينة وعيون منكسرة. يتحدثون عن أوضاعهم السيئة، ويناشدون المنظمات الدولية توفير مكان كي يعيشوا فيه، مع الأساسيات اللازمة للحياة. جوار هذه الخيمة هناك خيم أخرى مبعثرة، جوارها وبالقرب منها، على قارعة الطريق. هنا تعيش هذه الأُسر الجحيم اليومي للنزوح.
يقول أفراد هذه الأُسر إن المشرفين على المخيم، وهم يعملون مع منظمة “أكتد” الفرنسية، استبعدوا أسماءها من كشف الأُسر التي تم نقلها إلى مخيم النزوح الجديد. هكذا، وجدت هذه الأُسر نفسها مجبرة على إقامة خيامها المهترئة على أحد جانبي الشارع العام، حيث تقضي أيامها وسط الغبار، دون مأكل أو مشرب؛ دون حماية، وعُرضة لمخاطر عدة.
تنتمي الأُسر الـ15 المرمية في الشارع إلى محافظة تعز، وتقول إن امرأة تدعى “أحلام”، وشخص يدعى عبده مهذب، بالوقوف خلف المأساة التي هم فيها. يعمل الشخصان كمسؤولين عن مخيم النزوح في “الشعب”.
قال عددٌ من أفراد هذه الأُسر إن خلافاً نشب بينهم وبين “المندوبة أحلام” (كما يسمونها)، بسبب قيام الأخيرة بتقليص السلال الغذائية المقدمة لهم كمساعدات. وطبقاً لقولهم، فذلك الخلاف دفع “أحلام” إلى معاقبتهم: إخراجهم من المخيم، ورميهم في الشارع، بحجة أنهم غير نازحين!
و”أحلام” هذه نازحة من محافظة الحديدة، عينتها منظمة “أكتد” كمشرفة على المخيم.
لمن نشتكي.. ولمن نبكي؟!
ينتمي محمد حسن إلى منطقة “برح العُريّش” في تعز، يعيش وأفراد أُسرته في الشارع، خارج “مخيم الشعب”. رمت بهم “المندوبة أحلام” خارج المخيم. قال محمد لـ “الشارع”: “نزحنا، أنا وأُسرتي إلى عدن. في البداية تشردنا ولم نجد مكاناً آمناً نعيش فيه. وجاءنا فاعل خير وأخذنا إلى الحوش الذي يقيم فيه النازحون في مدينة الشعب، وجلسنا هناك. لكن صاحب الحوش أخرجنا من أرضيته. نقلوا النازحين من الحوش إلى مخيم آخر، ونحن استبعدونا من الكشف، والآن نحن في الشارع”.
في الشارع، تُكابد هذه الأُسر، وبينها أطفال وفتيات، عناء العيش في جحيم الفقر والتشرد. وفوق هذا، لم يسلم أفرادها من الاستفزازات والمضايقات اليومية. يقول النازح محمد سليم: “لنا عشرة أيام منذ تم طردنا، وعدم السماح لنا بالعيش في الخيم الجديد، وكل ليلة ونحن في صراع مع العساكر السكارى، الذين يضايقونا ويأتون إلينا ليلاً، ويقولون لنا: اخرجوا، أنتم وأُسركم من الخيام، فلدينا حملة لتفتيش خيامكم”. بحرقة وألم، يضيف: “نحن لمن نشكي، ولمن نبكي، ولا معنا شيء ندافع به عن أنفسنا، وهناك ناس مستفيدين ومرتاحين في الحوش الثاني، ونحن بعد ما حذفوا المندوبين أسماءنا من كشف النازحين جالسين هنا في الشارع، والله أني ما أنام للفجر، بسبب البلاطجة والعساكر الذين كل يوم وهم فوقنا”.
بغُصَّة يستطرد: “أحد الأطقم أجا لا فوق دبب الماء حقنا، ودعسهم، وساوى بهم الأرض، بحجة أن لديهم أمراً بالتفتيش!”. وتساءل المسن محمد سليم: “أيش طيب تشوفوا؛ معي سلاح.. بوازيك.. صواريخ؟! أنا إنسان مرمي بي في الشارع، أنا وعيالي! نقول لهم: رُوحوا من هنا، ما يرضوا، ويتعبونا طول الليل بالقوة”.
لقراءة التفاصيل والمادة كاملة على رابط الصحيفة :