لا يكفي الحكومة الشرعية والمقاومة عامة ان تعترف بحقيقة ان المناطق المحررة لا تزال في حالة حرب ، وإنما عليها ان تجسد هذا الاعتراف برؤيا متكاملة تمكنها من اعادة صياغة استراتيجيتها الأمنية والعسكرية والإدارية على نحو اكثر انضباط من حالة الاسترخاء الناشئة عن اعتقاد البعض بانتهاء الحرب في هذه المناطق .
في هذا الجو المأساوي ووسط اشلاء الكارثة ارى عدن تدفع ثمن مقاومتها وتحررها ومحاولة استعادة نهوضها كمنارة للسلام والتعايش واحترام الانسان .
من بين الأشلاء والأنقاض يتسرب زمن الغدر ملطخاً بدم الأبرياء الى خارج المدار الذي يتحرك فيه مستقبل هذه المدينة ومعها وطن باكمله تطارده تلك الحقيقة الخالدة بخلود عدن الباسلة وهي ان عدن قيمة انسانية لا تهزم وان أشد لحظات الظلام حلكة هي التي تسبق الفجر ، وان الفجر قادم لا محالة .
ستظل عدن مستهدفة من اطراف كثيرة وبحسابات مختلفة ، فالمدن التاريخية التي أيقظت وعي الانسان وأشعلت في وجدانه جذوة الكفاح من اجل انتصار القيم الانسانية كانت قد أنتجت في نفس الوقت الخصوم الطبيعيين لهذه القيم ، وعدن هي واحدة من هذه المدن التي سجل تاريخها هذا النوع من الكفاح والصراع .
لا بد لابنائها ان يدركوا ان عدن رسالة لا تحتمل العزلة ، وان ما يحميها هو ان تحمل هذه الرسالة بروح منفتحة على الحياة وعلى كل من يصطف للدفاع عن هذه القيم .
إن المسالة الجوهرية هنا هي انه طالما ان الحرب النقيضة لهذه القيم الانسانية مستمرة فان طرح اكثر من مشروع على الطاولة في الوقت الحاضر غير مشروع مواجهة الحرب وانهاء الانقلاب وتحقيق السلام لن يَصْب الا في المجرى الذي تعمل فيه القوى المعادية والمغامرة ممن يعملون على خلط الاوراق بمواجهات تتداخل وتتكامل بنتائجها مع ما يسعى اليه الانقلابيون من خلط الاوراق وتوجيه الرسائل بأن عدن بؤرة كوارث غير قادرة على حمل مشروع السلام ...
وهذه هي المعركة الحقيقية مع هؤلاء .. فإذا ما قبل ابناؤها التحدي ومعهم كل المتطلعين إلى السلام والحريّة فإن الطريق الى ذلك سيكون بإعادة بناء خارطة المواجهة بمقاسات اخرى وعندها سيهزم الاٍرهاب ومن يقفون وراءه .
* من صفحة الكاتب على فيسبوك