أنس وهيب.. أمل مطفئ في وطن يغتال شبابه

هذه الحرب سرقت منا الكثير من أحبائنا وأحلامنا، صادرت الأمان الذي كنا نأوي إليه، لقد مرت على بيوت اليمنيين وقلوبهم وتركتها مثقوبة بالفقد والخذلان؛ لكنها لم تسرق منّا إنسانيتنا ولن تفعل، من أجل من ستكتب عنهم هذه الصفحة نستطيع أن نفعل الكثير إن لم نك من أصحاب المال نستطيع أن نوصل معاناتهم لأصحاب المال عن طريق إعادة النشر.


المحررة / غادة العبسي

 

في رمضان الفائت وقبل أذان المغرب بقليل كان أنس وهيب على موعد مع موت محقق، فتداركه لطف الله وخرج منه بإصابة بليغة حولت حياته إلى مأساة تضاف إلى مآسيه الكثيرة، فحين يحمل السلاح خارج إطار الدولة، حين يحمل السلاح البلاطجة والمدمنون وقطاع الطرق، حين تغيب الدولة ويصبح السلاح في متناول الجميع ويغيب دور الأمن، يتحول الوطن إلى غابة يسكنها الوحوش، وعادة الوحوش افتراس الضعيف.

تبدأ قصة إنس حين عانقت عيناه الضوء واستقبل الحياة باكياً؛ لكن بكاؤه لم يكن بكاء وليد فارق رحم أمه، وخرج لتوه إلى   الحياة ففي نفس التوقيت الذي استقبلته الحياة كانت تودع  والده الشاب ذو الثلاثون عاماً، طفل يتيم في أسرة فقيرة تكافح من أجل حياة كريمة وعفيفة، كان أنس خامس أخوته تقاسموا مرارة اليتم وقسوة الحياة، مع أم عصامية بذلت جهدها لتربية صغارها، وتعليمهم عن طريق زراعة أراضي تستأجرها وكذلك تربية بعض الأغنام والدجاج.

حين وصل أنس إلى الصف الأول الثانوي كانت البلاد قد دخلت في دوامة الحروب والصراعات، وازداد الفقير الشريف فقراً، قرر أنس السفر إلى  مدينة تعز ليعمل على الدراجة النارية ليساعد والدته، وليكمل دراسته في المعهد المهني، ولكن بسبب الحرب كان معهد الحصب قد أغلق وتحول إلى ثكنة عسكرية في يد بلاطجة الجيش، ولكن باب الحلم ظل مفتوحاً على أمل أن تنتهي الحرب وتعود الحياة إلى طبيعتها، لم يتوقف كفاحه وكانت الدراجة النارية التي يعمل عليها تدر عليه دخلاً لابأس به، حتى جاء اليوم المشؤوم، حين كان أنس عائداً إلى منزل زوج أخته في بير باشا لأجل الفطور بعد يوم عمل شاق، ليجد ثلاثة مسلحين يعترضون طريقه طلب منهم أنس السماح له بالمرور؛ لكنه تفاجأ بأحدهم يرفع السلاح في وجهه طالباً منه أن يقله في مشوار، أخبره أنس أن هذا موعد الإفطار وأنه لا يعمل في هذا الوقت، واشتاط المسلح غضباً مهددا أنس أنه سيقتله إن لم ينصاع لأمره، وقرب فوهة البندقية إلى منتصف جبهته، شعر أنس بالخوف ولا إرادياً أمسك ماسورة البندقية ورفعها إلى الأعلى، في تلك اللحظة كان المسلح قد ضغط على الزناد وانطلقت رصاصة مخترقة أعلى جمجمته حافرة أخدود عميق، وسقط أنس الطفل ذو الستة عشر ربيعاً غارقاً في دمه، حينها قام المسلحون الثلاثة بإيقاف ضحية جديد وتحت تهديد السلاح اقلهم هاربين، وتركوا أنس ينزف  في وسط الشارع حاول أنس أن يسعف نفسه معتمدا على دراجته، ولكن بعد مسافة بسيطة سقط مغشياً عليه بجوار أحد الباعة، حيث قام الأخير بحمله واسعفاه إلى مستشفى الثورة العام، وهناك تم عمل اشعة مقطعية بينت وجود كسور في الجمجمة ونزيف داخلي وتم عمل خياطة للجرح، ولكن بسبب النزيف و الكسور يحتاج أنس إلى عمل اشعة مقطعية متوالية لمتابعة النزيف، ما حدث أن صحة أنس تدهورت بشكل ملحوظ بسبب النزيف الدماغي وعدم القدرة على مواصلة عمل الاشعة المقطعية، وأصبح يعاني من اختلال في بعض وظائف الجسم، مشاكل في الرؤية، ندوب في الدماغ بفعل اصطدام الرصاصة الحارقة.

كأي أم اعتادت على التعب والشقاء في وطن لم يمنح أبناؤه حق الحصول على العلاج المجاني، لم تدع الأم باباً إلا وطرقته استدانت من الجميع، ولكنها الأن تقف عاجزة عن مواصلة علاج فلذة كبدها، يرقد أنس الأن في القرية بعد أن استنزف وأمه كل المصادر، والأن لم يتبق سوى أمل أن يجد من يتكفل بسفره إلى  صنعاء وعلاجه فيها.

للتواصل ومساعدة أنس على الرقم

771748064

فوزي أحمد نعمان

 

 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص