هذه الحرب سرقت منا الكثير من أحبائناوأحلامنا، صادرت الأمان الذي كنا نأوي إليه، لقد مرت على بيوت اليمنيين وقلوبهم وتركتها مثقوبة بالفقد والخذلان؛ لكنها لم تسرق منّا إنسانيتنا ولن تفعل، من أجل من ستكتب عنهم هذه الصفحة نستطيع أن نفعل الكثير إن لم نك من أصحاب المال نستطيع أن نوصل معاناتهم لأصحاب المال عن طريق إعادة النشر.
حررها خاص للمستقبل اونلاين / فجر سالم
تعيش فاطمة – 11 عاماً - مع أشقائها الستة في ظروف غاية في البؤس والحرمان بعد أن وجودوا انفسهم في واجهة الفقر والالم، وحيدين ليس لهم في هذه الحياة غير خيمة مهترئة وبعض الأواني المعدنية، وبطانية واحدة تتقاسمها مع اشقائها ووالدتها.
فرت فاطمة ووالدها واشقائها من مدينة الحديدة الساحلية بعد أن اشتدت المعارك بالقرب من منزلهم الصغير، ووصلت إحدى القذائف الى نافذة المنزل, باتجاه مدينة ذمار، مع بعض الأسر النازحة، في ذمار كان على فاطمة ووالدتها وشقيقها الذي يصغرها – ناصر 10سنوات- تحدي الظروف والبدء في التكيف على الحياة الجديدة.
حصلت الأسرة على خيمة وبطانية من إحدى المنظمات المحلية، فيما تكفل أهالي الحي بتقديم الطعام لعدة أيام، قبل أن يتضاءل ما يقدمه سكان الحي لفاطمة واخوانها، كان ذلك قبل ثلاث سنوات، اليوم، تحصل فاطمة واشقائها على قوتهم من جمع العلب الفارغة وبيعها، رغم العائد الضئيل الذي يحصلون عليه، لكنه يكفي لشراء الخبز، وأفضل في تقدير فاطمة من النوم بدون غداء وعشاء.
لدى هذه الطفلة السمراء، قصة موجعة في يوميات الحرب التي تعصف باليمن، فقد التهم البحر والدها قبل خمس سنوات، لتعيش مع والدتها في منزل صغير بأطراف مدينة الحديدة، كان والدها قد بناه بعد أن جمع مبالغ من المال أثناء اغترابه لسنوات في السعودية، المنزل غرفتين ومطبخ وحمام فقط، كان أفضل من النوم في الخيمة.
وفي معارك الحديدة، اضطرت للهرب من منزلها في احدى الليالي، خوفاً من أن يٌقتلوا داخل منزلهم، فروا الى دخل مدينة الحديدة، واليوم التالي باعت أمها اخر من لديها من ذهبها وهو خاتم وحيد كان ذكرى من زوجها الذي أهداها عندما عاد من رحلة اغتراب طويلة.
"البرد يقتلني ما معانا الا بطانية"
قالت فاطمة.. وهي تخفي خلف عينيها فصول طويلة من الوجع والقهر والألم، ففي مدينة ذمار يصل انخفاض درجة الحرارة الى ما دون الصفر المئوي وهي حياة قاسية أن ينام الأطفال تحت البرد لعدة أشهر.
تصارع هذه الطفلة الصغيرة طاحونة الحياة بابتسامة بريئة، وقلب صافي، وروح نابضة بالحياة والأمل.
تتجرع فاطمة مع أشقائها المعاناة بشكل يومي، وأملها أن يرجع اشقائها الى المدرسة، وان يجدوا ما يكفيهم من الطعام والملابس، لكن أعظم أحلام "فاطمة" العودة الى منزلهم بالحديدة، وانتهاء الحرب.