أرواحنا في رمضان
في رمضان تكون النفس البشرية أقرب إلى طبيعتها الروحانية الملائكية ، ومن فوائد الصيام تزكية هذه الروح ، ولذا خصَّ الله هذه الشهر بما لم يخصّ به سواه . الصيام هو عبادة روحية في الأساس ولذا كانت نتيجته مرتبطة بالروح بشكل مباشر ، والجسد وما يتعلق به في حال الصيام خداماً لاغير في ظل هذا الارتقاء الروحي ، ولطالما ذكر الصائمون بغرابة كيف يتاقلم الجسد مع التغيرات التي يحدثها الصيام ، ويختفي الأثر المانع أو المثبط ، وتفسير ذلك باختصار أن دوافع الجسد تصبح تحت إمرة دوافع الروح . الجوع والعطش دافعان جسديان فطريان مرتبطان بحاجة الجسد للحياة ، واستمرار اجهزة الجسم في أداء وظائفها ، ودوافع حب الإرتقاء الروحي ونيل الأجر والتدرج في سلم القُرب من المولى عز وجل هي روحية خالصة يحققها الصيام الذي يتناقض مع دافعي الجوع والعطش ، ودوافع فطرية أخرى . لدى الصائم تتغلب دوافع الروح على دوافع الجسد ، وهذا الأصل في طبيعة النفس البشرية ، فدوافع الجسد تجر صاحبها الى مرتبة "الحيوان" إن لم تتحكم بها دوافع الروح ، وفي رمضان يبدو هذا التفاعل واضحاً ، ويغدو الصائم مالكاً لزمام التحكم بدوافعه الجسدية ، مقيداً لها بمحددات رغبته بتحقيق دوافعه الروحية ، التي تزرع في نفسه الرضا ، وتكسبه الاجر والمثوبة ، وتحقق له تقدماً في سلم التقرب من المولى عز وجل . ستكون حياتنا أجمل إن سحبنا هذا التفاعل الرائع إلى باقي شهور السنة ، وتطبيق هذا التحكم الروحي على جميع مناشط حياتنا العامة ، وهذا حال أهل الصلاح والتقوى فهم يزنون أعمالهم بميزان الموافقة والمخالفة ، والأجر والوزر ، وهذا هو نموذج التحكم الروحي بالسلوك الجسدي . رمضان كريم ، كل عام وانتم إلى الله اقرب ، وعلى طاعته ومحبته أدوم .
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص