ما إن أطلق وزير الدفاع الامريكي ، مؤخراً، “مبادرته” للحل السياسي لأزمة اليمن حتى وجد تنابلة الحوثي في ذلك فرصة للحديث بصخب عن الوطن والمشروع الوطني ، على نحو بدوا فيه وكأنهم انزعجوا من حديث الوزير .
لم يكن الصخب الذي أطلقوه حول الوطن والمشروع الوطني سوى مزيج من الفجور السياسي والاخلاقي ..
فالمشروع الوطني عندهم هو الخرافة الكبرى التي طوقوا بها التاريخ ليجعلوا منه مُقعداً بلا حراك على كرسي “الولاية” مجهولة النسب ، إلا من بقايا وشم لخارطة جينية لا تقدم أي دليل على توازن عقلي من أي نوع كان .
وأما الوطن ، كما يتجسد في مخيالهم السياسي ، فهو ملحق بخرافة أخرى إسمها “السيد” ، أخذت تنمو مع الوقت في أحضان الخرافة الكبرى ، باعتباره القرين الذي يستلهم منه ناموس الحياة .. وفيه يختزل الوطن ، وتختزل المعاني المرادفة له كالإخلاص والتقديس والتضحية .. وبذلك ، فلا معنى للوطن بدون “السيد”، ولا معنى للمشروع الوطني من دون ” الولاية “. وما علي والحسين رضي الله عنهما إلا الرداء التاريخي المقدس الذي يغطي هاتين الخرافتين، والشماعة التي يعلقون عليها المعاول الملطخة بالدم بعد كل دورة دموية يهبون فيها بحثاً عما يعتبرونه ميراثهم في الحكم .
كفوا عن التدليس باسم الوطن الذي أدمته مغامراتكم الصبيانية ، وتوقفوا عن اللغو حول المشروع الوطني الذي صلبتموه فوق خرافة “الولاية”، وعودوا الى الواقع ،والى وقائع التاريخ ،واعترفوا انكم جزء من هذا المجتمع ، لا يميزكم عن أبنائه نسب ولا عرق ولا دم ولا كلام فارغ من ذلك الذي يردده أدعياؤكم الذين ظلوا يحملون معاول تدمير هذا البلد والنبش في تاريخ معفر برائحة الموت .