العنف ضد النساء ينتقل إلى الفضاء الإلكتروني

تتعرض المرأة لجميع أنواع العنف سواء من قبل الأسرة "الأب، الأخ، الزوج، أو من قبل المجتمع. ومع دخولنا عصر السوشيال ميديا والتي كان يُعتقد أن تكون المساحة الافتراضية المكان الذي تجد فيه المرأة متنفس لها، تعبر عن رأيها ويكون لها صوت مسموع، لكن سرعان ما تلاشى هذا الحلم وتحول إلى كابوس يومي يطاردها عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. فنفس المجتمع الذي يحمل ثقافة كراهية تجاه النساء ويمارس العنف ضدهن، ويحاول تقييد حريتهن، انتقل معهن إلى هذه المساحة الافتراضية بشكل واسع وكبير وبدون جدران أو حدود. مجتمع الفايسبوك يتكون مجتمع الفايسبوك من مختلف الفئات العمرية، الجنسية والتخصصات العلمية وما يشتركون به هو الأعراف التقاليد الاجتماعية والقبلية التي تنصف النساء. ولذلك لا تستطيع كثير من الفتيات في الظهور بهوياتهن الحقيقية أو وضع صورهن الشخصية خوفًا من المجتمع والأهل. تنشئ بعض الفتيات حسابات بأسماء وصور مستعارة لتتجنب المشاكل التي قد تتعرض لها إذا ما كشفت عن هويتها، وأحيانًا بأسماء حقيقة لكن بصور مستعارة. لأن ظهور صورهن الشخصية للعامة يعتبر أمرًا مخالفًا للعادات الاجتماعية والقبلية والموروث الديني. وما يجدر الإشارة إليه، أن استخدام الأسماء المستعارة والصور المستعارة لفتيات يأتي ايضًا من قبل شباب، لأسباب عدة: سياسة، تطفل، تحرش، تشهير وغيرها من الجرائم الالكترونية. هذه المنصات فتحت أيضًا مساحةً من الانقسامات الفكرية، السياسية، الحزبية، العرقية والدينية بشكل أوسع. وأصبحت ساحة للجدل الغير منتهي من قبل الأطراف المختلف، ويكفي أن تكون امرأة في هذا الفضاء لتصبح هدف يسعى للنيل منه الجميع. المرأة هدف تمثل المرأة اليمنية المجتمع كله وعليها الالتزام بكل قيوده التي انتقلت معها من الواقع إلى الفضاء الافتراضي. الثقافة الذكورية التي يشترك بها رجال ونساء هي من أهم أسباب ممارسة هذا العنف الذي يرتكز في سلب هوية النساء، صوتهن، وجودهن وكيانهن. وعندما تكون المرأة ناشطة حقوقية نسوية أو سياسية، ترتفع نسبة العنف لقمعها وإسكات صوتها، وأيضًا لترهيب الأخريات حتى لا يتجرأن في الدخول لهذا النشاط المدني الحقوقي. حيث تجتمع ضدها كل الشرائح الاجتماعية المختلفة وتنظم حملات للتشهير، تشويه سمعتها والإساءة بكل الطرق، فليس هنالك مناصرين كٌثر لتكن معركة متكافئة في بعض الأحيان. تقول أروى في تعليق كتبته على الفايسبوك: أن عدم توفير الحماية من قبل الأهل لبناتهم والوقوف بجانبهن إذا ما تعرضن للتشهير، يضعف من موقف المرأة في مواجهة عنف مماثل، فهي تقاتل وحدها بلا قانون، أسرة، أو مجتمع ينصفها. فتوة الحميقاني غالبَا ما يٌستغل الدين لشرعنة حرمان المرأة من أية حقوق وهذا كفيل بأن يعزز شعور المجتمع بأن هذا هو الصواب ودونه تعدي على الدين ومقدساته، ومن خلال ذلك تم تكفير أي امرأة تظهر بدون حجاب أو عباءة سوداء أصبحن صيد سهل للذكوريين. في بداية العام 2018 أطلق شيخ سلفي معروف وله أتباعه، فتوى "عُرفت بفتوى الحميقاني متضمن خطاب كراهية ضد المرأة ويحتقرها حيث قال "عجائز النساء ومثلهن دميمات الخلقة لا يلزمهن من أحكام الحجاب ما يلزم بقية النساء". ردت عدد من الناشطات والحقوقيات على هذه الفتوى عبر صفحاتهن، منها الإعلامية والناشطة الحقوقية هند الإرياني حيث كتبت على صفحتها في الفايسبوك " أقول له أنا دميمة وأفتخر، وأتمنى أن يتابع خطبي للجمعة، فهي أكثر فائدة وتتحدث عن هموم الناس وليس عن شعيرات الرأس". مرفقة صورة لها وهي ترتدي فستان أحمر وكاشفة الشعر. الناشطة الحقوقية ماجدة الحداد ونشرت أيضًا عبر صفحتها بفايسبوك صورة لها كاشفة شعرها مع صديقتها الناشطة د. أروى أحمد وقالت إن “هذه الفتوى كانت تستهدفها هي وصديقتها أروى أحمد. اشتعل الفايسبوك بتعليقات بين مؤيد ومعارض حول الصور اللاتي نشرنها الناشطات، وامتدت المعركة التي تضمنت سيل من التعليقات بين الإهانة والتجريح وبين الدفاع. في نفس العام 2018، نشرت إحدى الناشطات صورا لها وهي بشعرها وبفستان في دولة أجنبية، ما استفز متابعي الفايسبوك، وقاموا بحملات تحريضية ضدها قالوا فيها انها تسيء لسمعة اليمن وشرفه، ولا يجب تركها وشأنها وأنها ستشجع الأخريات على التشبه بها وتقليدها. فالمرأة اليمنية تُحمّل ثقل مسئولية سمعة 26 مليون يمنيًا تقريبًا، تٌبنى حملات التشهير هذه على الفضاء الالكتروني ولكنها تشعر المرء منا بعدم الأمان وتشجع الناس على النيل من النساء. كل هذا من شأنه إضعاف المرأة الناشطة وتقويض نشاطاتها ويمكن أن يعرضها للخطر بالإضافة إلى أنه يعد نوع من أنواع ترهيب بقية الفتيات اللائي يتطلعن إلى ممارسة حريتهن والتعبير عن أنفسهن والمطالبة بحقوقهن كاملة دون تجزئة. مستهدفات بسبب الجنس في عامنا الحالي 2020 تستمر الحملات التحريضية والتشويه ضد ناشطات الفايسبوك بصورة أكثر شراسة من قبل، بل وبشكل ممنهج. تم إنشاء مجموعة على فيسبوك سميت بـ “شباب المسلم لحماية المجتمع والأسرة من خطر النسويات" القائمين على المجموعة استعرضوا عدد من الصور لناشطات يمنيات في المهجر كنت بينهن، مرفقين منشورات حملت هاشتاغ "حمّالات الحطب". وهنالك من دعا بضرب النساء بالكفوف ومنعهم من التعليم، الخروج، استخدام الموبايلات وإنشاء حسابات على فايبسوك. ومن الملاحظ أن الأشخاص المحرضون على العنف ضد المرأة يلاقون عدد كبير من المتابعين والمشجعين، فهي طريقة سهلة للحصول على الشهرة على صفحات التواصل الاجتماعي. واقترح متابعي أحد ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي الذي اشتهر بالإساءة للناشطات، عمل معرض صور للناشطات النسويات والحقوقيات بهدف تشويه سمعتهن بين أوساط المجتمع، وبدأوا بالفعل بنشر عدد من الصور لمجموعة من الناشطات عبر صفحاتهم وأطلقوا ضدهن حملات تشهير مسعورة. تقول القاضية د./ أمال الدبعي ان هناك قوانين قد تكون رادعة في الفايسبوك، لكن معظم النساء يخافن من التشهير ومن المجتمع والسمعة فيخترن الصمت وهذا ما يشجع الطرف الآخر على الاستمرار في الإساءة والتشهير. الفضاء الالكتروني مكان خصب لكل من يريد أن ينتقم من فتاة او أمراه. تقول انتصار الصبرين -ناشطة اجتماعية-أن هذا العنف يعتبر جريمة وله تأثير على سلامة المرأة النفسية، الجسدية والاجتماعية. تتحدث انتصار عن تجربة شخصية أيضًا فقد تعرضت سابقًا لحملة قام بها مجهولين بأسماء مستعارة بغرض الإساءة لشخصها ولكيانها المجتمعي، وقاموا باتهامها بالنصب والاحتيال، وعانت من هذا التشهير والإساءة نفسيًا. ناشطة يمنية أخرى تدعى فاديا القباطي، تتعرض حاليا للابتزاز والتشهير من قبل زوجها السابق والذي يحاول نشر صور مركبة مفبركة بأوضاع غير لائقة مع شباب للتشهير بها في الفايسبوك، للانتقام منها. ومازال هذا العنف ضد المرأة مستمر، وينتهي لابد من أن تتغير مفاهيم المجتمع العامة وسلوكه. وردة العواضي صحفية وناشطة حقوقية نسوية عضوة في شبكة أصوات السلام النسوية، التضامن النسوي هذه المادة خاصة بشبكة أصوات السلام النسوية بالشراكة مع تحالف مجموعة التسعة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ضمن حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة. #UNWomen #WoVoicesofPeace #GroupofNineCoalition #Endviolenceagainstwomen #VAW
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص