استغلالاً لموسم عيد الأضحى بدأ الحوثيون حملة جديدة للجبايات يستهدفون بها التجار وملاك المحال التجارية في مختلف المدن الواقعة تحت سيطرتهم، ولم تنجُ من حملتهم الجديدة حتى المؤسسات العمومية والمصالح الحكومية والجامعات، إلى جانب فرض إتاوات على السكن، ترافقت مع أعمال اعتداء واختطاف وتخريب الممتلكات ونهب البضائع.
وتوسعت حملة الجبايات الحوثية لتشمل جهات رسمية تحت سيطرتها، مطالبة إياها بتوفير احتياجات العيد للمقاتلين في الجبهات، ومن ذلك الأضاحي من مختلف أنواع المواشي، إلى جانب الملابس والهدايا والمأكولات التي يجري فرض التبرع بها على كبار التجار وملاك المحال التجارية.
وفرض الانقلابيون الحوثيون على عدد من الجهات الرسمية في محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب العاصمة صنعاء) التبرع بـ2705 رؤوس من الماشية لصالح المقاتلين في الجبهات، إلى جانب تبرعات نقدية وعينية متنوعة.
ووزعت الميليشيات الحوثية رؤوس الماشية التي طلبت التبرع بها على كل من جامعة إب وكلياتها في مدينة جبلة ومكاتب التربية والصحة والضرائب والمالية والهيئة الزكوية والأوقاف والموارد المائية والاتصالات والنظافة وشركة النفط وأراض وعقارات الدولة ومكتب النقل ومكتب الأشغال والقضاء والضرائب والهيئات الزكوية والصحة والتربية، وغير ذلك من المؤسسات والمرافق الحكومية.
وشهدت الأشهر الماضية مظاهر احتجاج ضد حملات الجباية والإتاوات التي يفرضها الانقلابيون الحوثيون بمسميات مختلفة، ففي أواخر شهر رمضان الفائت وقبيل حلول عيد الفطر، أحرق شاب في مدينة ذمار بضاعته بسبب منعه من بيعها في بسطة على الرصيف، وحذا حذوه عدد من الباعة المتجولين وسط العاصمة صنعاء بسبب الجبايات التي كلفتهم خسائر كبيرة.
جبايات منزلية
في توجه مماثل؛ فرضت الميليشيات إتاوات على مُلاك المنازل السكنية في العاصمة صنعاء لدعم مقاتليها في الجبهات.
وذكرت مصادر في صنعاء أن قادة حوثيين ألزموا مسؤولي الأحياء أو من يعرفون بـ«عقال الحارات» بتوزيع مظاريف فارغة مكتوب على كل واحد منها اسم مالك السكن، ومكتوب عليها الآية القرآنية «انفروا خفافاً وثقالاً»، ومطالبتهم بدفع مبالغ مالية لإعداد قوافل تبرعات لمن تطلق عليهم الميليشيات صفة «المرابطين» في الجبهات بمناسبة عيد الأضحى.
وأطلق القادة الحوثيون تهديدات لمن يرفض الالتزام بدفع وتقديم التبرعات بعقوبات قاسية، وهو ما اضطر الكثير من السكان إلى التبرع برغم الظروف المعيشية القاسية التي يواجهونها، خصوصاً مع اقتراب عيد الأضحى ومتطلباته الكثيرة، وما يعانيه هؤلاء في سبيل تدبير تلك المتطلبات.
وأخيراً، اعتدى قيادي حوثي رفقة مسلحيه على الباعة المتجولين وملاك البسطات في سوق الروني الواقعة في حي الحصبة شمال العاصمة صنعاء، وعمد إلى تحطيم كل ممتلكاتهم ومعداتهم والأكشاك والعربات التي يستخدمها عدد منهم، ومكن عدداً من عناصر الانقلاب من نهب بضائع وسلع الباعة دون إعلان الأسباب التي دفعته للإقدام على هذا الفعل.
وتفيد مصادر في صنعاء بأن القيادي الحوثي، الذي لم تتوفر بياناته، ظهر فجأة رفقة مسلحيه وعدد من أفراد عصابات النهب، وبدأ الهجوم متهماً الباعة بارتكاب المخالفات وعدم دفع الأموال المطلوبة منهم دعماً للجبهات ومساندة الميليشيات في الحرب.
وبرغم أن الباعة حاولوا إثبات أنهم دفعوا كل ما طُلب منهم من مبالغ لصالح الميليشيات، وأظهروا السندات ذلك، فإن القيادي الحوثي لم يتح لهم فرصة للاعتراض، ولم يكن مستعداً للاستماع لهم، ومنحهم بضع دقائق لحمل بضائعهم والخروج بها من السوق، قبل أن يوجه أتباعه ببدء الاعتداء والنهب.
مطاردة الباعة المتجولين
في موازاة ذلك، أقدمت الميليشيات الحوثية في مديرية مناخة، غرب العاصمة صنعاء، على مطاردة الباعة المتجولين وملاك البسطات المنتشرين على جوانب الطرق العمومية ومصادرة بضائعهم، بحجة إزالة المخلفات والاستحداثات والمظاهر العشوائية ومسببات الازدحام المروري.
وبرغم أن هذه الإجراءات التعسفية لاقت استنكار أهالي المديرية الذين ينتمي الباعة المتجولون إليها، فإن وسائل إعلام الميليشيات الحوثية زعمت أن الإجراءات لاقت رضاهم واستحسانهم، وهو ما نفاه الأهالي الذين أعلنوا أن الباعة المتجولين يوفرون لهم بضائع وسلعاً أرخص من تلك التي تباع في المحال التجارية.
وأعرب الأهالي عن غضبهم من استهداف مصادر دخل الباعة المتجولين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والأزمة الإنسانية التي تتفاقم في البلاد، خصوصاً أن الباعة المتجولين يوفرون على الأهالي عناء التوجه إلى المدن الرئيسية والأسواق الكبرى للحصول على مستلزمات ومتطلبات الأعياد.
وتحدثت وسائل إعلام الميليشيات الحوثية مؤخراً عن اجتماعات واستعدادات تجريها مكاتب الأشغال والبلدية للنزول الميداني للرقابة على الأسواق ومتابعة التزام التجار وملاك المحال التجارية والباعة المتجولين بالنظافة وقواعد المرور، فيما تعده الأوساط التجارية مبرراً لابتزازهم وفرض جبايات وإتاوات على التجار والباعة.