في مشهد مؤلم يكشف مدى الظلم والقهر الذي تمارسه المليشيا الحوثية بحق اليمنيين ورجال الأعمال وأصحاب المشاريع في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تواصل مليشيا الحوثي محاكمة رجل الأعمال اليمني عدنان علي الحرازي، مدير عام شركة “برودجي سيستمز”، بتهم كيدية وملفقة له تهدف لمصادرة شركتة .
وخلال الجلسة، ارتفع صوت عدنان الحرازي، كاشفَا الظلم الذي تمارسه الجماعة بحقه وحق كل المعتقلين في سجونها، متحدثًا بصوت مرتفع، إن الجماعة وضعته في سجن انفرادي، قائلًا: ” كنت أكلم الذباب”.
واستطرد قائلًا: إذا نشرت الفساد مافيش أي مساعدات توزع في اليمن . انا رفضت الفساد )
وتواصل الميليشيا الحوثية الموالية لإيران اعتقال مدير شركة “برودجي سيستمز” عدنان علي حسين الحرازي منذ يناير عام 2023 وتوجيه تهم ملفّقة له، بعد اقتحام مقرّ الشركة ومصادرة مقتنياتها ووضع يدها على الشركة وتجميد عملها. واعتقال عدد من موظفيها.
ويزعم ما يسمّى “جهاز الأمن والمخابرات” التابع للحوثيين أن الشركة متّهمة بـ “تنفيذ العديد من المخالفات والتجاوزات للأنظمة المعمول بها لصالح منظّمات وشركات وجهات أجنبية، تضر بالجوانب السيادية للوطن ويستفيد منها العدو في الحرب”.
وتأسّست شركة “بروديجي سيستمز” في عام 2006 كشركة خاصة لتقديم خدمات وحلول تكنولوجيا المعلومات المتقدّمة.
ونمت الشركة بشكل مضطّرد على مدى 13 سنة لتصل إلى 154 موظّفاً بدوام كامل مسؤولين عن تقديم خدمات استشارية احترافية وتطوير حلول برمجية بشكل رئيسي لوكالات الأمم المتحدة ومنظّمات قطاع المساعدات الإنسانية وخاصةً منظّمة اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي وأوكسفام وأدرا والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وبالإضافة إلى مقرّها الرئيسي في صنعاء وفروعها الثلاثة في عدن والحديدة وصعدة، قامت شركة “برودجي سيستمز” ببناء تواجدها الميداني في جميع أنحاء اليمن وأنشأت شبكة كبيرة من الموظّفين الميدانيين المدرّبين ما مكّن الشركة من تنفيذ مشاريع واسعة النطاق للرصد والتقييم في مختلف أنحاء اليمن في قطاعات مثل الأمن الغذائي والصحة والتغذية والتحويلات النقدية والتعافي والمياه والصرف الصحي والنظافة والحماية والتعليم.
ويرى مراقبون أن عمل الشركة في مجال الخدمات الاستشارية المقدّمة للمنظّمات الإنسانية يمكّنها من الاطّلاع على فساد الحوثيين في ملف المساعدات الإنسانية وتغيير وجهتها وحرمان المستحقين لها، والاستيلاء عليها عن طريق منظّمات تابعة لهم وفق كشوفات وهمية ومن ثم بيعها في السوق السوداء لصالح قادتهم ومسؤوليهم ومشرفيهم في عملية ممنهجة منذ سنوات لاستغلال الأزمة الإنسانية في اليمن. ويؤكد المراقبون أن الحوثيين أرادوا بمداهمة الشركة ومحاكمة مديرها ومسؤوليها الاستحواذ عليها وتجميد عملها وقطع علاقتها بالمنظّمات الدولية وطمس أي دليل على سرقتهم للمساعدات الإنسانية خلال سنوات الحرب.
وكان وكيل النيابة الجزائية المتخصّصة بصنعاء صارم الدين مفضّل أبلغ وكيل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي بتكليف وليد محمد عبده البوصي قائماً بأعمال مدير الشركة مؤقتاً، مطالباً بتمكينه من عمله والسماح للموظّفين بمزاولة أعمالهم، وهو الأمر الذي لم يتم ما تسبّب في منع موظّفي الشركة من استئناف أعمالهم وحرمانهم من رواتبهم ومفاقمة الأوضاع المعيشية الصعبة لأسرهم ومن يعيلونهم.
وفي منتصف أبريل 2023 أصدرت النيابة الجزائية المتخصّصة بصنعاء قرار قضائي بتعيين مسؤول الموارد البشرية وليد محمد عبده البوصي مديراً مؤقتاً للشركة لتصريف أعمالها تحت إشراف النيابة المباشر، على أن يتم الرجوع إلى النيابة قبل القيام بأية أعمال خاصة بجمع البيانات الميدانية أو الإليكترونية، وكذا قبل إمضاء أية عقود جديدة مع الغير، وعدم سحب أية مبالغ مالية من أرصدة الشركة إلا بعد إطلاع النيابة على أوجه الصرف والحصول على موافقة خطية بذلك.
وفي ديسمبر الماضي أصدر صارم الدين مفضّل قراراً جديداً أبلغه إلى وكيل “جهاز الأمن والمخابرات” بصنعاء بتكليف كل من محمد عبد الحكيم عبد الهادي الرعيني ومدير المحكمة نصّار الناشري بإدارة شركة “برودجي سيستمز” بعد اتهام مديرها عدنان الحرازي بـ “إعانة عدو” وهي التهمة التي يمكن أن يواجه الأخير بسببها عقوبة الإعدام أو السجن.
وأفادت مصادر مطّلعة بأن الحوثيين أوكلوا إدارة شركة “برودجي سيستمز” إلى شركة “جراند ثورنتون يمن” التي يديرها مؤسّسها رمزي العريقي الذي يوصف بأنه “قاد وشارك في المئات من المهام الضريبية والمراجعة والاستشارات في اليمن وخارج اليمن”.