يمنيون يتحدّون الحرب ويقوموا بهذا العمل الغريب في أميركا واليابان


تحاول مجموعة من الشباب اليمني إنعاش تجارة البن اليمني رغم الحرب، واستعادة مكانته وشهرته التاريخية التي لطالما عُرف بها، معتمدين في ذلك على الخبرة والشغف والتدريب في مجال تذوّقه، وعلى معايير عالمية ﻹ‌نتاج أنواع فاخرة منه تجد رواجاً واسعاً في السوق الخارجية، خاصة في اﻷ‌سواق اﻷ‌ميركية واليابانية، التي تعتبر أهم اﻷ‌سواق المستقبلة للبن اليمني. 

وقد تأسست، خﻼ‌ل عامي الحرب، شركات ناشئة متخصصة في تجارة البن على يد شبان طموحين، باتوا من رواد اﻷ‌عمال في اليمن، ومنهم الشاب حسين أحمد (38 عاماً) وهو المدير التنفيذي وشريك مؤسسة "صائدو القهوة" Mocha Hunters ، وهي شركة ناشئة تأسست في أكتوبر 2016، ومقرها في وﻻ‌ية ديﻼ‌وير اﻷ‌ميركية، وتنشط لتسويق البن اليمني في اﻷ‌سواق الخارجية. 

وقد عاد أحمد من أميركا إلى اليمن، نهاية العام الماضي، ويبذل جهوداً كبيرة ﻹ‌نتاج البن اليمني بمواصفات عالية ومعدات حديثة، بغرض التصدير، وهو يستخدم التكنولوجيا والتسويق بواسطة اﻹ‌نترنت ﻻ‌ستعادة منتج عريق يحظى بشهرة عالمية، ويقول: "نحن شركة لتجارة القهوة، لكننا ملمّون بالتكنولوجيا أيضاً، ونريد دمجهما معاً". 

وفي الغالب يتم إنتاج وتصدير البن بطرق تقليدية، حيث يبيع المزارعون إنتاجهم في السوق المحلية إلى تجار يقومون بدورهم بمزجه مع أنواع أخرى من الحبوب، منها الزنجبيل والهيل، وهو ما يرفضه مؤسس "صائدو القهوة"، ويرى أن إضافة بهارات للبن تفقده نكهته المميزة. 

ويعتمد حسين أحمد على خبرة في مجال إنتاج وتسويق البن بدأت منذ 2007، حين غادر إلى بريطانيا ضمن برنامج للتبادل الثقافي، وهناك تعرّف على زوجته اليابانية وعادا إلى اليمن ليتعرّف على أفضل الطرق ﻹ‌نتاج البن، ثم سافر إلى اليابان وافتتح هناك، عام 2011، متجرا متخصصا في بيع البن اليمني حصراً. 

وقال أحمد لـ "العربي الجديد": "خﻼ‌ل الحرب أنتجنا كميات فاخرة من البن، وأشرفنا على اﻹ‌نتاج والقطف في المزارع، وشجعنا المزارعين على زراعة البن بكميات كبيرة، وبناءً على تعاقدات مسبقة في اﻷ‌سواق الخارجية وفي صدارتها السوق اﻷ‌ميركية أوﻻ‌ً وتليها السوق اليابانية". 

وتابع "تعتبر 
 السوق اﻷ‌ميركية أهم اﻷ‌سواق الخارجية بالنسبة للبن اليمني، ولدينا طلبات عديدة لم نستطع تلبيتها لظروف الحرب في اليمن، والصعوبات التي نﻼ‌قيها في الشحن. وكان مفترضاً أن أشارك في مؤتمر سنوي للبن بأميركا، خﻼ‌ل إبريل/نيسان الماضي، حيث يتم إبرام العديد من الصفقات، ولم أتمكن من المشاركة بسبب قرار ترامب حظر السفر إلى أميركا على مواطني 7 دول بينها اليمن". 

وقبل صدور قرار ترامب، كان أحمد قد نجح في شحن أول إنتاج لشركته، وأكد أن حمولته تبلغ 400 كغم، وصلت سليمة إلى مدينة جدة، حيث أرسلها صديقه إلى أميركا، وتباع في متجر (Counter Culture Coffee) بوﻻ‌ية ميتشغن، حيث تباع القهوة اليمنية بـ16 دوﻻ‌راً للفنجان الواحد، لكن منذ قرار حظر سفر اليمنيين إلى أميركا فإن الغموض يلفّ مصير الشحنات التالية وإمكانية شحنها. 

وأوضح أحمد "منذ مارس/آذار من العام الجاري، نواجه مشاكل في الشحن من ميناء الحديدة المطل على البحر اﻷ‌حمر غرب اليمن، بسبب معارك الساحل الغربي، وأن هناك مشاكل في عملية التصدير تتعلق بارتفاع رسوم الشحن". 

وقال "وكاﻻ‌ت الشحن الجوي العالمية أوقفت عملياتها في اليمن؛ وأغلب شركات التأمين قد توافق على تأمين المنتجات المشحونة من موانئ اليمن، لكنها ﻻ‌ تؤمّن على المخزون المحفوظ، والذي تقدّر قيمته بـ200 ألف دوﻻ‌ر". 

وتواجه شركته الناشئة إشكاليات في مرحلة قشر البن، فيما يتعلق بانعدام الكهرباء لتشغيل مكائن القشر والتكلفة المضاعفة في شراء الكهرباء، وفي الحفاظ على البن في مخازن خاصة في ظروف مناسبة، فالتعرّض لحرارة تفوق 30 درجة مئوية لمدة طويلة قد يفسد مخزون البن". 

ويعتبر أحمد أن قرار منع السفر أو حتى الحرب مجرد عقبة أكثر من كونها طريقاً مسدودة، وأنه يكافح للتغلب على صعوبات الحرب وقرار ترامب، ويعمل على ابتكار حلول. ويقول: "حظر السفر أو الحرب لن يحوﻻ‌ دون تصدير القهوة في النهاية، فالمزارعون في اليمن هم اﻷ‌ساس الذي تقوم عليه شركتنا، ولدينا الفرصة والقدرة على استعادة مكانة البن اليمني على خريطة اﻹ‌نتاج العالمي".

وغيْر  "صائدو القهوة"، تأسست ثﻼ‌ث شركات جديدة خﻼ‌ل الحرب لرواد أعمال يستخدمون التكنولوجيا لتسويق البن اليمني، فيما بدأت 5 شركات قديمة للبن بتحديث وسائل عملها وتسويق البن إلكترونياً على مستوى إقليمي ودولي وفتح أسواق جديدة عالمية، باﻹ‌ضافة إلى نشاط واضح وملفت في تسويق البن محلياً. 

ويرى أديب قاسم، الخبير في مجال اﻷ‌عمال، أن الشباب الرواد في مجال تجارة البن يتميزون عن غيرهم ممن حاولوا العمل في هذا ال
مجال بعمق المعرفة والشغف. 

وقال قاسم، وهو مؤسس حاضنة اﻷ‌عمال بلوك ون:"ما يقومون به ليس بسطحية اعتقاد، إن كل ما يحتاجه البن اليمني ليعود إلى مكانته في العالم هو فقط اﻹ‌شهار، بل إدراك بأهمية العمل على مستويات مختلفة بدءًا من خلق عﻼ‌قات حقيقية مع مزارعي البن وفهم المشكﻼ‌ت التي تواجههم، إلى القدرة والتمكن من التعامل بجدارة مع سوق عالمي ناضج جداً في مجال البن".

ويوضح قاسم أن رواد اﻷ‌عمال في تجارة وتسويق البن، على معرفة ودراية بكيفية استغﻼ‌ل الحلول التقنية الحديثة لخلق حلقة وصل متكاملة وشفافة وقادرة على الرفع من القيمة الحقيقية للبن اليمني، بكونه ليس فقط مشروبا عالي الجودة، ولكنه قصة لعدد كبير من المزارعين اليمنيين في أعالي الجبال، وتاريخ عريق من الممارسات والتجارة". 

وإضافة إلى نشاط رواد اﻷ‌عمال، يبدو ﻻ‌فتاً أن نرى اهتماما حكوميا بمحصول البن رغم الحرب، حيث دشن محافظ صنعاء، حنين قطينة، والقائم بأعمال وزير الزراعة والري، علي الفضيل، في 18 إبريل/نيسان الماضي، غرس 5 آﻻ‌ف شتلة من أشجار البن في منطقة حراز بمديرية مناخة، بتمويل صندوق تشجيع اﻹ‌نتاج الزراعي والسمكي. 

وعلى المستوى الشعبي، نرى اليمنيين يتطلعون إلى عودة اليمن إلى تاريخه المعروف في مكانة البن، وقد كتب وزير الثقافة اليمني السابق، خالد الرويشان: "الفلفل اﻷ‌حمر تحوّل إلى الذهب اﻷ‌حمر، ويُدِرّ دخﻼ‌ً بالمليارات على سيريﻼ‌نكا، متى سيكون البُن اليمني ذهبًا وثروةً لليمن واليمنيين.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص