تسببت أعداد الألغام المهولة التي زرعتها مليشيات الحوثي وقوات صالح أثناء غزوها مدينة عدن، أواخر مارس 2015، بسقوط ضحايا مدنيين بينهم أطفال ونساء، وتدمير وتخريب كثير من المنازل، والشوارع، والطرقات، والمرافق الخاصة والعامة.
وقال مصدر في فريق نزع الألغام لــ«الأيام» إن «أبرز المناطق التي لغمتها المليشيات في عدن هي: البساتين، ورأس عمران، وفقم، ودار سعد، وبئر فضل، وجعولة، ومصعبين، والممدارة، وحي الفيروز، والمحاريق، وفي محيط مطار عدن الدولي».
وكانت قناة «المسيرة» التابعة لجماعة الحوثي قد اعترفت بأن مسلحي الجماعة زرعوا الألغام الأرضية قبل أن تتم هزيمتهم، ودحرهم من محافظات لحج، وأبين، وعدن.
وأشارت في الخبر الذي بثته ابان تحرير العاصمة عدن من غزوهم إلى أن «عشرات القتلى من أتباع الرئيس هادي سقطوا خلال 48 ساعة بفعل الألغام الأرضية» التي زرعها من أسمتهم «أعضاء اللجان الشعبية والجيش».
وتسببت تلك الألغام والمقدرة بالآلاف من أنواع مختلفة بينها إيرانية الصنع، بسقوط المئات بين قتيل وجريح، معظمهم من المدنيين. وكشف مدير التدريب والتثقيف في البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام صالح علي صالح المنتصر في تصريح لـ«الأيام» أن ما تم اكتشافه من مخلفات الحرب من ألغام متنوعة ما بين مضادة للدبابات والأفراد، وقذائف، وصواريخ، وقنابل، وفيوزات، وعبوات ناسفة، وشبكات متفجرة تقدر بنحو (178.888) (مائة وثمانية وسبعين ألفا وثمانمائة وثمانية وثمانين) في المناطق المحررة بمحافظات: عدن، لحج، أبين، حضرموت، والضالع، وتعز. وأضاف: «فيما بلغ عدد الضحايا التي استطاع رصدها البرنامج الوطني كجهة مختصة من مطلع عام 2016 حتى 30 نوفمبر 2017 في عدن وبعض مديريات لحج وأبين فقط 1203 ضحايا.
وأكد بيان صدر عن مرصد الألغام الأرضية والذخائر العنقودية (واشنطن) وتحصلت «الأيام» على نسخة منه أن «استخدام الألغام من قِبل الجماعات المسلحة غير الحكومية في اليمن خلال 2017 ما يزال مستمرا».
وأوضح البيان أن «الصراع المسلح في اليمن ساهم وبشكل استثنائي في ارتفاع الإصابات الناجمة عن الألغام، في الوقت الذي حظرت «معاهدة حظر الألغام» (التي أصبحت قانوناً دولياً) في عام 1999 استخدام الألغام في الدول المؤيدة بما فيها دولة اليمن الموقعة على معاهدة حظر الألغام.
إلى ذلك كشف التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان أن «مليشيا الحوثي الانقلابية ارتكبت 2258 حالة انتهاك بسبب الألغام التي زرعتها في 16 محافظة منذ انقلابها على الشرعية».
وقال التحالف العربي في تقريره الصادر بعنوان (الألغام القاتل الخفي) بمناسبة اليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، والذي يصادف 4 أبريل من كل عام إنه «وثق 2258 حالة تضرر بشرية ومادية خلفتها الألغام التي زرعتها المليشيا الانقلابية منذ بداية الحرب التي دخلت عامها الثالث، موضحاً بأن «الأضرار تنوعت بين قتل، إصابة، تفجير منشآت، تفخيخ مركبات وجسور ومزارع وآبار»٠
وأوضح التقرير أن «زراعة الألغام توزعت على 16 محافظة يمنية، وهي: تعز، مأرب، البيضاء، لحج، عدن، إب، صنعاء، أبين، الجوف، الضالع، عمران، شبوة، صعدة، حجة، وذمار».
وكانت مليشيا الحوثي قد زرعت الألغام في الطرقات العامة قبل هزيمتها في المناطق التي كانت تسيطر عليها، لمنع تقدم المقاومة المسنودة بالجيش، محدثة قتلى وجرحى معظمهم من المدنيين في تلك المناطق.
ورصدت «الأيام» عددًا من الضحايا جراء الألغام التي زرعتها المليشيا في محافظة لحج (شمال العاصمة عدن)، كانت إفاداتهم بأن تعرضهم للإصابة والإعاقة الدائمة ناتجة عن انفجار ألغام بهم، بعد تحرير المحافظة من المليشيات وقوات صالح.
خالد السقاف، أحد المواطنين بالمحافظة الذين تعرضوا لجحيم الألغام يقول: «تعرضت سيارتي بمديرية تُبن لانفجار لغم أرضي أدى إلى وفاة زوجتي، وإصابتي بجروح، ودخل أحد أقربائي في غيبوبة إثر الانفجار».
فيما يقول محمود (23 عاما): «توفي ثلاثة من إخوتي بانفجار لغم زرعته مليشيات الحوثي في منزلنا بمنطقة جعولة».
وانفجر، أمس الأول، لغم أرضي زرعته المليشيا في طريق عام بسيارة في منطقة الجوازعة بمديرية القبيطة تسبب بجرح أربعة من المواطنين بينهم سائق السيارة. وتسببت الألغام إلى جانب إزهاق أرواح الأبرياء بإصابة المئات من المواطنين بالإعاقات الدائمة.
وتكشف شبكات الألغام المتنوعة بين فردية وضد الدروع والمزروعة من قبل المليشيات في الطرق العامة والفرعية وأوساط المدارس والمرافق العامة مدى الإجرام الذي تتسم به هذه المليشيات، والتي لا تفرق بين مدني وعسكري ومرفق حكومي وخاص.