استضافت مدينة جنيف السويسرية مؤتمر الاستجابة الإنسانية بشأن اليمن الذي نظمته كل من سويسرا والنرويج بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة ، وقد مثّل المؤتمر من الجانب اليمني معالي وزير الخارجية الأستاذ عبدالملك المخلافي الذي قدّم استعراضاً شاملاً للمأساة الإنسانية في اليمن الناجمة عن الإنقلاب المليشياوي ، ووضع المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة بالصورة الحقيقة للوضع الإنساني في اليمن.
وفي استعراضه للحالة الإنسانية قال المخلافي إن الأزمة الانسانية الماثلة أمامكم اليوم ليست نتيجة لكارثة طبيعية بل من صنع الإنسان ونتيجة مباشرة للوضع السياسي المتمثل بالانقلاب على الشرعية والحرب التي فرضتها المليشيات الإنقلابية على الشعب اليمني. وأضاف، إن هذه الحرب أثرّت تأثيرا كبيرا على الوضع الاقتصادي الشامل في اليمن مع توقف صادرات البلاد المحدودة والضغوط المتواصلة على سعر صرف العملة، وعدم صرف رواتب الموظفين في الكثير من المحافظات، وارتفاع معدل التضخم، وتهالك البنية التحتية الحيوية، وتدهور القطاع الصحي وشبكات الصرف الصحي في المدن، وتسبب انقطاع التيار الكهربائي عن المرافق الصحية وعدم توفر الوقود والميزانيات والقدرات التشغيلية لهذه المرافق بزيادة مخاطر انتشار الأمراض ولأوبئة.
وفي حديثه عن الصعوبات التي تعترض العمل الإغاثي والإنساني، قال المخلافي إن ذلك يرجع إلى أن سلوك المليشيات الانقلابية أسهم بشكل كبير في تفاقم الوضع الإنساني في اليمن . فقد قامت المليشيات خلال العام المنصرم بحجز ومنع دخول أكثر من 65 سفينة اغاثية وأكثر من 580 شاحنة وتفجير أربع شاحنات غذائية إضافة إلى نهب الالاف من السلل الغذائية وتصريفها في السوق السوداء.
واستطرد بالقول إن المليشيات تنتهج أساليب العصابات فقد زادت من تكلفة البضائع عبر فرض جبايات وإنشاء مراكز جمركية في مداخل المدن الرئيسية و تعمدت باحراق مخازن الغذاء التابعة لبرنامج الغذاء العالمي في ميناء الحديدة مما أدى إلى إتلاف كميات كبيىرة من مواد الاغاثة التي يحتاجها السكان في تلك المناطق و إهدار لأموال المانحين، ومن غير العدل ولا من المنطق أن تسخر تلك الأموال لآلة الحرب ويحرم منها موظفي الدولة والمؤسسات الخدمية وخاصة الصحة والتربية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وعن الحلول المناسبة للتخفيف من قسوة الأزمة الإنسانية بشكل عام وضمان إيصال العمل الإاني إلى المستحقين قال المخلافي إن أحد الحلول المناسبة لتجنب نهب ومصادرة وبيع المساعدات من قبل الميليشيات الانقلابية، يتمثل بتنفيذ مبدأ لا مركزية العمل الاغاثي وذلك من خلال تقسيم اليمن الى خمسة مراكز توزع من خلالها الاغاثة وفقا للقرب الجغرافي للمناطق المحتاجة.
وأضاف لقد أعلنت الحكومة الشرعية ميزانيتها للعام 2018 رغم شحة الموارد المالية، وستعمل كل ما في وسعها للالتزام بما ما ورد في الميزانية من مؤشرات رغم العجز المقدر ب33% ، على هذا الأساس فإن توفير مرتبات المدنيين يسهم في التخفيف من تبعات الأزمة الإنسانية فقد تضمنت الميزانية تغطية مرتبات عام كامل للعسكريين وتغطية مرتبات عام كامل لموظفي الدولة المدنيين في 12 محافظة وقطاعات واسعة من المحافظات غير المحررة كالصحة والقضاء والجامعات وغيرها. إن الحكومة اليمنية على استعداد كامل لصرف مرتبات المناطق غير المحررة إذا التزم الحوثيون بتوريد العائدات في المناطق الخاضعة لسيطرتهم إلى فروع البنك المركزي في المحافظات وفقا لآلية تشرف عليها الأمم المتحدة، وفي هذا الصدد فقد كشف التقرير الأخير لفريق خبراء لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي تحصيل الميليشيات الحوثية لأكثر من ملياري ونصف دولار أمريكي خلال العام 2017 كموارد من ميناء الحديدة وعائدات الضرائب من شركات الاتصالات والتبغ والنفط وغيرها من الشركات، وكل هذه الأموال تذهب إلى جبهات القتال التي تزيد من وطأة المأساة الإنسانية للشعب اليمني المصطبر عليها منذ ثلاثة أعوام.
وعن جهود السلام التي تسعى لها الأمم المتحدة ، قال المخلافي إن الحكومة اليمنية تعبر عن دعمها الكامل للمبعوث الأممي من أجل الوصول الى حل سلمي ، كما تعبر عن ارتياحها لمواقفه وتصريحاته في التعبير عن التمسك بالمرجعيات والبناء على مأتم سابقا والعمل مع الحكومة الشرعية والتأكيد على الموقف الأممي في دعم أمن واستقرار ووحدة اليمن وسلامة أراضيه مضيفاً أن السلام في اليمن هو هدف الحكومة اليمنية والأمم المتحدة وهو ممكن إذا جرى الالتزام بمرجعيات الحل التي نصت عليها قرارات الأمم المتحدة وتم البناء على ما تحقق في الكويت ونفذت مجموعة من الخطوات الأساسية لبناء الثقة وفِي مقدمتها الإفراج عن المعتقلين والمختطفين والمخفيين قسريا. وقال في تذكير للمجتمع الدولي، مهما حشدت الموارد وقدمت المساعدات ، فإن الحل الأمثل لإنهاء الأزمة الانسانية يتمثل بالعودة إلى طاولة الحوار وإنهاء الانقلاب والحرب وتحقيق السلام المستدام وفقاً للمرجعيات الثلاث التي أجمع عليها اليمنيون، بما فيهم العناصر التي انقلبت على الدولة، ويدعمها المجتمع الدولي.
وفي نهاية استعراضه للأزمة الإنسانية والوضع السياسي اليمني الراهن طالب المخلافي المجتمع الدولي بتغطية خطة الاستجابة الإنسانية لليمن 2018 , مؤكدا أن الحكومة الشرعية جاهزة للتعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة والمانحين في كل ما يضمن سلاسة العمل الاغاثي.
وخلال المؤتمر، التقى الوزير المخلافي بالعديد من الشخصيات السياسية والحقوقية الدولية كان أبرزها أمين عام الأمم المتحدة الذي ناقش معه جهود السلام ودعم العملية الإنسانية في اليمن، مؤكداً له دعم الحكومة اليمنية للمبعوث الأممي الجديد إلى اليمن ومساعيه لاحلال السلام العادل والمستدام وفقا للمرجعيات الثلاث المتفق عليها.
كما التقى مدير عام منظمة الصحة العالمية الدكتور / تادروس أدهانوم والذي أكد على التزام المنظمة بدعم القطاع الصحي في اليمن ووضع خطط وقائية لمنع عودة انتشار وباء الكوليرا في اليمن عبر حملات التطعيم وبتوفير المياه الصالحة للشرب ورفع المخلفات. واستعرض أيضا مع ووزير خارجية النرويج السيدة آن أريكسون سوريد ، الخطة الانسانية الشاملة المقرة من الحكومة اليمنية وتحالف استعادة الشرعية في اليمن والتي تقضي بتسخير جميع الموانيء والمطارات والمنافذ اليمنية لاستقبال المعونات الانسانية وتوفير مسارات آمنة لها لتصل الى مستحقيها.
وفي ختام المؤتمر قدّم المخلافي شكر اليمن قيادة وشعباً إلى سويسرا ومملكة السويد و الأمم المتحدة على الإعداد المتميز لمؤتمر الاستجابة الانسانية ، معتبرا أنه كان اجتماعا ناجحا يعكس الاهتمام الدولي بالوضع الإنساني في بلادنا.
إضافة تعليق