لماذا لا تنتهي الاشتباكات المسلحة بين فصائل الجيش في تعز ؟

تتجدد بين الحين والآخر الاشتباكات المسلحة داخل مدينة تعز بين فصائل ووحدات الجيش التابعة لقيادة المحور واللواء 22 ميكا من جهة وكتائب العقيد أبي العباس التابعة للواء 35 مدرع من جهة أخرى، حيث يستخدم الطرفان جميع أنواع الأسلحة بما فيها الثقيلة، ما يتسبب بسقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح بينهم مدنيين.

 

والمدنيون الذين لا ناقة لهم ولا جمل هم أبرز ضحايا هذه الاشتباكات وأكثر من يدفع فاتورتها، ومع الدعوات المتكررة من قبل السلطة المحلية وقيادة الجيش والرئاسة اليمنية لايقاف هذه الاشتباكات، إلا أنها لا تتوقف بهدنة أو باتفاق حتى تبدأ من جديد، في صراع مستمر ومتجذر يبدو أنه لن ينتهي ما لم تقلع جذوره ويتم معالجة الأسباب الحقيقية لهذا الصراع.

 

يركز أطراف الصراع وعبر الاعلاميين التابعين أو الموالين لهم على تقديم فرضيات متعددة لسبب الصراع، وتبرز إلى الواجهة قضية مكافحة الجماعات الارهابية أو ملاحقة الخارجين عن القانون كمبرر لحدوث هذه الاشتباكات، بينما الواقع ينفي هذه الاتهامات لأن السلطات القضائية هي الوحيدة المخولة باتهام الأفراد أو الكيانات بالخروج عن القانون، كما أنها الوحيدة المخولة بإصدار مذكرات قبض قهري ضد الأفراد والكيانات المتهمة، ويكون حينها من صلاحيات الأجهزة الأمنية اتخاذ ما يلزم لالقاء القبض على الأفراد والكيانات الصادر بحقها القاء قبض قهري، بما في ذلك استعانتها بوحدات الجيش في حال عجزها عن تنفيذ المهمة، لكن أيا من ذلك لم يتم حتى الآن ما يؤكد أن الاشتباكات الحاصلة لا علاقة لها بمتابعة الخارجين عن القانون، وأن ما يحصل هو صراع بين وحدات الجيش الوطني.

 

في الطرف الاخر هناك من يطرح قضية الصراع السلفي/ الاصلاحي وهو الأمر الذي تنفيه قيادة الجيش وقيادة السلطة المحلية، حيث تعبر في مواقفها عن أن الحاصل هو صراع مأسوف له بين رفقاء السلاح المنتمين للجيش الوطني، وبعيدا عن المواقف الرسمية فإن الواقع يقود إلى أن الصراع بين وحدات الجيش ناتج عن اشكاليات سابقة لم يتم معالجتها في حينه.

 

في حديثه لــ"المستقبل أونلاين" يرى الناشط عادل سنان إن الاشكالية الحاصلة في تعز يجب توصيفها التوصيف الحقيقي بعيدا عن التوظيف السياسي لصالح هذا الطرف أو ذاك، والحاصل في تعز هو عبارة عن صراع بين وحدات الجيش الوطني، وتعود الأسباب الحقيقية لهذا الصراع إلى الاختلالات الكبيرة التي رافقت عملية دمج المقاومة في الجيش، حيث كان معروفا أن فصائل المقاومة الشعبية تكونت في بداية مقاومة الانقلابيين على أسس مناطقية أو سياسية أو فئوية، فوجدنا فصائل مثلا تنمتي للاصلاح وأخرى للسلفيين،ووجدنا فصائل تنتمي لمناطق مثل صقور الجبل وغيره، وهذا كان أمرا طبيعيا في حينه اذا عرفنا ظروف تشكل المقاومة الشعبية التي كانت عبارة عن مجاميع مسلحة غير نظامية"

 

ويستدرك "سنان" لكن غير الطبيعي هو آلية دمج هذه المجاميع في الجيش حيث دمجت ككتل وليس كأفراد أو كمجاميع صغيرة على الأقل يتم توزيعها على جميع الألوية، بل تم ضم الكيان أو الفصيل ذات اللون الواحد إلى لواء محدد بذاته، وهذا ما أفرز ألوية عسكرية هشة في تنظيمها وفي ولائها الوطني لأنها صارت بعد ما يسمى بعملية الدمج ذات لون واحد سواء كان هذا اللون سياسي أو مناطقي، وهذا الأمر يزيد من تعقيدات أي اشكال قد يحصل حتى لو كان اشكالا شخصيا بين فردين تابعين للوائين مختلفين".

 

من وجهة نظر جمال العماري الذي تحدث لــ"المستقبل أونلاين" فإن المشكلة في تعز تتمثل في وجود وحدات الجيش داخل المدن، فالمعروف أن الانتشار داخل المدن وحماية الأمن فيها من مسؤولية الأجهزة الأمنية، بينما الجيش معروف عنه امتلاكه للسلاح الثقيل ومهمته الدفاع عن الأرض والواجب أن ترابط وحدات الجيش في الجبهات لتحرير بقية المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الانقلابيين، وبالتالي لابد من نقل الجيش إلى الجبهات ونقل السلاح الثقيل والمتوسط إلى خارج المدينة، وتسليم المدينة للوحدات الأمنية المختلفة من شرطة ونجدة وأمن خاص لتتولى مسؤوليتها في بسط الأمن وفرض هيبة الدولة وسلطة النظام والقانون".

 

وأفادت مصادر "المستقبل أونلاين" إن محافظ تعز الدكتور أمين أحمد محمود قد أعد خطط مزمنة لاعادة انتشار الأجهزة الأمنية في المدينة خلال شهري سبتمبر واكتوبر 2018 حيث تم دعم هذه الأجهزة بــ100 طقم مجهزة تجهيزا كاملا، حيث ستتم هذه الخطوات بالتزامن مع تسليم الوحدات العسكرية لمواقعها داخل المدينة إلى قوات الأمن وستتوجه للجبهات لاستكمال معركة التحرير التي يتم الاعداد لها.

 

هذه المصادر أفادت أيضا بوجود تغييرات في قيادة المؤسسة العسكرية بحيث سيعاد تشكيل وهيكلة الألوية العسكرية على أسس سليمة تعالج الاختلالات التي تمت في عملية دمج المقاومة في الجيش، بحيث يكون قوام اللواء بين 2500 - 3500 فرد، وهذا ما سيستدعي تشكيل ألوية جديدة لاستيعاب القوام الحالي للألوية الموجودة.

 

يبدو اذن أن الاشتباكات المسلحة ستستمر في تعز ما لم يتم تشخيص أسبابها بالشكل الأنجع ومن ثم معالجة هذه الأسباب وتفاديها، خاصة أن المرحلة تستدعي توحد الجميع للتعبير عن آمال الشارع التعزي في استعادة الدولة ومؤسساتها وتحرير تعز من الانقلابيين.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص