ألقاه السفير خالد حسين محمد اليماني مندوي اليمن لدى الأمم المتحدة

بيان الجمهورية اليمنية امام جلسة مجلس الأمن حول اليمن


السيد الرئيس، 
اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل لسعادة السفير رملان بن ابراهيم المندوب الدائم لماليزيا على قيادته الحكيمة لأعمال المجلس لشهر أغسطس الجاري، و على أتاحه الفرصة لنا للحديث أمام مجلسكم الموقر، كما أود أن أتقدم بالشكر إلى السيد الأمين العام للأمم المتحدة والى مبعوثه الخاص الى اليمن السيد إسماعيل ولد شيخ أحمد على الجهود الكبيرة التي قام وما يزال يقوم بها منذ انتهاء جولة المشاورات في الكويت استمرارا لما سبق من جهود مشكورة من أجل التوصل الى اتفاق سلام ينهي مأساة الحرب التي اشعلتها مليشيات الحوثي- صالح ضد شعبنا منذ سبتمبر 2014. 
السيد الرئيس، 
السيدات والسادة السفراء، الحضور الكرام،
كان يحدونا الأمل الكبير اليوم بأن تأتي جلسة الإحاطة هذه وقد تم الولوج في طريق السلام، فيما لو استشعر الطرف الانقلابي بكآبة الوضع الذي باتت فيه بلادنا اليمن ووافق على الورقة التي تقدم بها المبعوث الخاص كمحصلة ونتاج لتفاوض استمر قرابة المائة يوم بين الوفد الحكومي والانقلابي في دولة الكويت العزيزة على قلوبنا نحن أبناء اليمن. الا ان نوازع الشر والرغبة الجامحة لدى مليشيات الحوثي وصالح في مواصلة مغامرة الحرب العدمية وقتل الأبرياء وتهجير الآمنين وتفجير المنازل ودور العبادات والاعتداء على المناطق الحدودية في المملكة العربية السعودية الشقيقة، ومواصلة تجارة الموت التي تغذيها شبكات الإرهاب في إيران وعبر ذراعها الإقليمية الممثلة في حزب الله، ابت الا ان تستمر في عدوانها الاثم والجبان على شعبنا ويمننا وجوارنا الاخوي.
واستمرت هذه العصابات التي اختطفت الدولة في سبتمبر 2014 والتي لا تمتلك أدني شرعية ولا مسوغ قانوني في تدمير مقومات الوطن ووضع أهلنا رهائن لمشروعهم التوسعي الطائفي المقيت، ومحاولاتهم المستميتة للبحث عن شرعية عبر تنصيب صالح والحوثي ممثلين للشعب اليمني الذي لفظهم وخرج في ثورة من أروع ثورات الوعي العربي لاجتثاث نظام صالح العائلي. 
السيد الرئيس، 
السيدات والسادة الحضور،
لقد جددت الحكومة اليمنية – بما لا يدع مجالاً للشك – عزمها الثابت على انتهاج خيار السلام كمبدأ لا حياد عنه لإنهاء معاناة شعبنا اليمني الصابر الذي تحمل وما يزال تبعات الحرب الظالمة التي شنتها مليشيات الحوثي وصالح على كل مناطق اليمن، إيمانا من الحكومة بأن السلام هو السبيل الوحيد للخلاص من طغيان العصابات الإجرامية وأمراء الحرب، ومنذ اليوم الأول كان تجاوب الحكومة اليمنية إيجابيا مع مساعي السيد الأمين العام ومبعوثه الى اليمن، وقدمنا في الحكومة اليمنية وما نزال التنازلات الصعبة والمؤلمة من اجل السلام في اليمن فيما كان موقف الطرف الانقلابي متشددا ورافضا للحلول السلمية ومصرا على بقاء الحال وسيطرة المليشيات والعصابات على حاضر ومستقبل اليمنيين. وحينما كنا نؤكد على أهمية المرجعيات في الازمة اليمنية والمتمثلة في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الامن ذات الصلة بالشأن اليمني وأبرزها القرار 2216 كان الطرف الانقلابي يصر على التنصل عنها ووصل به الحال في إعلانه الأخير احادي الجانب الى إدعاء دفن المرجعيات لأنها لا توافق هواه في الاستحواذ على الدولة. لقد أكد المجتمع الإقليمي و الدولي بان الحل للازمة اليمنية لايمكن ان يقبل بتكرار نموذج حزب الله في اليمن ولا يمكن القبول بوجود دويلات داخل الدولة اليمنية. 
وحينما انفضّت مشاورات الكويت بعد رفض الطرف الانقلابي التعامل الإيجابي مع مساعي المبعوث الخاص ومساعي الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن تواصلت الجهود الدولية وتمخضت عن الأفكار التي أطلقتها الاجتماعات الوزارية للرباعية الدولية في جدة بالمملكة العربية السعودية وما تلاها من اجتماعات للدول الخليجية وامريكا وبريطانيا بالتنسيق مع روسيا وبمشاركة مبعوث الأمم المتحدة، كانت الحكومة اليمنية اول المرحبين بالأفكار التي تمخضت عن اجتماعات جده، فيما واصل الطرف الانقلابي وبإصرار رفضه لكافة المساعي الدولية.
السيد الرئيس 
السيدات والسادة،
ان عناصر السلام والسعي من اجل السلام تختل حينما يتعلق الامر في التعاطي مع مليشيات شعارها الموت وتجارتها القتل والتدمير والزج بالأطفال الى ساحات الحرب، تحركها رغبات تجارة التوسع الطائفي التي تروج لها طهران وتغذيها عصابات تستدعي الإرهاب الدولي للمزيد من التدمير للنسيج الاجتماعي وتزداد ثراء على حساب الام أبناء الشعب اليمني المسحوق والمغلوب على امره. 
ان الحرب يمكن ان تكون نهايتها اليوم إذا ما انتفض الكيان الجمعي الحي للشعب اليمني ضد طاغوت المليشيات الاجرامية التي احالت حياة شعبنا الى كابوس حقيقي، لتعود كل القوى السياسية اليمنية لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الذي صغناه بأحلامنا وتطلعاتنا المشروعة للحاق بركب الإنسانية التي تسعى اليوم لتنفيذ اهداف الإنمائية المستدامة فيما تدمر عصابات الحوثي وصالح القليل الذي بنيناه في اليمن بمساعدة الإقليم والعالم. وفي الوقت الذي يواصل الانقلابيون رفع شعارات الموت، نواصل نحن في الحكومة اليمنية جهودنا لاستعادة الامل وإعادة الحياة للمناطق التي تتواجد فيها الحكومة و تعزيز الامل في بناء يمن ديمقراطي اتحادي لا غالب فيه ولا مغلوب يعيش في سلام وانسجام مع بيئته الأخوية في الخليج والجزيرة ويكون رافدا للخير والسلام والامن في الإقليم والعالم.
لقد بلغت معاناة الشعب اليمني مستويات مهولة في مجالات الصحة والتعليم والخدمات، فيما تتواصل بشكل يومي انتهاكات حقوق الانسان، وتعمل الحكومة اليمنية على مدار الساعة لتخفيف الاثار المدمرة للحرب العبثية التي فرضتها المليشيات على حياة شعبنا، حيث تناول تقرير اللجنة الوطنية المستقلة لانتهاكات حقوق الانسان حجم الجرائم التي لحقت بالوطن والشعب. اننا في الحكومة اليمنية نهيب بالمجتمع الدولي واصدقاء اليمن للوقوف مع الشعب اليمني في مواجهة هذا الرفض والتعنت الذي يبديه الانقلابيون حيال جهود المبعوث الاممي، ومساعدتنا في جهود التعافي الاقتصادي وتمكين الحكومة الشرعية من تحمل مسؤولياتها الخدمية والإنسانية في اعادة إعمار اليمن.
السيد الرئيس، 
السيدات والسادة، 
في الختام، تثمن الحكومة اليمنية كثيراً الجهود الكبيرة التي يبذلها السيد الأمين العام ومبعوثه الخاص الى اليمن السيد إسماعيل ولد شيخ أحمد، وكذلك الجهود التي يبذلها مجلسكم الموقر، وسفراء مجموعة الـــ18 لتحقيق السلام الأمن والاستقرار في اليمن. كما نجدد شكرنا وعميق امتناننا للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وبقية دول التحالف العَربي لاستعادة الشرعية في اليمن. وتهيب الحكومة اليمنية بجميع أعضاء مجلس الأمن وتدعوهم إلى مواصلة جهودكم الموحدة التي رافقت الازمة في اليمن منذ بدايتها في 2011، وبفضل هذا الموقف الموحد لمجلس الامن تحققت الكثير من الإنجازات في اليمن والتي تضاف الى سجل الأمم المتحدة الناصع في حل المنازعات في العالم، ومن هنا فإننا نطالب مجلسكم الموقر لاتخاذ موقف صارم تجاه الانقلابين الذين اثبتوا حتى الآن رفضهم الالتزام بمتطلبات السلام ولايزالون يضعون العراقيل والعقبات المتواصلة امام استئناف عملية السلام التي ترعاها الامم المتحدة.

شكراً السيد الرئيس.

                                                                 31 أغسطس 2016

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص