بعد «40» عاماً من الخذلان الحكومي .. أهالي «السُّمل - بعتمة» يباشرون تنفيذ مشروع طريقهم بأنفسهم .. ومناشدات للمنظمات المانحة للتعاون معهم

أطلق العشرات من المشائخ والوجهاء والشخصيات الإجتماعية والتجار وفاعلي الخير والنشطاء من ابناء مخلاف السُّمل مديرية عتمة - محافظة ذمار - حملة ميدانية لجمع التبرعات من اهالي المخلاف، وذلك لغرض تنفيذ مشروع مسح وتعبيد وسفلتة مشروع الطريق الخاص بالمنطقة، والذي يعد في صدارة المشكلات التي تعيق وتنغص حياة السكان فيها منذ الأزل.

وجاءت فكرة اطلاق الحملة بعد أن نفذ صبر الأهالي وتملكهم اليأس نتيجة طول انتظارهم للجهات الحكومية التي سبق وقطعت لهم عشرات الوعود بتنفيذ المشروع طيلة الأربعة العقود الماضية، ومع الأسف دون أن تفي بأيا منها .. الأمر الذي دفعهم لأتخاذ قرار بالبدء بتنفيذ المشروع بجهودهم وعلى نفقتهم الخاصة، وبأياديهم ووسائلهم التقليدية البسيطة، على الرغم من الظروف والأحوال المعيشية الصعبة والبائسة التي يقاسيها ويتجرع مراراتها السواد الاعظم من ابناء المنطقة التي تعد من المناطق النائية والفقيرة والمحرومة من ابسط الخدمات.

ووفقا لمسئولي الحملة فإن المشروع يستهدف الطريق الرئيسية الخاصة بالمنطقة الممتدة من «وادي رماع» محافظة ريمة - وحتى منطقة «الشقر - قرم» بمخلاف السمل مديرية عتمة .. الى جانب الطرق الفرعية في المنطقة الي تربط عزل المخلاف ببعضها البعض، والتي تتعرض جميعها سنويا للتجريف والانهيارات والخراب نتيجة هطول الامطار وما ينتج عنها من سيول وانهيارات صخرية، الامر الذي يعيق حركة التنقلات في المنطقة ويتسبب في ارتفاع اسعار المواد الغذائية، ناهيك عن عرقلته كافة المشاريع الخدمية في المنطقة التي تمثل الطريق الشريان الرئيسي لكل مفردات ومقومات وتفاصيل الحياة فيها.

ويؤكد مسئولي الحملة أنهم وعلى مدى الشهر الماضي تمكنوا من الحصول على وعود بتبرعات مالية من ابناء المنطقة وعدد من ابناء المناطق المجاورة لها، بلغ مجموعها قرابة الـ«80» مليون ريال يمني .. تم حتى الآن توريد جزء بسيط منها الى امين الصندوق الذي تم تعيينه من قبل ابناء المنطقة، ولا يزال نشاطهم مستمر في الوقت الحالي لحث المواطنين المتبرعين على ضرورة الإسراع في استكمال توريد بقية المبالغ.

وبالنظر الى طول مشروع الطريق، ووعورة المناطق التي يمر منها والتي هي عبارة عن مناطق جبلية شاهقة، ذات تربة صخرية شديدة الصلابة .. الى جانب التكاليف الكبيرة التي يتطلبها فإن ما تمكن الاهالي من جمعه من مبالغ حتى الآن لا يفي بتغطية ما نسبته «20%» من التكلفة الاجمالية للمشروع حسب تقديرات بعض المهندسين، والتي تصل ملايين الدولارات، وذلك نتيجة للظروف المعيشية القاسية والصعبة التي يعانيها ابناء المنطقة والتي لا تؤهلهم لتقديم المزيد من التبرعات .. الامر الذي يعني أن مسألة توفير بقية المبالغ المطلوبة لتمويل المشروع باتت غير ممكنة بل وشبه مستحيلة بالنسبة لهم كون ظروفهم وامكاناتهم لا تسمح بذلك - الامر الذي جعل البعض منهم يفكرون في البحث عن مصادر تمويل اخرى.

وفي هذا الصدد وجه القائمون على الحملة مناشدة عاجلة للمنظمات الدولية المانحة وتحديدا المتخصصة منها بالمجال التنموي والخدمي، وكذا رجال المال والاعمال وفاعلي الخير وكل المؤسسات والشركات التنموية والخيرية في اليمن عامة للمساهمة في تحقيق حلم اولئك المواطنين البسطاء الذي انتظروه لعقود طويلة المتمثل في مشروع الطريق، والمسارعة للتعاون معهم من خلال التكفل بتوفير بقية التكاليف المطلوبة لتنفيذ المشروع .. كون الطريق تمثل شريان الحياة الرئيسي في المنطقة، ووسيلة اهلها الاولى للبقاء والاستقرار .. سيما ان عدد السكان المستفيدين منه يتجاوز الـ«65» الف نسمة.

ووجه القائمين على الحملة في مناشدتهم رسالة لجميع المنظمات والمؤسسات المحلية والدولية المانحة والخدمية والتنموية مفادها أنه يوجد للمشروع دراسة جدوى ومخطط هندسي كامل تم اعداده مؤخرا من قبل فريق من المهندسين المتخصصين التابعين للصندوق الاجتماعي للتنمية، وانهم على استعداد تام لموافاة اي جهة او منظمة تعتزم مساعدتهم بنسخ من تلك الدراسة والمخطط بالكامل.

وتتسبب الطريق التي تعد من اشد الطرق وعورة واثارة للخوف في العالم سنويا في سقوط عشرات الضحايا نتيجة الحوادث المرورية المتكررة المتمثلة في انقلاب السيارات، ناهيك عن الخسائر المادية الناجمة عن ذلك، بالاضافة الى ان مئات الامراض يلقون حتفهم سنويا في المنطقة نتيجة انعدام الخدمات الصحية فيها وتعذر عملية اسعافهم بسبب عدم توفر وسائل نقل سريعة الى مستشفيات المديريات والمحافظات القريبة منهم، ناهيك عن ارتفاع اسعار المواد الغذائة وتفشي الفقر وسوء الظروف المعيشية التي يعانيها الاهالي، وغياب الوعي وغير ذلك من المشكلات التي تمثل عوامل تعقيد للحياة والاستقرار.

ويبلغ تعداد سكان مخلاف السمل أكثر من «65» ألف نسمة، اغلبهم يعتمدون في معيشتهم على الزراعة والاغتراب، وتفتقر المنطقة لابسط خدمات ومقومات الحياة ومشاريع البنية التحتية وفي مقدمة ذلك الطرق والكهرباء والمياة والصحة والتعليم الاتصالات وغيرها .. بل انها واقع الحياة فيها يوحي للزائر بأنها لا تزال تعيش على النمط التقليدي الذي عاشته اليمن ابان حكم الأئمة الكهنوتي البائد، إذ أنها تعيش في عزلة شبه تامة عن العالم نتيجة انعدام الطريق وغيرها من مقومات الحياة العامة.

وعلى مدى الـ«40» عاما الماضية ظل ابناء مخلاف السٌّمل - مديرية عتمة يطالبون ويناشدون السلطات الرسمية والنظام الحاكم، النظر الى حالهم والعمل على ايجاد حل للطريق الرئيسية التي تربطهم بالعالم من حولهم، الا انهم لم يحصدوا من وراء ذلك سوى الوعود الكاذبة، حيث ظلت مطالبهم تلك تُرحل من عام الى آخر، حتى جاءت الازمة الاخيرة «2011» وما تبعها من احداث، وقضت على ما تبقى لديهم من آمال .. الأمر الذي دفعم لاطلاق حملة جمع التبرعات هذه، وعقد العزم على مباشرة العمل على تنفيذ المشروع بأنفسهم.

وتقع مديرية عتمة التي تعد اولى وأهم المحميات الطبيعية في اليمن - الى الغرب من محافظة ذمار .. حيث تبعد عن مركز المحافظة حوالي «55 كم» تقريباً، في حين تبلغ مساحتها نحو «441 كم» وتضم ثلاث دوائر انتخابية في مجلس النواب .. في حين يقدر عدد سكانها بنحو «245,284» نسمة .. وتنقسم الى خمسة مخاليف هي: «مخلاف السمل - مخلاف رازح - مخلاف بني بحر - مخلاف حمير الوسط - مخلاف سماه» .. ورغم جمال وسحر طبيعتها وما تتفرد به من مناظر سياحية بديعة وخلابة الا انها تعد في صدارة المناطق النائية التي تفتقر لأبسط مشاريع وخدمات البنية التحتية، الامر الذي جعل سكانها يعانون ظروف معيشية غاية في التعقيد والصعوبة، ويأتي مخلاف السمل في صدارة المناطق الاكثر معاناة وحرمانا وبؤسا فيها.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص