البيضاء جنوبية والضالع شمالية وعدن حاضرة اليمن ذابت فيها أقاليم اليمن مع باقي الأعراق القادمة من وراء البحار، عدن الأطياف العرقية الجامعة ليس فيها مكان لمشروخي الوجدان ومشوهي الهوى والهُوية وماسخي جمالها وحلاها..
كانت الضالع تحت حكم الإمامة إلى أقرب عهود الاستعمار البريطاني ولم ينطق حينها بمسمى شماليتها أو جنوبيتها بمعناه السياسي اليوم بل كانت محرك الثورتين اندفع المقاتلين منها شمالاً لنصرة ثورة السادس والعشرين من سبتمر وال 14 من أكتوبر جنوباً كمثيلاتها عدن وتعز حينها لم يسمع أحد في زمان الطهر الثوري والرجولة الكاملة مقولة مالنا ومال الشمال، حرص البعض على محو هوية عدن الحقيقية وصبغها باللون الواحد للجبال المحيطة.
حالهم كمن فقد هويته أو لديه شكٌ فيها، ويريد أن يثبت هويته التائهة من جديد بعد أن فقد قدرته الشخصية على التنافس في بناء الذات والعمل والكفاح، أتكأ على ممارسة العنصرية كما فعلت بعض القوى في صنعاء بعد قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر حتى آل فعلها إلى نكالها وخرابها، قرأت ذات مرة تغريدة لناشط جنوبي يقول أن أعيدوا لنا محافظة البيضاء لأنها جنوبية ولتعود الضالع إلى شماليتها.
هنا ثبتت أصالة البيضاء الجنوبية التي لم تتمرد على هويتها اليمنية يوماً ولن تنحاز إلى جنوب أو شمال ولم تطالب حتى بحقوقها التي انتُهبت بعد تمام الثورتين كانت هي أيضاً الخزان البشري الذي دفع بالمقاتلين للدفاع عن الثورة اليمنية وفك حصار السبعين يوماً عن صنعاء أتُهمت بعدها وأُقصيت سياسياً واجتماعياً كما اتُهم كل ثوار الوطن المخلصين، ضد الإمامة من كل مناطق اليمن، كانت تلك جريمة الكهنوت الجهوي المذهبي، بعد أن تخلص اليمن من كهنوت السلالة الهاشمية أوحت بقابا السلالة ذاتها لأتباع المذهب الزيدي أن السلطة فيكم وفي جبالكم ولا يجب أن تذهب بعيداً إلى مناطق الوعي الثوري والثوار الذين كانوا الأحرص على محو آثار الإمامة كي تبقى حاضنتهم حية والمذهب فقاسة الإرهاب قائم والبيئة الخصبة التي أعادت تموضعها فيها أقصد هنا السلالة.
فأصبحت الثورة غريبةً في نظامها الجمهوري تم محاربة الثوار وأبناء الثوار من قبل خلايا السلالة التي توزعت في مفاصل الدولة الإدارية والمالية والقضائية وحتى الأمنية اتجه معظم أولئك إلى عدن الحنون والقلب الكبير، عرف الناس أهلها القادمين من كل متجه وقرأوا تاريخها المصنوع من قبل الجميع وسمعوا بمسميات مناطقها التي سُميت باسمهم احياءً جبالاً معالماً ومدن حقائق لا ينكرها إلا جاهل أو جاحد وهذه الأدلة والشواهد إذ لا يعلم الناس من هو شمسان الذي سمىَّ الجبل باسمه فمن هو شمسان؟ إنه جبل عدني حمل اِسم المقاول شمسان عون الأديمي، من منطقة أديم بالحجرية تعز!! ومن الشيخ عثمان؟
– إنها إحدى مديريات وأحياء عدن المعروفة، حملت هذا الإسم نسبة إلى الشيخ عثمان المسني وهو من عائلة الطيار التي نسبت إليه تربة الطيار في ذبحان بالقرب من منطقة بني مسن بالحجرية تعز ..!!
وهل يعرف أولئك من هو أحمد الذي سُميت منطقته ببئر أحمد باسمه؟ إنه أحمد الشريف من الحجرية تعز من منطقة الجبزية كان قائد معركة بئر أحمد ضد الانجليز عام 1840م.!!
– هل سمعت النشيد الوطني الجنوبي قبل الوحدة؟ إنه من كلمات الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان الفضول من تربة ذبحان بالحجرية تعز، ومن تلحين وغناء الفنان الكبير أيوب طارش العبسي من الأعبوس تعز..!! وهل عرفوا حي القلوعة؟ – إنها منطقة في عدن حملت تسمية صومالية وتعني اللفة..!!
وهل سمعوا الشيخ الدويل..إنه أحد رجال الحجرية تعز وأول من سكن ذلك المكان الذي صار يعرف باسمه..!!
و هل تعرف من هو عبود النضال الثوري الذي أوقفت الإذاعة البريطانية بثها لتعلن مقتله في خور مكسر عدن..
إنه محمد سعيد الشرعبي من شرعب السلام بتعز، واسمه الحركي عبود وهو أول شهيد في عام ١٩٦٧ يوم جلاء المستعمر من عدن..!!
– هل تعرف أيها التائه باسم أمين ناشر هو أول دكتور في عدن وسمي معهد أمين ناشر في خورمكسر باسمه إنه الدكتور أمين ناشر الاغبري من الحجرية تعز..!! هل سمعت بالدكتور عبدالله الخامري مؤسس المجلس اليمني للسلم والتضامن وممثل الجنوب في لجان الوحدة.. إنه خامري من منطقة الأخمور بالحجرية تعز..!!
وهل علمت بأن شارع سلطان ناجي في الشابات خورمكسر.. إنه أحد المؤرخين العرب القلائل ويعد كتابه التاريخ العسكري اليمني المرجع الأوحد للعسكرية باليمن، وهو من منطقة القبيطة بتعز وانتقل والده إلى عدن في ثلاثينيات القرن الماضي..!!
وهل تعرف المناضل والتربوي القدير عبد الحفيظ ردمان المعمري إنه قائد فيلق صلاح الدين في ثوره ١٤ اكتوبر ومؤلف كتاب التاريخ في مدارس عدن عقب خروج المستعمر وعلم من أعلام التربيه والتعليم أدعوا له بالشفاء فهو الآن مصاب بجلطة في السعودية وهو الآن في التسعين من عمره وهو من منطقة بني عمر بالحجرية تعز...هل تعرف حافة القريشة ودبع والمقاطرة والاخمور في الشيخ عثمان!!وهل تعرف حافة المعمري في كريتر ومخبازة المعمري في صيرة. وهل يروق لك أن تحتسي كوب الشاهي من مقهى سيلان المعمري أو مقهى سكران..!!
هل يعود بك الحنين لترى طيبة أهل عدن وذوقهم الراقي ومدنيتهم قبل النزق والجنون، التي كانت تبهر الجميع في ذلك الوقت عندما كان أبناء تعز هم معالمها ومعلميها ومثقفيها وأطبائها وأبرز رجالاتها في كافة المجالات..
– لكن للأسف الشديد عدن لم تعد عدن التي كان الناس تعشقها إلى وقت قريب، فرائحة الموت المنتنة أصبحت تفوح من كل اتجاه!! اليوم أصبحت عدن المدينة الأكثر حزناً في المجال الأمني، وفيها تحدث جريمة قتل كل ١٢ ساعة على الأقل بحسب ما ورد في صحيفة دير شبيغل الألمانية..
– كل هذا بفضل الرعاع التائهين الذين صاروا يتحكمون بمفاصل عدن، فمتى سنراهم يختفون ويدعو عدن تعود كما كانت أم وحاضنة للجميع ومصدر فخر لكل اليمنيين، وهي أم اليمن بتنوعها السكاني وذراعيها الحنونتين تستقبل كل ضيوفها وتذيبهم في نسيجها حتى يصبحوا كما قال الشاعر أرباب البيت وأهلها ضيوفا عليهم ..
الأمر الموجع الذي تم بطريقة بشعة ومتعمدة من وقت مبكر هو طمس معالم ورموز المقاومة التي حررت عدن من الحوافيش عند غزوها والتي كان معظم قادتها عدنيون من أصول شمالية ولنا بحث مطول في هذا المجال فيه كل الشهود والشواهد سينشر في حينه عند الحاجة.....