الأمن مسؤولية جمعية مشتركة بين الدولة والمجتمع تلعب فيه حلقات مجتمعية مختلفة دوراً محورياً، بدءاً بالفرد وتربيته مروراً بالخطاب الديني ولكتابة الصحفية وصولاً إلى البحث العلمي والأكاديمي، غير أن واجب السلطان في شؤون الأمن كحكومة وقيادة ومسؤولين مباشرين له وقعٌ آخر.
كثير من المدن اليمنية عانت من المشكلة الأمنية من قبل الحرب بنسب متفاوتة أما بعد الحرب الأخيرة تضاعفت المأساة فيها، ومنها مدينة تعز التي لم تكن السهام الموجهة تجاهها وليدة اللحظة، بل هي كالشجرة المثمرة التي يروم ثمارها المارون من تحتها فيقذفونها بالحجارة كي تساقط عليهم بما تجود، الكل يخطب ودها لأنها الحاضرة التي يخشاها الكثير من العميان أعداء الثقافة والسلم والأمن ذوي العقول السوداء والرمادية والتي يسكنها الغبش، ولأنها المدينة التي تفتح ذراعيها لكل قادم من المسافات البعيدة والقريبة، لا تسأله من أين كان مقدمك وماهي وجهتك ومقصدك من الزيارة ولا تشكك في النوايا الأمنية لأحد .
فكان لذلك كله انعكاسات سلبية على الأمن في تعز في ضل الصراعات ذات الصُعُد المختلفة بسبب شدة وتركيز قوى الانقلاب عليها واحتدام المعركة حولها من كل جانب، وعليه الأمل كبير في دولة الأخ رئيس الوزراء "الدكتور معين عبدالملك سعيد" الذي تم تعيينه كرئيس للوزراء ثقةً به وبقدراته والذي يتطلع أبنا محافظة تعز الجريحة وكل أصدقاؤه ومحبيه إلى تقديم الحكومة للحد الأدنى من العرفان، كجزاء على ما قدمته في سبيل الثورة والجمهورية والوقوف ضد مشروع الانقلاب الحوثي على الدولة والجمهورية ودفعت من الأموال والدماء الكثير و الكثير.
كما تجدر الإشارة إلى تجذر الأحزاب السياسية وعمق ودورها في صياغة وجدان ومفاهيم المجتمع بحكم تنور الناس وأقدمية التعليم فيها، الأمر الذي انعكس صراع بعض القوى السياسية على الاختلالات الأمنية التي أقلقت الأمن وأعاقت الأعمال التجارية الثابتة وعودة الاستثمارات ورؤوس الأموال النازحة والخارجية إليها.
مما أدى إلى ازدياد البطالة وانتشار الحاجة التي دفعت بالكثير إلى البحث عن أرزاقهم بطرق غير مشروعة، وتفشي حالات السطو والعنف المسلح للاسترزاق جهاراً نهاراً، وتحت أعين الدولة والسلطات المحلية التي هي أيضاً أصبحت محبطة من تشعب الأمر وفقدان سند الدولة الفاعل في القضية الأمنية تحديداً.
وعليه من الواضح أن اختيار قيادات أمنية وعسكرية مؤهلة ومستقلة بات ضرورة تُحتمها ضروف المرحلة لتجنب التأثيرات الحزبية والسياسية على سير ومجريات العمل الأمني والعسكري واستكمال تحرير المحافظة من كماشة الحصار الانقلابي عليها.
كثير من الشخصيات المستقلة في كل الجوانب الإدارية والأمنية عانت من ذلك التأثير والمماحكات الحزبية وأعاقت عملها بل وأفشلها واصابها بالإحباط فتركت العمل وذهبت وآلام هم الواجب الذي ألقي عليهم يملأ أرواحهم حزناً وألم.
يا دولة رئيس الوزراء للإنسان في حياته مواقف وأدوار إذا ما عمل على تحقيقها وترسيخ قواعد العمل الوطني فيها لن تنساها الجماهير، وهي تاريخه الذي سيدون في سجله بعد رحيله، لأن حياة الإنسان هي عبارة عن تاريخ يُسطر للأجيال تقرأه بعد الممات فإما بياض مشرق يرفع رأس الأهل والأبناء وعموم الناس، أو رمادي صعب القراءة والفهم يتهرب من قراءته وذكره الجميع.
فالخيارات يا رئيس الوزراء متاحة بين يديك والمجتمع متعطش يبحث عن حل وتفعيل عمل مؤسسات الدولة، وبدون أدنى شك سيكونون خير مساعد ومعين لكل القرارات التي بإمكانكم اتخاذها، في سبيل استتباب الأمن ولاعتقاد الجميع مرةً أخرى أن الملف الأمني مسؤولية جمعية مشتركة بين الدولة والمجتمع.
إلى دولة رئيس الوزراء.. تعز على المحك.
2018/12/11 - الساعة 05:20 صباحاً
إضافة تعليق