توفى المستعرب الاسباني فيديريكو كورينتي صاحب القاموس العربي الاسباني عن عمر يناهز (77عاماً)، في سرقسطة وهي عاصمة أراغون الواقعة شمال شرق إسبانيا، الذي اعتبره الباحثون والمستشرقون قفزة نوعية في علم اللغة، وبداية المصالحة بين الثقافة والاسبانية وجذورها العربية، وإعطاء اللغة العربية حقها في الوصول لكل باحث ومهتم باللغة العربية.
فيديريكو كورينتي مستعرب إسباني حاصل على درجة دكتوراة من جامعة كمبلوتنسي بمدريد. شغل منصب مدرس للغات السامية ، خاصة اللغة العربية، و علم اللهجات والأدب العربي بجامعات ببلدان العالم العربي (مصر والمغرب) ، وجامعات أمريكية (الولايات المتحدة) ، وإسبانية (سرقسطة “في كلية فقه اللغة والأدب ، قسم دراسات العربية والإسلامية” ، جامعة كمبلوتنسي بمدريد ).
يقول الأكاديمي لوز غوميز -أستاذ الدراسات العربية الإسلامية في الجامعة المستقلة بمدريد- في مقاله الذي نشره في صحيفة إلباييس تأبيناً ل كورينتي "قليلون هم الذين يمكنهم أن يتخيلوا اليوم الهزة التي سببها ظهور قاموسه العربي الإسباني عام 1977، الذي نشره معهد الثقافة العربي الإسباني، ففي تلك الأيام كان على الطلاب الذين يريدون اقتحام عالم اللغة العربية أن يعبروا إليه من بوابة القواميس الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية، وإذا استثنينا المعاجم التي ألفها المبشرون في الأراضي المقدسة وشمال أفريقيا، فإنه قبل صدور معجم كورينتي قد مرت حوالي 5 قرون منذ نشر أول قاموس ثنائي اللغة عربي إسباني جدير بهذا الاسم على يد بيدرو دي ألكالا عام 1505م.
الجدير بالذكر أن كورينتي كان قد نشر أول دراسة نحوية جادة حول اللهجة الأندلسية عام 1977، وهو نفس العام الذي نشر فيه القاموس الأندلسي العربي أيضا، وهو ما يعكس وجه إسبانيا الأخرى التي كانت لها دائما ملامح عالمية.
في عام 2017 تم انتخاب كورينتي عضواً في الأكاديمية الملكية الإسبانية، وأعتبره الكثير من الباحثين والمتخصصين أنه نوعاً من المصالحة الرمزية للمؤسسة الثقافية الإسبانية مع الفضاء الثقافي واللغوي العربي؛ وذلك لأنه أول مستعرب وأول رواد الدراسات اللغوية العربية في العالم الإيبيري، يحتل مقعداً في الأكاديمية الإسبانية منذ ما يزيد على عقدين من الزمن، وهو فراغ ظل يبدو مجانبا للمنطق ومجافيا لثقل وعمق العلاقات الثقافية واللغوية بين إسبانيا والعالم العربي الإسلامي.
