يمكنني أن أحبك

 

 

عامر الطيب- العراق 


يمكنني أن أحبكِ
بعد مائة سنة
وأنا القط الذي تطعمينه في ليلة باردة
ثم تطردينه إن غضبت بشدة
لأمرٍ ما .
أو اللفافة التي تعبثين بها
جراء الملل و البهتان.
أو الرجل الذي كنتِ قد وجدتِ
صورته مألوفة فجأة
و يبدو أن تلك الخرافة البوذية ليست هينة
لكن الحب يستحقها .
يمكنني أن أجدك في أية حياة سائغةٍ
بين أغراضي
في خوفي على أصابعي
أو في الطمأنينة
النادرة
عندما يسألني المعلمون
ما الذي تود أن تصير إن كبرتَ ؟
فأفكر أربعين سنة
لأختار !

أشك أنني شخصان
أحدهما هذا الذي يتمشى معكِ
و الآخر ذلك الذي يلح
ليدخل معك البيت
مع أن الوقت قد تأخر
و الرغبة تتوحش عند إنطفاء المصابيح
ستعتذرين بالطبع
لأن ذلك لا يمكن أن يكون سليماً
في مدينة مثل مدينتا.
أشك أنني شخصان
يستندان على السياج ليلة كاملة
وقد أطفأت مصباح غرفتك ،
شخص واحد
عندما تطلع الشمس!

صرتُ أقرب إلى نفسي مما كنتُ سابقاً
أحب أن تكوني بجانبي
مطمئنة.. لن ألمسك و لن أؤذيك
حتى إن تعذر علي أن أبادلك الحب
سأحبك بطريقة خفية
كأن أشعل الأضواء
لتلمع ملامحك وأنت خافتة
أو تتكشف دموعك وأنت تبكين.
صرت أرغب بالحديث
عن الصحارى
صدفة رائعة أن نعيش طويلاً
دون أن يوجعنا مشهد شجرة وحيدة
خدعتها الفرص الشحيحة في الحب
فسحقت الجذور الأشد صلابة
لأجل القليل من الظل !

سأحبكِ من الآن كما أحببتك
منذ سنوات طويلة،
كأن الزمن لم يطردنا بوحشية
من طفولتنا.
كأني نمتُ طويلاً
و ينبغي أن أستيقظ لأتفقد
يدك الصغيرة
التي تلهمني.
و لأن بدا العالم واسعاً
فما زال بإمكاننا اعتباره ملعب كرة
لصق بيتنا الصغير
على البحر .
سأحبك الآن لأننا يجب أن نستأنف
اللعبة
أضرب الكرة بجفاف
و هي صفة طارئة لحياة أحد ما
و آخذها بمرارة
كأنها صفة لحياتي !

وقتي معتم حتى إن استطعت استخدام
الأميال للإضاءة .
لا يلاحظ أحد
سرعة الأميال في المشي
يعتقد حتى الرحالة منهم
إن الميل الصغير بطيء في المضي.
لكن الأميال الصغيرة هي الأسرع
حتى في مدن هانئة مثل لندن
ذلك أن سنة أي أحد يقرأ الآن
مرهونة بالساعات الأخيرة من هذا الليل !

نسيتُ وجهي في الخاتمة
و ابتكرتُ وجهاً ملائماً لنتسلى معاً
فلا يستوحشنا أحد.
وجه طفولي ليسهل تقبيلي
في أي مكان
و كراهيتي عند أي لحظة أيضاً .
ولأن كلّ وجه
يمكن أن يكون عقبة
خفتُ دائماً
أن تفضحني كلماتي العفوية
عندما أصمت فجأةً
أو تفضحني يداي
عندما أخفي وجهي!

بكيتُ فبدا للآخرين
كم كنتُ مرهقاً كمن يحرث الأرض
وقفتْ حياتي
عند هذا المساء الهائل
فحاولت أن أستخدم الخدع لإخفاء
مراراتي لكن ذلك لم يعد سهلاً .
قلت لك منذ أكثر من سنة
أنني أحبك
كرجل لا يستطيع أن يكذب على حياته
يخبرها أنها ستكون معافاة
ثم يدعها تعرج مثلاً
و إن بدت حياتي تعرج
فهي تحاول أن تؤخر قدمها العزيزة في المشي!

علاقة قصيرة لكنها ليست خائبةً،
رسائل قليلة لكننا قلنا أشياء متخفية
و وقفنا مطولاً
قبالة المرايا .
أحبك الآن لأني أعرفك
فيما كنت أحبك سابقاً
لأني أتعرض للأذى
أو لأن الصغار يحرموني من المرح .
أنا دائما طفلة مستغرقة
وأنت تمسك كتفي
أو تنزل عينيك لأسفل قدمي .
أنا دائما طفلة لاهية
حتى قبل اختراع أول سيارة في المدن
كنت أحمل مفتاح السيارة
على أنه مفتاح البيت !

دعي جرس الباب يرن
لا تكوني فضولية ،لا تتلصصي من خلال المقبض.
قد يكون في الخارج
رجل يحبك
رجل غزير النظر يداه عزيزتان و حياته
ليست تواقة للمزيد من الأخطاء
لكن لم يأت رجال
مثل هذا في زمن الأجراس؟
و قد عشنا حياة همجية
طويلة
حيث يدس الغريب
قصاصته الثمينة من فتحة الباب !

في غابة من الرموز
سمى القرد نفسه نهراً
و سمت الزهرة نفسها غيمة
فيما راح الأسد يختار اسماً أشد هيبة
فسمى نفسه الأبدية.
صرنا نحسده جميعاً
لكن الأمر ليس بهذا البساطة
فالقردة ستفهم الجريان
و الأزهار ستصير مطراً بدلا من أن تذبل
و ليطارد الأسد حياته الشرهة نفسها إلى الأبد !
 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص