الأمهات فريسة الحرب المستمرة باليمن

نور سريب صحفية وعضوة شبكة أصوات السلام النسوية فاقمت سنوات الحرب في اليمن، من معاناة النساء من كل النواحي الاجتماعية، النفسية، الاقتصادية والصحية، ما أدى إلى زيادة عدد الأمهات الحوامل المتوفيات، في محافظات عدن، صنعاء، تعز والحديدة. وارتفــع معدل وفيات الأمهات بشكل ملحوظ، من 5 وفيات في اليوم عام 2013 (قبل الحرب)، إلى 12 حالة وفاة في 2018، حسب تقرير منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف. وهو ما يتطابق مع إحصائيات العام 2019. وتفاقم الأمر في 2020، حيث أثر الوباء العالمي "كوفيد 19" على القطاع الصحي المتدهور، وانعكس سلباً على النساء. وبحسب بيان صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن أكثر من 48,000 امرأة، يمكن أن تموت بسبب مضاعفات الحمل والولادة، بسبب الإغلاق المحتمل لمرافق الصحة الإنجابية خلال الجائحة. كما جاء في البيان أن امرأة يمنية تموت كل ساعتين وهي في حالة الولادة. لماذا تزايدت أعداد وفيات الأمهات؟ وتعد اليمن في مقدمة الدول التي تعاني من ارتفاع نسبة وفيات الأمهات، نتيجة لعوامل مختلفة، منها انهيار القطاع الصحي، وانعدام الكادر الطبي المتخصص نظراً لانقطاع المرتبات وموجات النزوح المستمرة من الأرياف إلى المدن ومن مناطق الصراع، مما جعل 4 من كل 10 نساء يمنيات، لا يتلقين رعاية ما قبل الولادة. وتتم 6 ولادات من أصل 10 بدون قابلة، ما يعني أن النساء يلدن في المنازل بمساعدة نساء أخريات غير متخصصات، مما يعرض حياتهن للخطر. ويعتبر انقطاع المرتبات والارتفاع المستمر بأسعار المواد الغذائية وعدم وصول المساعدات الإغاثية لكافة المحتاجين من الشعب اليمني، من الأسباب الأساسية التي ساعدت في ارتفاع الوفيات، فقد طالت المجاعة شريحة واسعة من النساء. وأكد بيان منظمة الأمم المتحدة للسكان أن "أكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة في اليمن حالياً، تعاني من سوء التغذية"، ولا توجد حلول حقيقية ملموسة من قبل السلطات الموجودة على الأرض في مختلف المناطق. وقالت مدير عام الصحة الإنجابية في وزارة الصحة، الدكتورة حميدة محمد زيد: "أثرت الحرب على النساء بشكل كبير، وأصبح وضع النساء الحوامل مأساوياً، وهناك أسباب كثيرة لذلك، من بينها انهيار البنية التحتية وتدهورها، وانعدام المتابعة الصحية للنساء الحوامل، إضافة إلى عدم استطاعة النساء الخروج من قراهن إلى مراكز صحية بعيدة لعدم توفر مواصلات سهلة، وهذه تسبب تحديات ومشاكل صحية للحوامل الساكنات في الأرياف والقرى". ولا يمكن تجاهل زواج القاصرات؛ الظاهرة التي تعد جريمة بحق الطفولة، والتي عادت بقوة في ظل غياب الدولة خلال سنوات الحرب. وتقول الدكتورة حميدة عن هذه الظاهرة: "للأسف زواج القاصرات سبب كبير في تدهور الصحة الإنجابية، وتشكل نسبة زواج القاصرات نحو 21% من عدد الفتيات، بحسب بيان منظمة اليونيسف، وأنا أسعى دائماً للتوعية ونصح الأهالي بأن زواج القاصرات له مضاعفات تتعرض لها الفتيات الصغيرات اللائي ليس لديهن بنية جسدية جاهزة للحمل، وهذا ينعكس سلباً على صحتهن، وقد يؤدي بهن إلى الوفاة". وتضيف أن لذلك تأثيراً مباشراً على المجتمع، حيث تتحمل الفتيات الصغيرات تربية أطفالهن وهن غير جاهزات للتربية بطريقة صحيحة وسليمة، ومن هنا ينتج لنا مجتمع متأخر وغير متعلم. ضرورة الاهتمام بالصحة الإنجابية وحول أهمية الصحة الإنجابية، وإمكانية التصدي لارتفاع نسبة الوفيات، تقول الدكتورة حميدة: "الصحة الإنجابية ليست مقتصرة على تنظيم الأسرة ومنع الحمل أو الولادة والطوارئ التوليدية. الصحة الإنجابية كيان أسرة كاملة، وبالتالي تعتبر كيان مجتمع يحظى بالعلم والثقافة، ويهتم بتربية الأولاد تربية سليمة، وبكيفية تأهيل المجتمع بشكل سليم، وهي تشمل الأم والأب والأسرة ككل. وأتمنى أن نكثف الجهود بالتوعية لكل الفئات التي لم يصلها مفهوم الصحة الإنجابية، ونحن بدورنا يمكننا توعية الجميع، وبخاصة الأم، الأب، الفتيات، وكل أفراد الأسرة، بكيفية تدارك السلبيات المحاطة بالعملية الإنجابية، خصوصاً أن بلدنا يشهد تزاحماً سكانياً في الأرياف، وهم بحاجة ماسة للتوعية حول الصحة الإنجابية". ولكي يتم تفادي ارتفاع نسبة الوفيات، لا بد من توفر استبيان كامل لكل المحافظات والمديريات، لعمل مسح كامل بعدد النساء الحوامل، ويتم فرز الحمل الطبيعي والحمل المصاحب لأمراض مثل تسمم الحمل، سكر الحمل، وسوء التغذية، والاهتمام بنوع التغذية، وتثقيف المرأة بالأغذية التي تفيدها وطفلها، وتقديم النصائح للأمهات بأهمية أخذ حمض الفوليك يومياً في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، وفق الدكتورة حميدة. ما الذي يتوجب فعله؟ وبحسب منظمة الصحة العالمية، يجب أن يكون هنالك 8 زيارات إلى مراكز الصحة طول فترة الحمل لتفاقد الحمل، ولتجنب مخاطر الحمل ومضاعفاته، كل هذا من شأنه الحد من زيادة الوفيات للأمهات. ولتجنب الأمراض التي تسبب تشوهات للأطفال، يجب أن تعرف الأم أن الحمل قد يشهد مضاعفات، لذلك مهم القيام بالزيارات الأربع، بحسب الدكتورة حميدة. وتقول: "يجب أن نسعى جميعاً، ونتكاتف، ويُبذل مجهود مناسب من قبل وزارة الصحة وكل مكاتبها والجهات المسؤولة، ونعمل برنامجاً وطنياً لتحسين صحة الأم الحامل، وللتصدي لزيادة نسبة الوفيات". ...... هذه المادة أعدتها شبكة أصوات السلام النسوية بالشراكة مع تحالف مجموعة التسعة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ضمن حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة. #UNWomen #WoVoicesofPeace #GroupofNineCoalition #Endviolenceagainstwomen #VAW
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص