علامات استفهام من إقليم هلال اليمن الخصيب..
تاريخياً تتقاطع المطالب المتعلقة بالعدل والمساواة والتي قد تتطور الى إحتجاجات وحتى ثورات شعبية على الدوام مع مصالح السلطات الحاكمة والطبقة النفعية المحيطة بها فتحاول تشكيل سداً منيعاً دون مناشدة المظلومين عبر أدواتها المختبئة داخل تلك المجتمعات والمتوزعة على مفاصله وبين قواعده. 
فتنعت المنادون بتلك المطالب بالعنصرية والمناطقية تارةً والمذهبية والحزبية تارةً آخرى وغيرها من التهم التي قد تشوه وتسفه تلك المطالب وتستفز العامة وتستدعيهم للدفاع عما يعتقدون انه خطر داهم يهدد حياتهم ويمس وطنهم بسوء مستغلة جهل البعض بحقائق الأمور وخفايا دهاليز وطبخات الأستبداد السياسية النتنه!
يعاني إقليم هلال اليمن الخصيب من مظلمة تاريخية ينبغي التوقف عندها ودراستها والبحث عن حلول لها. مرت كل الثورات الوطنية عليها مرور الكرام، ولا يلتفت أحد لأبنائها الفاعلين.  ألم يك عماد كل تنظيم تحرري وسياسي وكل ثورة أو حركة وطنية ضد الظلم والجبروت من المخزون البشري لإقليم هلال اليمن الخصيب؟ الم يك جُل ثوار  26 سبتمبر  وفاعليها من مدن إب والضالع والبيضاء والحديدة وتعز؟ ألم تك محافظات تعز وإب والبيضاء حواضن ثورة الرابع عشر من أكتوبر ومنطلقها ومددها البشري واللوجستي؟ ألم يُطلق الزعيم الراحل جمال عبدالناصر ندائه الشهير لبريطانيا العجوزة أن تأخذ عصاها وترحل عن جنوب اليمن الحر من تعز؟ ألم يك الشهيد "مهيوب علي غالب الشرعبي" الملقب "بعبود الشرعبي" مهندس وقائد العمليات الفدائية ضد الاحتلال البريطاني في الجنوب، حتى استشهد على ظهر عربة بريطانية أثناء تنفيذ أحد عملياته الفدائية في عدن؟
ألم يك الرائد عبد الرقيب عبدالوهاب رئيس أركان الجيش اليمني إبان حصار السبعين يوماً حتى فك الحصار؟ ألم يصمد هو ورفاقه في كل جبهات القتال في الوقت الذي فرت فيه معظم القيادات بحججٍ واهية، عندما بلغت القلوب الحناجر وأيقنوا أن عاصمتهم آيلةً للسقوط؟ أين ذهبت تضحيات علي عبد المغني مهندس الثورة اليمنية وشهيدها الأول؟
وما الذي حدث للشهيد القيل أحمد عبدربه العواضي أحد قادة فك الحصار على صنعاء وأبرز رموز الثورة اليمنية وشاعرها الفصيح؟ وما الذي جناه كل أولئك من ثمار الثورة بعد نجاحها غير الإقصاء والتهميش والتهم والتشكيك بمواقفهم وتضحياتهم الوطنية ومكانتهم في الأوساط الثورية والنضالية؟
أين ذهبت كل تلك الجهود والتضحيات المادية والبشرية لأبناء إقليم هلال اليمن الخصيب؟ ألِأنهم آمنوا بمبدأ المفاصلة الثورية فإما جمهورية ودولة حقيقية وتغيير جذري وشامل أو الموت دونها تم أقصائهم والتنكر لنضالاتهم في كل مراحل الحكم؟
أين مكاسب كل تلك الثورات، غير إعطاء أبناء الإقليم وظائف في أدنى درجات السلم الوظيفي المدني والعسكري؟ ما الذي يغيض البعض من أبناء بقية الأقاليم عندما يطالب أبناء إقليم هلال اليمن الخصيب بمطالب محقة متمثلة بإدارة إقليمهم مادياً وبشرياً والإستفادة منها ضمن اي نظام اتحادي قادم في الوقت الذي هم فيه في نفس الدرجة من الظلم والحرمان؟
لماذا يمتلك الكل حق المطالبة فيما يريد ووفقاً لما يرى من اقاصي اليمن حتى اقاصية إلا أبناء هذا الإقليم التعس؟ هل عليهم إعلان التمرد على الدولة وحمل السلاح في وجهها ليُلتفت إليهم ؟ ألم يُلتفت إلى صعدة فقط يوم حملت السلاح فُسمع لها وأطلقوا علي تمردهم مظلومية أبناء صعده والتي استُثمرت للوصول إلى قلب العاصمة  صنعاء؟ 
ألم تُصغِ كل القلوب والآذان في الداخل والخارج للقضية الجنوبية ونضالها بمختلف الأساليب والطرق حتى بات ينظر إلى ممثليها طرفاً ثالثاً في معادلة الصراع في اليمن الراهن، فقط حين سُمع صوت السلاح فيما بحت الأصوات قبل ذلك لسنوات دون مجيب؟ 
ألم يتصدر مثقفي إقليم هلال اليمن الخصيب كل القضايا الوطنية ويتبنون المناصرة والدفاع عن كل مظلوم من اليمنيين في شماله وجنوبه وبشتى الوسائل ومن كل المواقع وعبر كل المنصات الجماهيرية والإعلامية؟ فلماذا إذا كل هذا الجحود والنكران من البعض لمطالبهم المشروعة؟ 
وعليه ووفقاً لما تقدم، فعلى كل قيادات هذا الإقليم الاجتماعية والفكرية والعسكرية والمدنية النهوض والمطالبة بالمساواة والعدل لهم ولأبنائهم ولمن انتخبهم كممثلين لهم في كل مفاصل الدولة، حتى يحصلوا على حق الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة على قدم المساواة مع بقية فئات اليمن السياسية والمجتمعية.
 واعلموا انه لن يلتفت أحد لتلك المطالب إلا بصوتٍ مسموع وعملٍ جادٍ وصدق في النوايا وتجرد في الأداء، وثبات دون اهتزاز في المواقف والرؤى. إنها صرخةٌ في زمنٍ صعب ومهيأ لإسترداد الحقوق ونيل المطالب ولن يتكرر في الزمن القريب، لأن الفرص الوطنية لا تعود إلا كل مائة عام مرة.
وما نيل المطالب بالتمني***ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
 وما استعصى على قومِ منالٌ***إذا الإقدام كان لهم ركاب
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص