أصبح الفضاء الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي فضاء للمناكفات والحروب الكلامية، و وسيلة للتفريغ. وكل هذا يضعنا أمام المشاكل الحقيقة التي نعاني منها، وهي فقدان الهوية، ولا أقصد بالهوية هي هوية الأرض والنسب والوطن، كما يطفح بها هذا الفضاء، بل هي فقدان الهوية الإنسانية .
الكثير من المنشورات التي تواجه السلالة والعنصرية، و تقف بوجه المشروع الذي يجب أن نكون قد تخلصنا منه منذ قيام الثورة اليمنية، تقع في فخ خطير يعيد كل ما هو مناطقي وعنصري دون وعي من مناضلي السلالية والعنصرية، نجد من يتحدث باسم عدن والعدنيين والعودة إلى ماضي الجنوب، ونبذ أخوته الشماليين وواقعهم الذي يلعقونه مثلهم وهم في نفس الخندق من الحرب والدمار، ونجد من يعود إلى ماضي التبابعة وملوك سبأ وحمير، والفخر بماضي الأمجاد الذي لا نعرف عنه سوى مجموعة من النقوش، وآثار متبقية، تدل على عظمة هذه الشعوب، في الوقت الذي لم نسأل فيه أنفسنا عن تفاصيل حياة شعوب تلك الممالك التي كانت تحت حكم الملوك الذين نتغنى بهم.
وهناك من يعلي من شأن منطقة يمنية على أخرى، وذكر مآثرهم ومناقبهم، وهناك .. وهناك.. وهم من حيث لا يعلمون، يروجون لكل ما هو مناطقي وعنصري، لقد تجزأت القضايا والمظالم، وتشتتت الأهداف، وضاقت الرؤية، تركنا خط الدفاع الحقيقي الذي يجب أن يصطف أمامه المثقفون أولا، وذهبنا إلى المناكفات الشخصية و المناطقية وهذا إن دل على شيء إنما يدل على الضياع الحقيقي، و غلبة الأحقاد على كل ما هو إنساني وكوني.
كيف سنواجه المشروع السلالي؟ وكيف ستتحد الرؤى والأهداف، وأغلب مثقفو الساحة اليمنية وأقلامها إما تابع لجهة، أو متعصب لفكرة ، أو متغني بأمجاد الماضي يعيد ألقابها و يلصقها على الشخصيات الحاضرة ليغذي مناطق النقص والعجز في شخصيته، والتعثر في بلوغ الأهداف الحقيقة. هل ستوقفون هذا العبث الذي يحمل بذور فنائكم، وقد يأتي يوم لا تجدون فيه أنفسكم.