بعد خمس سنوات من الحرب!

ما قبل 2015، كنت أكتب تحليلات سياسية على المواقع العربية واليمنية وربما نقول صحف إقليمية أيضًا، أحلل فيها عن الوضع في المنطقة برمتها، وغالبيتها كنت أتناول الشأن اليمني، غالبًا ما تلامس توقعاتي الواقع بعد زمن.

ربما كان البعض حينما يقرأها يستغرب وينصدم من تلك السطور التي أكتبها، لكن بعدها بعام أو أعوام تصلني رسائل على بريدي الالكتروني المدون نهاية بعض تلك المقالات التحليلية أو رسائل على الفيس بوك تذكرني بما كتبته وأنها تحققت، ويثني على ما كتبته، ويسأنلي عن قراتي للواقع، والبعض الآخر يعرض عليا أن أكتب مقالًا أيضًا تحليلًا في وسيلته التي يراس تحريرها عن الوضع القائم حينها..

حقيقة كنت أكتب للبعض.. واعتذر لآخرين كثر، بحكم انشغالي أو كنت لا أحب أن أبقى من أولائك المغترين بانفسهم، أو ينتابني نوعا من الرهبة من الشهرة، وقد عرض حينها وقبلها الكثير من القنوات لأكون ضيفًا عليهم للحديث عن الوضع اليمني والعربي عامة، ورفضت الكثير، وكنت أرشح غيري، وكله بسبب الرهبة.

لكن في صبيحة إعلان السعودية تشكيل تحالفًا عربيًا لاستعادة الشرعية في اليمن، أصر عليا الكثير بأن أقبل هذه للمرة للظهور في القنوات والحديث نتيجة لعمق التحليل وصدق التوقعات هكذا قيل لي، ودفع بي كثيرًا، ابرزهم شريكة حياتي، وزملائي في العمل، منهم إسلام حامد ومحمود جمعة وربيع شعبان، وجميعهم مصريين.

قبلت أن يكون أول ظهور لي على القنوات مع أحمد موسى في قناة صدى البلد، ولم أكن أعلم من سيكون معي في الاستديو من الطرف الآخر، وتفاجأت ببليغ المخلافي المتمكن في الحديث نتيجة لممارسته في أحاديثه اليومية في القنوات.

بدأ بليغ المخلافي الذي أصبح الآن مستشارًا إعلاميًا في السفارة اليمنية بالقاهرة، باستعراض بلاغته، وحديثه وتمجيده للتحالف العربي، لكني كنت حينها معترض على صيغة التحالف العربي، وكنت أقرأ بين السطور لواقع يبدو أخطر في القادم.

حقيقة فاجأت أحمد موسى بطرحي، بل صدمته كما قال، وقهقه كثيرًا بليغ المخلافي، حين قلت بأن طبيعة التحالف العربي أو شكل التحالف، سيستفيد منه أطراف معينه، ولن يتم استعادة الشرعية اليمنية في حال استمر هذا التحالف، وقلت أن التحالف يخدم الإخوان المسلمين والانفصاليين والحوثيين.

بعد خمس سنوات ونيف من ذلك، أرسل صديقًا لي مقطع فيديو صغير، يذكرني بتلك المقابلة، ويقول لي لقد تحقق كل كلامك مع أن أحمد موسى كان مصدومًا وبليغ المخلافي كان مستخفًا لقراءتك العميقة، فسارعت لنشر ذلك على صفحتي في الفيس بوك كتأكيد ورسالة إلى من يهمه الأمر، بأهمية أخذ ما نكتبه ونحذر به من القادم، وفي نفس الوقت مطالب لنا نوجهها للمسؤولين، بأهمية العودة إلى مراكز الدراسات الإستراتيجية والتحليلات السياسية والعمل على معطيات ذلك من أجل النجاح في السياسات الخارجية للدول وحرب الوجود القائمة.

من أرسل لي المقطع، طالبني بأن أكتب مقالا تحليلًا وتوقعات لما ستؤول إليه الأوضاع في ليبيا واليمن وسوريا والمنطقة، ففكرت بذلك كثيرًا وأحببت أن أكتب مقالًا عن الوضع في اليمن، لخطورة الأمر هناك، والذي قد يكون نتائج ذلك مستقبلًا مدمرًا للخليج والعرب بشكل كامل.

وسأبدأ من حيث بدأ تحليلي في 27 مارس 2015، مع أحمد موسى، حينما قلت أن طريقة التحالف العربي حينها، سيستغله الإخوان المسلمين لإعادة بناء انهيارهم في مصر، والعودة بتشكيل قوة عسكرية وبدعم قطري وتركي من اليمن، قلت حينها كذلك، لكن مرّ حديثي مرور الكرام ولم يتنبه له أحد سوى صدمة أحمد موسى.

حاليًا يستحيل أن تنتصر اليمن أو التحالف العربي على المشروع الإيراني الأخطر في المنطقة، طالما بات حزب الإصلاح أو الإخوان المسلمين في اليمن شريك التحالف، أو دخلت السعودية في حوار مع المليشيا الحوثية مع عملاء إيران في المنطقة، فإن الحوار مع الحوثيين بداية لوضع الحبل حول عنق السعودية.

فالإخوان المسلمين يعملون لحساب قطر وتركيا والتنظيم الدولي للجماعة، ولم يعيرون اليمن أي اهتمام، وهمهم فقط يعملون على تنفيذ الأجندة المرسومة لهم، ويحاربون التحالف العربي، وفقًا للخطط المرسومة لهم من قبل تركيا والراعي القطري.

الحوثيون يراوغون وينجحون في مراوغاتهم، وهذا المرة مراوغتهم اخطر من كل مراوغة سابقة، لكونهم يعدون لمعركة النهاية للاعتراف الدولي بمشروعيتهم، وقد بدأ ذلك بالفعل من خلال تدخل اكبر هيئة أو مؤسسة إيرانية بدفع الرئيس الإيراني السابق احمدي نجاد، لقيادة هذه الخطة تحت مبررات عدة، وقد يستطيع أن يقنع أو يستعطف السعوديين بذلك، وهو ما لا ارجوه، لأن الوضع اخطر مما يتصوره البعض أو يضن أن ذلك مجرد مبادرة حسن نية لإنهاء الحرب.

على السعودية أن تكون حذرة جدًا في تعاملها مع المليشيا الحوثية الموالية لإيران، وعلى المبادرات التي تقدم، لأنها مدروسة بعناية، بهدف تسليم اليمن لإيران، من أجل استكمال تطويق المملكة العربية السعودية.

لا يجدي إطلاقًا اقناع الحوثيين بأن يبقوا يمنيين خالصين وأن يتخلصوا من إيران، لأن من السهل أن يقبل الحوثيين ذلك علنًا، ويرفض تنفيذه سرًا، ولعل التجارب السابقة في المراوغة الحوثية منذ أن كانوا في كهوف صعدة وأوصلتهم للسيطرة على اليمن، دليل على ما أقول، وربما يصدرون تلك المراوغة على المستوى الدولي.

الحوثيون في الوقت الحالي يحتاجون لمثل ذلك، وإن كانوا مصرين على مبادرتهم التي قدموها، فيومًا ما سيتم التنازل عنها وفقًا لمصالحهم الشخصية، وعيونهم على مستقبل التمدد الإيراني وإسقاط السعودية لتكون تحت الوصاية الإيرانية، وحتى لا يأتي ذلك اليوم.. فالحل العسكري هو الأنسب.. كيف ذلك؟

سأتحدث في مقال قادم..

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص