الانتحار المبكر.. للموهبة الجامعية
الخوف من الموت هو المركب الغريزي الذي يحمي الانسان من الإضرار بحياته ويكبح نفسه المتهورة، فلا يقدم على شيء يدرك أن فيه هلاكه فهو الباعث للتوتر ومن ثم التراجع عن أي قرار يفضي إلى الموت المحقق..
فهل ظاهرة الانتحار خوف من الموت أم شجاعة أراد منها صاحبها التخلص من أعباء أثقلت كاهله واصابت نفسه بالكآبة وحياته بالإحباط؟ فكانت المنقذ الوحيد في نظر صاحبها للتخلص من روحة التي وضعها الله عنده أمانه وتوعد مزهقها بعذاب الجحيم..
ذكر علماء النفس أن الإقدام على الانتحار هو تطور شعوري شجاع أذاب حالة الخوف من الموت عند المنتحر ودفعه للانتحار تحت ضغوطات كثيرة كانت السبب والدافع المجنون لاتخاذ القرار الصعب.
السؤال المذهل، ما هي مبررات انتحار الشباب في اليمن وهل تحققت بفعل حالة الحرب المدمرة وضغوطات الحياة الاقتصادية والأمنية والقهر والكبت وعدم قدرة الانسان على تحمل مسؤولياته تجاه نفسه إن كان شاباً طالباً في الجامعة أو تجاه أسرته إذا ما كان من أصحاب العوائل والأحمال الثقيلة..
هل صانعي الموت التاريخي لليمن واليمنيين هم سبب من أسباب الانتحار أم هم السبب كله، نعم لقد تحققت فيهم أركانه وكمنت ظاهرة الانتحار الجماعي لشباب اليمن بشخصياتهم السلالية العرقية السادية الحاقدة على اليمنيين..
وفروا كل ظروفها الموضوعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية منذ أن حلوا بأرض اليمن بعد أن نصروا الإسلام ونشروه من الصين شرقاً حتى حدود فرنسا غرباً قادة محترفين وجنوداً شجعان.. وصنعوا لقريش ملكاً وممالك تحدث عنها التاريخ بعد أن كانوا هامشاً في تاريخ قبائل الجزيرة العربية الكافرة.
أصيبت اليمن بعدها بمقتل بعد أن نزح إليها أُناس لا تطيب حياتهم ويحلو لهم مذاقها إلا عند رؤية شباب اليمن ورجالها مضرجين بدمائهم في جبهات الجمهورية وعلى تخوم جبهاتهم الغاشمة، شبابها يشنق نفسه على فروع الشجر في الجامعات التي تحولت في زمانهم من مشاعلٍ للعلم والأمل والنور والتخطيط لبناء حياة أفضل ومستقبل أكثر استقراراً وأمانًا ..
إلى مشانق يتخلص الشباب فيها من حياتهم جراء ما أصابهم من الكبت والخوف والقهر والحاجة والاحباط وظروف معيشية أحالت حياتهم إلى جحيم مقيم، جزاءً لهم بعد أن استضافوهم كغرباء على أرض السعيدة المليئة بالخيرات والتفاؤل والأمل وحب الحياة..
كانت جامعة صنعاء عبر تاريخها وبعد ثورة 26 من سبتمبر وانكشاف غمة حكم الكهنوت السلالي العاشق للجهل، المضارع للمرض، والملازم للحقد الدفين، كانت منهلاً عذباً للعلم ومعشقاً كبيراً للباحثين في شتى العلوم، وحديقة غناء للشباب من الجنسين يتبادلون تحت ضلالها العلوم والورد والندى والعشق يظمهم رونق شمس البكور، وتودعهم سويعات الأصيل على أنغام حفيف أوراق الشجر وارفة الهوى والضلال..
أحيلت في عهد أحفاد الظلامة والظلام إلى صحراء قاحلة ترعى فيها الأغنام وبات فيها الطالب هو الشانق والمشنوق متاهةً الشباب تحولت إلى مصنعاً للتجهيل والتجريف والتخويف والانتحار العلمي والفكري والثقافي، بعد أن توزعت فيها شعارات السيادة الغائبة والدين المزيف والتمييز العنصري المقيت والقهر الطبقي المدمر وكل ما يقود إلى هدم اليمن والمعتقد والدولة والدين والانتحار..
كتب طالب الاعلام فيصل فهد المخلافي في صفحته قبل انتحاره "لقد عشت أبحث عني رغم كل الادراك الذي أملك أني لن أجدني، وكنت أعلم أني غير قادرٍ على حمل هذا الثقل...ولكني حملته وتحررت بحمله الى رغبات نادرة وقيود لم أكن لأشعر بها أبدا ً...إن الوعي الظاهري الذي توصلت إليه كان وما يزال كما أعرف هادئا ًوثائرا "...
بوح فلسفيٌ مع الروح مكبوت، مُنع إخراجه للعلن الخوف الحال في أرض صنعاء وفي حاراتها وبين ازقتها الباردة.
كان خبر انتحار الشاب فيصل المخلافي على أحد فروع كلية الهندسة فاجعةً لمحبيه وأهله وكل من قرأ حرفًا من كتاباته وشعره.. موهبة تشنق نفسها في ريعان الصبا..
والحكم على الصحفيين حملة أقلام الرسالة الثقافية والحق المبين بالإعدام ظالم وجائر..
وصرخة الشاب الحديدي المعاق في ساحة الاعدام وغضبات السجون وأنين ساكنيها ستحيل أرض اليمن عليهم ناراً تلظى..
وبراكين تغتلي قابلة للانفجار في وجوهم وسيغرقون بفيض الدماء التي سفكها جنونهم في المدن اليمنية وسفوح وديانها وقراها، حينها لن يعصمهم من غضب الشعب اليمني عاصم وإن غداً لناظره لقريب..
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص