استقر المجتمع الدولي عند معطى وحيد في المعادلة وهي أن الحرب في اليمن طالت أكثر من اللازم، وأنها لا بد من أن تتوقف دون أن يشغل هذا المجتمع نفسه بتفاصيل السلام الذي سينتهي إليه قرار وقف الحرب.
في خطاب المجتمع الدولي يتراجع الجذر السياسي للمشكلة تحت وطأة التشديد على الجانب الانساني، وهذا ما راهنت عليه المليشيات الانقلابية الحوثية حيث استطاعت أن تحوِّل الحرب إلى وسيلة لدفن الوجه السياسي للمشكلة، والناشيء عن انقلابهم على الشرعية الدستورية والتوافق السياسي الوطني بالخيانة والقوة والتآمر مع مشروع خارجي طائفي توسعي.
حديث الرئيس الأمريكي بايدن عن الهدنة في اليمن جاء ضمن حديثه عن إنجازات إدارته في الشرق الأوسط منذ أن جاء إلى البيت الأبيض. الحديث عن الهدنة كمنجز سياسي لدولة عظمى على ذلك النحو جاء معبرا عن تراجع ملموس في الموقف الذي عبر عنه المجتمع الدولي دائما والرافض للانقلابات المليشاوية ودورها في تأسيس أنظمة غاشمة، فوضوية ومستقطبة ضمن مشاريع تهدد النظام السياسي العالمي، وما يمكن أن يتمخض عن ذلك من حروب وصراعات واستقطابات اقليمية وقارية وعالمية.
إن ما يجب أن يسمعه الرئيس بايدن بشأن قضية اليمن ما يلي:
1- إن اليمن بلد عريق، ذا تاريخ يطاول في حضارته وعمرانه ودولته أكثر دول الأرض عراقة، وهو وإن تعرض لهذا القدر أو ذاك من التهميش، لأسباب يطول ذكرها هنا، فإنه يختزن قوة هائلة من مكامن التطور التي تحتاج إلى دولة ونظام سياسي كفؤ يستطيع أن يستخلص من كوارث الماضي مسارا وطنيا يحقق له التقدم والازدهار والتفوق. ولذلك فإن الحل يجب أن يستند إلى هذه الحقيقة.
2- إن اليمن لا يحتاج إلى حلول جاهزة بمعايير “إنسانية” فقط، ما لم ترتِّب هذه الحلول سلاما مستداما يمكِّن اليمنيين من التوافق على بناء دولتهم ونظامهم السياسي الديمقراطي الذي يمنح الناس حق تقرير خياراتهم السياسية.
3- إن اليمنيين هم أكثر قدرة على التعبير عن قضيتهم إذا أرادت الولايات المتحدة والمجتمع الدولي أن يسهما بفعالية في إنهاء الصراع في اليمن على النحو الذي يمنع الحروب ويحقق الأمن والسلام للشعب اليمني.
4- إذا كانت قضية السلام في اليمن فعلا ضمن اهتمامات الرئيس بايدن، وهذا ما لا نشك فيه لأسباب تتعلق بعلاقة ذلك بأمن الإقليم كله، فلا بد أن تتسع طاولة الحوار حول قضايا الإقليم لليمن أيضا ، وسيكون صوت اليمن إلى جانب صوت الحلفاء الأشقاء معبرا وذا قيمة في تأكيد الترابط الوثيق والمنهجي المقاوم للمشاريع التي لا تريد الخير للمنطقة.
من صفحة الكاتب على “فيسبوك”