. في زمن الحرب، تحضر البندقية وتغيب الديمقراطية، يحضر الرأي الواحد ويغيب الرأي اﻵخر. ولكن في مديرية الصلو في محافظة تعز في اليمن، تم تسجيل تجربة مشرفة، إذ حدث أمرٌ معاكس، ويدعو إلى اﻹعجاب والتقدير.
كان على منظمة تمدين شباب برعاية وزارة الصحة والسكان، وبتمويل من مكتب اﻷمم المتحدة للشؤون اﻹنسانية، اختيار لجنة مجتمعية تمثل قرى مختلفة، مهمتها عملية مسح للقرى، بهدف تحديد الفئات المستهدفة من عملياتها اﻹنسانية التي تتركز بجوانب اﻻهتمام بالنظافة والبيئة ودعم تغذية اﻷطفال الرضع وسوء التغذية عند عموم اﻷطفال، وكذلك الفئات التي ليس لها معيل.
احتشد الناس من قرى مختلفة، رجاﻻً ونساءً، وكان الحشد ﻻ يقل عن الحشود التي تتم في اﻻنتخابات المحلية أو البرلمانية، ثم تمّ وضع قائمة للمرشحين، وكان الحماس كبيراً، وكذلك التنافس بين المرشحين.
كان اﻻختيار على أساس غالبية اﻷصوات، وبطريقة حرّة ومباشرة، وداخل ساحة مدرسة المثنى بن حارثة، جرت عملية اﻻنتخاب واختيار أعضاء اللجنة، ثﻼثةً من الذكور وعنصرين من النساء. كان اﻻرتياح الكبير بادياً على أعضاء اللجنة التي جاءت من خارج المديرية لﻺشراف على هذه العملية الديمقراطية، وكان اﻻرتياح أكبر بترشيح عنصرين من أعضاء اللجنة المنتخبة من النساء حسب ما هو مطلوب.
كان اﻻختيار موفقاً وضم مندوبين عن القرى المختلفة، فالحماس والتنافس جعﻼ العملية تمر بأحسن ما يكون عليه التنافس الديمقراطي. كنت أحد الحاضرين، وكان المشهد جميﻼً، ويذكرني بأيام خلت في مديرية الصلو التي تتم فيها اﻻنتخابات بدون وصاية شيخ أو متنفذ، وتمرّ بسﻼسة أفضل من مديريات كثيرة.
تعيش مديرية الصلو في بعض مناطقها حربا ضروسا بين الجيش الوطني والمليشيات اﻻنقﻼبية، وتصل قذائف المليشيات إلى مناطقنا، وعلى الرغم من ذلك، خرج الناس بقوة في عملية ديمقراطية، تؤكد أنّ اليمنيين شعب يستطيع أن يختار من يمثله ما دام الوعي موجودا حتى في ظل وجود السﻼح، وهذا الوعي هو الحصانة الحقيقية ضد اﻻحتراب ولغة العنف.
هي تحية لكل من شارك في هذه العملية الجميلة، وبث في قلوبنا وحياتنا روح اﻷمل بتجاوز مأساة الحرب التي أشعلتها عقلياتٌ ﻻ تؤمن سوى بقوة السﻼح طريقاً لوصولها إلى السلطة.
ديموقراطية في زمن الحرب ..
2017/07/22 - الساعة 07:11 مساءاً
إضافة تعليق