لن نسكت طويلًا يا “انتهازيي” الشرعية

لا يعني بالضرورة دفاعنا عن الشرعية سكوتنا عن فسادها وإفسادها وفشلها وعجزها المخزي، وإنما يعني أننا نراقب عن كثب كل ما تقوم به هذه الشرعية وكل شخوصها الذين رمت بهم الصدفة التاريخية لأن تمثلنا في مثل هذه المرحلة الأسوأ في تاريخ اليمن المعاصر، هذه النكبة التي كانت نتاج طبيعي لشخوص هذه الشرعية وانتهازيها وجبنها ولصوصيتها مذ كانت هي جزء من نظام صالح البائد.

 

حالة العجز والفشل الكبير التي تعانيه شرعيتنا ليست نتاج غياب الإمكانيات وإنما هي نتاج طبيعي للصوصية والانتهازية التي يتعاطى بها بعض هؤلاء القوم مع كل ما يتعلق بهذه اللحظة وتصرفهم حيالها ليسوا كمسؤولي دولة في مرحلة مفصلية وحساسة وعصيبة، قدم اليمنيون فيها قرابين الضحايا من الشهداء والجرحى والدمار الشيء الكثير، مما يتطلب إزاء ذلك، إخراج أنبل ما في النفس من تضحية وإثار ممن يفترض أنهم في مقدمة صفوف المسؤولية والواجب الوطني المقدس.

لكن للأسف، يتعاطى هؤلاء المسؤولون مع هذه اللحظة بعقلية الانتهازي الفرص، الذي يرى أنها فرصة للإثراء وجمع المال، والاستئثار بالامتيازات التي قدمها الأخوة في المملكة العربية السعودية، لهذه السلطة المنفية لمساعدتها على مواجهة هذه المحنة وهي امتيازات ليست لشخوص هؤلاء المسؤولين وإنما لمواقعهم الإدارية في إطار السلطة الشرعية المعترف بها كممثل شرعي لليمن أمام العالم.

ما تردنا من معلومات عن ممارسات بالأسماء والأرقام، عن معظم هؤلاء المسؤولين تثير الرثاء والاشفاق معا، عن المستوى الذي وصل له هؤلاء الناس، من سقوط أخلاقي وإنساني قيمي مريع، حيث، هذا السقوط هو جزء رئيسي من حالة الارتباك الذي تعانيه الشرعية نفسها والتحالف العربي، نظرًا لحالة الفشل الكبير فيما يتعلق بالمناطق المحررة وسير المعارك في المناطق التي في طريقها للتحرير.

المقاومة والأبطال، يقدمون أرواحهم رخيصة الثمن في سبيل استعادة الوطن ودولته وجمهوريته، فيما يبحث مسؤلينا الذين يفترض أن يكونوا قدوة في التضحية ولو بإنقاص بعض مستلزمات موائدهم الدسمة وسفرياتهم وأسرهم وفواتير علاجاتهم الخيالية التي قد تغطي الفاتورة الوحدة منها على تكاليف مئة جريح تعفنت جراحهم، عدا عن استحواذهم على مخصصات مؤسسات أسمية يعتلونها وهي عبارة عن مسميات لا وجود لها على أرض الواقع، ويتم تقاسم هذه المساعدات التي يمنحها الأخوة في المملكة كميزانية تشغيلية لهذه المؤسسات، التي ليس لها أي صدى أو دور على أرض الواقع.

لم تتوقف المهزلة هنا، بل يتم توظيف الأبناء والأصهار والأهل في هذه المؤسسات بكل بجاحه وقلة حياء، لم نشهد له مثيل، وفي وضع مزري كهذا ثار الناس وضحوا من أحل إرساء تقاليد فيها ولو القليل من المسؤولية والشفافية، بل الكارثة أن تأتي هذه الممارسات والجميع مشردون في المنافي والشتات، ويدعم الأخوة الداعمون من أجل معركة استعادة اليمن والعودة إليها لا للاستقرار في المنافي والارتزاق تحت لافتة هذا الوضع ومأسيه.

قمة الانحطاط التي وصلت لها بعض شخوص الشرعية في هذه الاتجاه لا تقل حقارة ونذالة عما يقوم به الانقلابيون في صنعاء من نهب وسرقة مؤسسات الدولة والعبث بها وبمقدراتها، الفارق الوحيد أن هذا لص مليشوي انقلابي وهذا لص شرعي، فقط.

صبرنا كثيرًا، وسكتنا عن مثل هذه الممارسات التي باتت حديث الشارع، وباتت تمثل المصدر الكبير للفشل في استعادة الدولة ودحر الانقلاب، ولا يعني أننا ممكن أن نغض الطرف عن هذا الوباء القذر الذي ينهش كرامتنا وشرعيتنا التي تمثلنا أمام العالم بمثل هذه الشخوص التي سيسجل التاريخ أنها كانت أشد خطرًا على اليمن من الانقلابين أنفسهم، لكونها في مكان يتطلب أن يكون من فيه يمتلك قيم ومواصفات لا تمت لعالم اللصوصية والانتهازية بصلة أنما قيم التضحية والإثار ومواصفات رجال الدولة الحقيقيون الذين يحضرون في مثل هذه المحطات الفارقة لانتشال أوطانهم من السقوط والضياع والاندثار.

قد يقول قائل ليس من المناسب في مثل هذا التوقيت الحديث عن فساد رجال الشرعية وعجزهم وانتهازيتهم، ولكني هنا أقول مثل هذه التبريرات لم يعد السكوت حيالها من المنطق والوطنية والواجب بحالة من الأحوال، فما لدينا من معلومات وشكاوي وبلاوي بعض هؤلاء المسؤولين باتت تؤرقنا كثيرًا كونها سببًا رئيسيًا وجوهريا في حالة العجز والفشل الذي يحيط بنا وبالوطن ومعركة استعادته من كل جهة.

وأعتقد أنني هنا، حرصت كثيرًا على عدم الحديث بالأسماء والقضايا التي تصلنا، لعلمي جيدًا أن كل واحد من هؤلاء الأشخاص يعرف نفسه جيدًا ويعرف ما يقوم به ويمارسه من انتهازية مستغلًا موقعه ومكانته التي هو فيها، ولكن لا يعني هذا بحال، أننا في المرات القادمة، لن نذكر كل بإسمه وصفته وجرمه الذي ارتكبه، من أكبر مسؤول أو قريب لمسؤول إلى أصغر سمسار فيما يتم من لصوصية مخزية تمارس وترتكب باسم الوطن وشرعيته.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص