بين يدي جشعهم (1)
حين يتخلى ملائكة الرحمة عن إنسانيتهم ،يصبح الطب تجارة ،ربحٌ و حسب وتفتح بنايات سكنية تحت مسمى مشافي، لتبدأ بعدها جرائم الإهمال، التقصير، و اللامبالاة ، وينتهي تقصيرهم و إهمالهم بالنصح والإرشاد لك كضحية ،بأن ما حدث قضاء و قدر ،فسلم بقدرك وقل الحمدلله ،و لا تتعب نفسك عناء مسائلتهم القانونية ،فالنهاية معروفة في بلد لم يعد،فيه دولة و لا قانون ،بلد صرنا فيه تحت حقارة الإبتزاز ووطأة الإستغلال والجشع ، لتكون مطالبتك بعدها بتقبل إهمالهم و تقصيرهم كقضاء وقدر هي الجريمة الثانية في حقك كضحية ، ولتدور تلك الجريمة ككإس وجع مقدر ومكتوب أن يشربها كل من تسوقه أقداره العاثرة لأيديهم الملطخة بالدم المبرر بمهنة الطب ، والمسكوت عنه بحجة التسليم بالقضاء و القدر . حين كنت بين يدي جشعهم ، و حياتي و طفلي بين خطأ وصواب مشارط فقدت قدسيتها الحقيقية كانوا يخدروني موضعياً رغم رفضي لذلك ،لكنها لاحقاً كانت حسنتهم الوحيدة في ذلك اليوم المشؤم، فلولا ذلك ما كنتُ رأيت صغيري قط قبل أن يفارق الحياة ، بدأو بشق بطني وهم يتذمرون من عوائد الإستدعاء الزهيدة المقررة من إدارة المستشفى ، و يتوعدون بأنهم لن يلبوا أي إستدعاء لا يقارب المئة ألف ريال ، مع أن الإستدعاء الوحيد الذي يستحقه أولئك الزبانية هو إستدعاء النيابة لا أكثر ،كانت دقائق حتى سمعت صوت ولدي للمرة الأولى و الأخيرة للأسف ، بكى كعادتنا حين نأتي لهذا العالم الموحش ، و تناولته إحدى أيادي الشر والإهمال وهنّ كثر في ذلك اليوم الأسود ، دقائق أخرى انتهت العملية لكنها مهلاً لم تنتهي فقد نست الطبيبة شيئاً ما و عاودت فتح العملية ثانية كانت تضحك وتخبر زميلها بذلك، ظناً منها أني لم أفهم ما حدث بعد، و ما تقوله بتذاكي حقير ،ليفاجئها زميلها بأني اعرف بما حدث ليعاودا الضحك و الحديث عن أجور الإستدعاء المختلفة من مشفى لآخر ، كنتُ قلقة جداً ورجوتها ألا تفتح العملية ثانيةً ، طمأنتني "لا تخافي يا ماما "كان هناك من يخبرها بمقترح آخر منهياً مقترحه بعباره هي مخدرة ما "بتحس ولا بتدرى" و كأن الأمر سيبقى كذلك و للأبد . مرعب حقيقةً أن تكون وحيداً و مشلولاً بيد أطباء يرتجلون المهنة إرتجالا ، سيتسأل البعض كيف ساقتني الأقدار إليهم ،لكنها كانت نصيحة من طبيب معروف و ثقة ،رفض رفضاً باتاً إن يجري لي العملية في مستشفى الجمهوري بذريعة أن لا أصاب بصدمة حضارية حد قوله، كوني انجبت طفلتي الأولى بمشفا محترم و معروف، فأشار علي بهذا المشفا وأثنى عليه و على تجهيزاته وكادره كثيراً ، لأكتشف لاحقاً بأني القيصرية الأولى في المشفى الإستثماري الجديد.... للجريمة بقية * كاتبة وصحفية يمنية
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص