مع ظهور الحركات والتيارات الوطنية " أقيال" الداعية إلى نبش زوايا تاريخ اليمن المهجورة والعمل على إحياء الهوية اليمنية وتعافيها، أصيب السلاليون بالصرع جراء ارتفاع أصواتها وانتشار معانيها عبر الكتابات والفعاليات والانشطة ووسائل التواصل الاجتماعي وتبنيها من قبل كبار قادة الفكر والسياسة اليمنية كتاباً وصحفيين وأكاديميين وشباب في مختلف التخصصات.
فباتت تقض مضاجع الكهنة وتحفر تحت أقدام كل واحدٍ منهم حفرة تهدد كيانه، حتى ظهر السلالي محمد العماد صاحب قناة الهوية يعبر عن مشاعرهم المخبوءة بوضوح، يلوك لسانه ويصرخ ويفرك يده ويتحسس مؤخرة رأسه، مسيئاً في تسجيلٍ له لكل اليمنيين ساسة ومشايخ وصحفيين وكتاب وجيش بأنهم ليسوا برجال بسبب الدعوات الحميرية والقحطانية التي تبنوها، وبأن اليمن تاريخيا ليست أرضهم، منكراً أنهم ليسوا الدخلاء ونقائل قدموا من ارض الديلم وأنهم هم أصل اليمن وسكانه!!.
وما يثير الشفقة عليه والعجب من سطحيته أنه ينسب اليمنيين الحميريين لأبناء عمومته بنو إسرائيل لأن ديانتهم كانت اليهودية في الوقت الذي كان فيه أباءه يعبدون الأصنام ثم يلتهموها انعتاقاً جراء الفاقة، فمتى كانت الديانة يا محمد العماد هوية تنسب إليها الشعوب؟ ولقد جهلت يا حج محمد بحقيقة أن بني اسرائيل هم ابناء عمومتكم وبأنهم أي مدعيي الهاشمية من نسل إسماعيل أخو يعقوب اسرائيل بن ابراهيم عليه السلام وأن عرقكم واحد وليس لكليكما صلة كيهود بالقحطانية والحميرية وأرضهم.
تباً للجهل لقد كشفهم الزمان وعرى دعواهم وخابت مقولتهم نحن مصابيح الهدى من اتبعنا فقد اهتدى ومن خالفنا فقد ضل وغوى" وبان زيفها اليوم إذ لم يعد "للقطرنة" مكان في أرض اليمن بعد أن داس اليمنيون خرافاتهم وأطلوا على الدنيا ورأوا شموسها تغمر الآفاق.
كما يسوؤهم معرفة أن اليمنيين من قبل مقدمهم بقرون عاشوا حياة عز وملك ونظام زينته الحضارة حتى نزلت الرسالة المحمدية آمنوا بها طواعيةً، وحملوا رماحهم جهاداً وفتوحات نشراً للعدل وتثبيتاً للسلام، انتشرت قبورهم ودورهم وآثارهم أينما اتجه الرائي في مشارق العالم ومغاربه، معالم صدق يراها شاخصة أمامه، نقلوا معهم تجاربهم في حركتهم التاريخية الانسانية قبل الإسلام وبعده أينما حلوا أو ارتحلوا عاشوا وتعايشوا، وما إن دخلت عليهم بذور فتنة السلالية والإمامة في نهاية القرن الثالث الهجري حتى فُرِضتْ على الناس حياة الكهنوت والبدع وتقديس البشر وتدمير شامل لكل بناء وأثر جميل، وروح تعشق الحياة وتهفو للكرامة، فلوحظ بعدها على اليمنيين البؤس وحياة الشقاء حتى بكاهم الزبيري قائلاً.
ماذا دهى قحطان؟ في نظراتهم بؤسٌ وفي كلماتهم آلامُ
جهل وأمراض وظلم فادح ومخافة ومجاعة وإمامُ
من تلك اللحظة بدأت آلات سحق النفسية اليمنية وإحراق الكتب التاريخية وسجلاته وتجريم كُتَّابها فضل اليمني مكبل الفكر، يرزح بتفوق تحت وطأة نظام ثيوقراطي فوضوي لم يمكنه من أي حق، ولم يسمح له إلا بالتمتمة بعبارات فروض السمع والطاعة وأن لا يتغنى الواحد منهم إلا بالحروب الدامية والتفاخر بالنهب للمُزارع الفقير وحُرِّم عليه إعمال العقل والتفكير في قضاياه العامة والخاصة ماضيها وحاضرها.
ومن تجرأ على ذلك حوربَ قُتل وعُذِب، وارتكاب عبدالله بن حمزه جريمة ابادة المطرفية التيار الهادوي العقلاني خير شاهد على ذلك ودليل، حيث تعرضوا للإبادة والمحو لكل منتجهم الفكري بشكل مُمنهج في القرنين الخامس والسادس الهجريين، فقتل الرجال واستبى النساء المسلمات واستحلوا فروجهن بسبب تجويزهم للإمامة في غير آل البيت الأمر الذي اعتبره المتوردون اعتداء على شرف النسب الهاشمي الدعوة الخرافية التي أنكرتها السنة وخلَت منها سور الكتاب.
مؤكدين ما ذهب اليه الدكتور عبدالله الشماحي في معرض حديثة لشباب اليمن في كولالمبور أن مذهبهم الهادوي هو عبارة عن فقاسة للإرهاب التاريخي الذي يجب ضربه كمصنع ومحاربة المنتج في كل اتجاه. وما أورده الدكتور علي محمد زيد في كتابة القيّم "تيارات معتزلة اليمن في القرن السادس الهجري" عن الكارثة وملاحقة نشوان بن سعيد الحميري الذي ينتهي نسبه إِلى القيل حسان بن مرثد الحميري الذي افتخر بحميريته وبسببها وبسبب علمه ونكرانه لحصر الولاية في البطنين هجوه شعراً ونثراً في عهد الامام أحمد بن سليمان، وحكموا بكفره، وأفتوا بقتله غيضاً من سمو مكانته وكريم نسبة.
فالمتوردون لا يحبون اليمن كما ذكر لسان حالها الشهيد محمد محمود الزبيري رحمه الله قائلاً " إنهم لا يحبون هذه البلاد ولا يزدهيهم تاريخها بل إن كلمة اليمن والوطن وسبأ وحمير وقحطان وغيرها من الكلمات إذا جاءت في معرض التمجيد والاعتزاز باليمن أثارت فيهم أمارات الغضب والامتعاض والتشنج الشديد" ملخصاً حالتهم الكاتب الرائع يحيى الثلايا في مقولته "الشرير منهم شجاع يلعنها بصراحة والمؤدب يطعنها بلؤم جبان"
يهودية العماد.... وحمير كعرقٍ وحضارة..
2019/02/24 - الساعة 10:09 صباحاً
إضافة تعليق