تكاليف الحب سهلة وغير مُكلفة، ويكفي أن يكون قلبك نظيفاً بلا أحقاد، وتنفق قليلاً من الوقت والجهد والمال في سبيل جعل الآخرين من حولك سعداء ومبسوطين..
والحياة حلوة على عكس الكراهية فإنها عالية الكُلفة وتتطلب أموراً صعبة كأن تمرن لسانك على الكذب، وأن تجعل من قلبك مكباً لكل النفايات والأحقاد، وتنفق الكثير من الجهد والمال والوقت في سبيل جعل الآخرين من حولك تعساء وبؤساء.
الكراهية تتطلب أسلحة فتاكة لتفوز، وتتطلب الخداع لتستمر، وتحتاج إلى طاقة هائلة من الكذب وتزييف الحقائق لحشد مشاعر الناس إليها، بينما لا يحتاج الحب لجذب مشاعر الناس إليه غير أن يكون هناك صدق ونُبل في المقاصد والغايات، وشوية إمكانيات لإيصال تلك الرسائل الخلاقة إلى قلوب الناس، وهي أشياء بسيطة وكافية لأن تحرك سلوك المجتمعات تجاه الخير ونبذ الشر.
الخير والشر في الدنيا مهارتان لزيمتان منذ الأزل عموماً ومرتبطتان على الدوام بالحب والكُره، ويمكن لأحدهما في أي وقت من الأوقات أن يغلب الآخر ذلك عندما تكون هناك ثقافة تغذي إحداهما ضد الآخر وشيطنة كل من يقوم به ما نشاهده اليوم من وقائع وأحداث متكاثرة تثير الكراهية بين الأديان والأمم والشعوب والمِلل المختلفة في العالم هو في الأول والأخير حصاد لثمار ثقافة الكراهية، ولا يمكن لك في يوم من الأيام أن تزرع ألغاما في الطريق وتتوقع ان تجني الورود.
وأينما كان هناك حب واحترام لحق الآخرين في العيش الكريم يكون هناك دائما مجتمع خلاق وأفكار جميلة، ويسري بين الناس سلوك حسن، وتصير الحياة هانئة وسعيدة، وأينما كان هناك كراهية وأحقاد يكون هناك على الدوام مجتمع متباغض وأفكار هدامة ويسري بين الناس سلوك الكذب والاحتيال، وتصير الحياة مجرد فرصة يومية لتصدير الموت بتكاليف باهظة وتحت دواع عدة اقلها الاختلاف في الرأي وفي اللون وفي المعتقد، وهي أشياء تجعل من الإنسان على كل حال وحشا ضارا ويتوقع منه فعل أي جُرم.
أصبحنا اليوم، مع الأسف، أمام حالة متضافرة من الكراهية التي تتسيد الخطاب العدائي ضد الآخر المختلف أيا كان شكل ذلك الاختلاف دينيا أو عرقيا أو فكريا، وما ذنب الأبرياء الذين يتم تقتيلهم داخل الجوامع أو في شوارع تلك البلدان الغربية لمجرد أنهم مسلمون أو من بلاد إسلامية؟ والسؤال ذاته يتكرر أيضا عندما نسأل: وما ذنب أولئك الأبرياء الذين يتم قتلهم وتفجيرهم في البلدان الإسلامية لمجرد أنهم من بلدان مسيحية أو لهم أصول يهودية؟ وما ذنب أولئك الذين يتم نسف تجمعاتهم الآمنة ومراكز أنشطتهم الحيوية بأحزمة ناسفة لمجرد أنهم يمارسون طقوسهم المعتادة؟